الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              746 [ ص: 378 ] (باب ما يقال في الركوع والسجود )

                                                                                                                              ومثله في النووي .

                                                                                                                              (حديث الباب )

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 201 ج 4 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن أبي الضحى، ، عن مسروق، ، عن عائشة ؛ قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: "سبحانك اللهم! ربنا وبحمدك. اللهم! اغفر لي" يتأول القرآن .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن عائشة، ) رضي الله عنها: (قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: "سبحانك اللهم ! ربنا وبحمدك. اللهم ! اغفر لي" ) .

                                                                                                                              وفي الرواية الأخرى: "أستغفرك وأتوب إليك". وكان صلى الله عليه وسلم، يقول هذا الكلام البديع في الجزالة، المستوفي ما أمر به في الآية.

                                                                                                                              وكان يأتي به في الركوع، والسجود. لأن حالة الصلاة أفضل من غيرها.

                                                                                                                              [ ص: 379 ] فكان يختارها؛ لأداء هذا الواجب الذي أمر به ليكون أكمل. ومعنى "سبحانك": براءة، وتنزيها، لك من كل نقص وصفة للمحدث.

                                                                                                                              ومعنى "بحمدك": سبحتك بتوفيقك لي، وهدايتك، وفضلك علي، سبحتك لا بحولي وقوتي..

                                                                                                                              "وفيه" شكر "الله" على هذه النعمة، والاعتراف بها؛ والتفويض إلى الله تعالى، وأن كل الأفعال له.

                                                                                                                              وفي قوله في الرواية الأخرى المذكورة، حجة على جواز، بل على استحباب أن يقول: أستغفرك، وأتوب إليك.

                                                                                                                              وحكي عن بعض السلف كراهته، لئلا يكون كاذبا. قال: بل يقول: اللهم اغفر لي وتب علي. وهذا حسن لا شك فيه. وأما كراهة ما سبق، فلا يوافق عليها.

                                                                                                                              وقد ذكر النووي المسألة هذه بدلائلها، في: "باب الاستغفار من كتاب الأذكار".

                                                                                                                              وأما استغفاره صلى الله عليه وسلم؛ وقوله: اللهم ! اغفر لي. مع أنه مغفور له؛ فهو من باب العبودية والإذعان، والافتقار إلى الله تعالى.

                                                                                                                              (يتأول القرآن ) . أي يعمل ما أمر به، في قول الله عز وجل:

                                                                                                                              [ ص: 380 ] فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا . وفي رواية أخرى عنها، قالت: (افتقدت النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، ظننت أنه ذهب إلى بعض نسائه، فتحسست، ثم رجعت، فإذا هو راكع- أو ساجد- يقول: "سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت". فقلت: بأبي أنت وأمي ! إني لفي شأن، وإنك لفي آخر ) .

                                                                                                                              قال في "السيل الجرار": وتسبيح الركوع، والسجود، سنة متواترة؛ من فعله صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                              والتسبيح المشروع، هو: (سبحان ربي العظيم ) في الركوع. و (سبحان ربي الأعلى ) في السجود.

                                                                                                                              وأقل ما يفعله المصلي من ذلك، ثلاث تسبيحات في الركوع، وثلاث تسبيحات في السجود؛ ويختمها بقوله: (سبحانك اللهم ) إلخ.

                                                                                                                              وإنه ) يقول المصلي: وبحمده فيهما، جاء من طرق ضعيفة. فالاقتصار على ما ذكرنا هو الأولى.

                                                                                                                              قال: وقد وردت الأحاديث الصحيحة، في الأدعية، التي تقال في الركوع، والسجود، والاعتدال من الركوع، والاعتدال بين السجدتين.

                                                                                                                              وهي ثابتة ثبوتا متواترا.

                                                                                                                              [ ص: 381 ] ومن منع من الأدعية في الصلاة، فقد خالف السنة، مخالفة ظاهرة.

                                                                                                                              فإن مجموع ما ورد من الأدعية في الصلاة، لا يفي به إلا مؤلف مستقل.

                                                                                                                              ولكن هجر كتب السنة المطهرة، يوقع في مثل هذا. انتهى.




                                                                                                                              الخدمات العلمية