الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 339 ] 59 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المراد بقوله تعالى : ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه وفي قوله : واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه

367 - حدثنا أبو أمية ، حدثنا أحمد بن المفضل الحفري ، حدثنا أسباط بن نصر ، عن السدي ، عن أبي الكنود ، عن خباب : ولا تطرد الذين يدعون ربهم الآية ، قال : { جاء الأقرع بن حابس ، وعيينة بن حصن فوجدوا النبي صلى الله عليه وسلم مع بلال وعمار وصهيب وخباب في أناس من الضعفاء من المؤمنين ، فلما رأوهم حوله حقروهم فأتوه فخلوا به ، فقالوا له : إنا نحب أن تجعل لنا منك مجلسا تعرف لنا به العرب فضلنا ، وإن وفود العرب تأتيك فنستحيي أن ترانا قعودا مع هذه الأعبد ، فإذا نحن جئناك فأقمهم عنا ، فإذا نحن فرغنا فاقعد معهم إن شئت ، قال : نعم ، قالوا : فاكتب لنا عليك كتابا ، فدعا بالصحيفة ليكتب لهم ، ودعا عليا ليكتب ، فلما أراد ذلك ونحن قعود في ناحية نزل جبريل عليه السلام فقال : [ ص: 340 ] ولا تطرد الذين يدعون ربهم الآية ، ثم ذكر الأقرع وصاحبه فقال : وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء الآية ، ثم ذكر فقال : وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا إلى الرحمة فرمى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصحيفة ، ودعانا فأتيناه ، وهو يقول : سلام عليكم ، فدنونا منه ، فوضعنا ركبنا على ركبته ، فكان إذا أراد أن يقوم قام وتركنا فأنزل الله تعالى : واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم الآية ، يقول : مجالس الأشراف ، ولا تطع من أغفلنا قلبه الآية ، أما الذي أغفل قلبه فهو عيينة والأقرع ، وأما فرطا فهلاكا ، ثم ضرب لهم مثل رجلين ، ومثل الحياة الدنيا ، { فكنا بعد ذلك نقعد مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا بلغنا الساعة التي يقوم فيها قمنا ، وتركناه حتى يقوم ، وإلا صبر أبدا حتى نقوم } .

[ ص: 341 ] فتأملنا ما في هذا الحديث من ذكر القوم الذين كان سؤال الأقرع وعيينة فيهم ما سألا ، وفيما أنزل من أجل ذلك من قوله : ولا تطرد الذين الآية ، ومن قوله : واصبر نفسك الآية ، هل هما خاصتان في النفر المذكورين في هذا الحديث ، أم هما على من هو من أهل الصفة المذكورة فيهما ، منهم هؤلاء النفر المذكورون في هذا الحديث .

فوجدنا يزيد بن سنان ، قد حدثنا قال : حدثنا سعيد بن أبي مريم ، أخبرنا يحيى بن أيوب ، أخبرني ابن عجلان ، عن نافع ، أخبرني ابن عمر في هذه الآية : واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه أنهم الذين شهدوا الصلوات المكتوبات .

وحدثنا إبراهيم بن مرزوق ، حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ ، حدثنا سعيد بن أبي أيوب ، عن محمد بن عجلان ، فذكر بإسناده مثله .

فعقلنا أن المرادين في الآيتين اللتين تلونا أنهم الذين يشهدون [ ص: 342 ] الصلوات المكتوبات ، وأنهما ليستا بخاصتين للنفر المذكورين في حديث خباب دون من سواهم من الناس ، وأنهما على النفر الموصوفين في حديث ابن عمر ، وأن منهم النفر المذكورين في حديث خباب وأمثالهم ممن كان يشهد ما يشهدون من الصلوات الخمس .

التالي السابق


الخدمات العلمية