الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الثالثة : أول من صنف الصحيح البخاري أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي مولاهم . وتلاه أبو الحسين مسلم بن الحجاج [ ص: 18 ] النيسابوري القشيري من أنفسهم . ومسلم - مع أنه أخذ عن البخاري واستفاد منه - يشاركه في أكثر شيوخه .

وكتاباهما أصح الكتب بعد كتاب الله العزيز . وأما ما روينا عن الشافعي رضي الله عنه من أنه قال : " ما أعلم في الأرض كتابا في العلم أكثر صوابا من كتاب مالك " ، ومنهم من رواه بغير هذا اللفظ ، فإنما قال ذلك قبل وجود كتابي البخاري ومسلم .

ثم إن كتاب البخاري أصح الكتابين صحيحا ، وأكثرهما فوائد .

وأما ما رويناه عن أبي علي الحافظ النيسابوري أستاذ الحاكم أبي [ ص: 19 ] عبد الله الحافظ من أنه قال : " ما تحت أديم السماء كتاب أصح من كتاب مسلم بن الحجاج " ، فهذا وقول من فضل من شيوخ المغرب كتاب مسلم على كتاب البخاري ، إن كان المراد به أن كتاب مسلم يترجح بأنه لم يمازجه غير الصحيح ، فإنه ليس فيه بعد خطبته إلا الحديث الصحيح مسرودا ، غير ممزوج بمثل ما في كتاب البخاري في تراجم أبوابه من الأشياء التي لم يسندها على الوصف المشروط في الصحيح ، فهذا لا بأس به . وليس يلزم منه أن كتاب مسلم أرجح فيما يرجع إلى نفس الصحيح على كتاب البخاري . وإن كان المراد به أن كتاب مسلم أصح صحيحا ، فهذا مردود على من يقوله . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية