الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ غمم ]

                                                          غمم : الغم : واحد الغموم . والغم والغمة : الكرب ؛ الأخيرة عن اللحياني ؛ قال العجاج :


                                                          بل لو شهدت الناس إذ تكموا بغمة لو لم تفرج غموا



                                                          تكموا أي غطوا بالغم ؛ وقال الآخر :


                                                          لا تحسبن أن يدي في غمه     في قعر نحي أستثير حمه



                                                          والغماء : كالغم . وقد غمه الأمر يغمه غما فاغتم وانغم ؛ حكاها سيبويه بعد اغتم ، قال : وهي عربية .

                                                          ويقال : ما أغمك إلي وما أغمك لي وما أغمك علي . وإنه لفي غمة من أمره أي لبس ولم يهتد له . وأمره عليه غمة أي لبس . وفي التنزيل العزيز : ثم لا يكن أمركم عليكم غمة قال أبو عبيد : مجازها ظلمة وضيق وهم ، وقيل أي مغطى مستورا . والغمى : الشديدة من شدائد الدهر ؛ قال ابن مقبل :


                                                          خروج من الغمى إذا صك صكة     بدا والعيون المستكفة تلمح



                                                          وأمر غمة أي مبهم ملتبس ؛ ؛ قال طرفة :


                                                          لعمري ! وما أمري علي بغمة     نهاري وما ليلي علي بسرمد



                                                          ويقال : إنهم لفي غمى من أمرهم إذا كانوا في أمر ملتبس ؛ قال الشاعر :


                                                          وأضرب في الغمى إذا كثر الوغى     وأهضم إن أضحى المراضيع جوعا



                                                          قال ابن حمزة : إذا قصرت الغمى ضممت أولها ، وإذا فتحت أولها مددت ، قال : والأكثر على أنه يجوز القصر والمد في الأول ؛ قال مغلس :


                                                          حبست بغمى غمرة فتركتها     وقد أترك الغمى إذا ضاق بابها



                                                          والغمة : قعر النحي وغيره . وغم عليه الخبر ، على ما لم يسم فاعله أي استعجم مثال أغمي . وغم الهلال على الناس غما : ستره الغيم وغيره فلم ير . وليلة غماء : آخر ليلة من الشهر ، سميت بذلك لأنه غم عليهم أمرها أي ستر فلم يدر أمن المقبل هي أم من الماضي ؛ قال :


                                                          ليلة إذا غمى طامس هلالها     أوغلتها ومكره إيغالها



                                                          وهي ليلة الغمى . وصمنا للغمى وللغمى ، بالفتح والضم ، إذا غم عليهم الهلال في الليلة التي يرون أن فيها استهلاله . وصمنا للغماء ، بالفتح والمد . وصمنا للغمية وللغمة كل ذلك إذا صاموا على غير [ ص: 89 ] رؤية . وفي الحديث : أنه قال : صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا العدة ؛ قال شمر : يقال غم علينا الهلال غما فهو مغموم إذا حال دون رؤية الهلال غيم رقيق ، من " غممت الشيء إذا غطيته ، وفي غم ضمير الهلال ، قال : ويجوز أن يكون غم مسندا إلى الظرف أي فإن كنتم مغموما عليكم فأكملوا ، وترك ذكر الهلال للاستغناء عنه . وفي حديث وائل بن حجر : ولا غمة في فرائض الله أي لا تستر ولا تخفى فرائضه ، وإنما تظهر وتعلن ويجهر بها ؛ وقال أبو دواد :


                                                          ولها قرحة تلألأ كالشعرى     أضاءت وغم عنها النجوم


                                                          يقول : غطى السحاب غيرها من النجوم ؛ وقال جرير :


                                                          إذا نجم تعقب لاح نجم     وليست بالمحاق ولا الغموم



                                                          قال : والغموم من النجوم صغارها الخفية . قال الأزهري : وروي هذا الحديث فإن غمي عليكم وأغمي عليكم ، وسنذكرهما في المعتل . أبو عبيد : ليلة غمى ، بالفتح مثال كسلى ، وليلة غمة إذا كان على السماء غمي مثال رمي وغم وهو أن يغم عليهم الهلال . قال الأزهري : فمعنى غم وأغمي وغمي واحد ، والغم والغمي بمعنى واحد . وفي حديث عائشة : لما نزل برسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، طفق يطرح خميصة على وجهه فإذا اغتم كشفها أي إذا احتبس نفسه عن الخروج ، وهو افتعل من الغم التغطية والستر . وغم القمر النجوم : بهرها وكاد يستر ضوءها . وغم يومنا ، بالفتح ، يغم غما وغموما من الغم . ويوم غام وغم ومغم : ذو غم ؛ قال :


                                                          في أخريات الغبش المغم



                                                          وقيل : هو إذا كان يأخذ بالنفس من شدة الحر . وأغم يومنا مثله . وليلة غمة وليل غم أي غامة وصف بالمصدر كما تقول ماء غور وأمر غام . ورجل مغموم : مغتم من قولهم غم علينا الهلال ، فهو مغموم إذا التبس . والغمامة ، بالكسر : خريطة يجعل فيها فم البعير يمنع بها الطعام ، غمه يغمه غما ، والجمع الغمائم . والغمامة : ما تشد به عينا الناقة أو خطمها . أبو عبيد : الغمامة ثوب يشد به أنف الناقة إذا ظئرت على حوار غيرها ، وجمعها غمائم ؛ قال القطامي :


                                                          إذا رأس رأيت به طماحا     شددت له الغمائم والصقاعا



                                                          الليث : الغمامة شبه فدام أو كعام . ويقال : غممت الحمار والدابة غما ، فهو مغموم إذا ألقمت فاه ومنخريه ؛ الغمامة ، بالكسر : وهي كالكعام ، وقال غيره : إذا ألقمت فاه مخلاة أو ما أشبهها يمنعه من الاعتلاف ، واسم ما يغم به غمامة . التهذيب : شمر : الغمة ، بكسر الغين ، اللبسة ؛ تقول : اللباس والزي والقشرة والهيئة والغمة واحد . والغمامة : القلفة على التشبيه . ورطب مغموم : جعل في الجرة وستر ثم غطي حتى أرطب . وغم الشيء يغمه : علاه ؛ عن ابن الأعرابي ؛ قال النمر بن تولب :


                                                          أنف يغم الضال نبت بحارها



                                                          وبحر مغنم : كثير الماء ، وكذلك الركية ؛ قال ابن الأعرابي : هي التي تملأ كل شيء وتغرقه ؛ وأنشد :


                                                          قريحة حسي من شريح مغمم



                                                          وغممته : غطيته فانغم ؛ قال أوس يرثي ابنه شريحا :


                                                          وقد رام بحري قبل ذلك طاميا     من الشعراء كل عود ومفحم
                                                          على حين أن جد الذكاء وأدركت     قريحة حسي من شريح مغمم


                                                          يريد : رام الشعراء بحري بعدما ذكيت ، والذكاء انتهاء السن واستحكامه ، وقوله قريحة حسي من شريح يريد أن ابنه شريحا قد قال الشعر ، وقريحة الماء : أول خروجه من البئر ، والذي في شعره مغمم ، بكسر الميم ، يريد الغامر المغطي ؛ شبه شعر ابنه شريح بماء غامر لا ينقطع ، ولم يرث ابنه في هذه القصة كما ذكر ، وإنما افتخر بنفسه وبولده ونصرة قومه في يوم السوبان . وغيم مغمم : كثير الماء . والغمامة ، بالفتح : السحابة ، والجمع غمام وغمائم ؛ وأنشد ابن بري للحطيئة يمدح سعيد بن العاص :


                                                          إذا غبت عنا غاب عنا ربيعنا     ونسقى الغمام الغر حين تؤوب



                                                          فوصف الغمام بالغر وهو جمع غراء . وقد أغمت السماء أي تغيرت . وحب الغمام : البرد . وسحاب أغم : لا فرجة فيه . وقال ابن عرفة في قوله تعالى : وظللنا عليهم الغمام الغمام الغيم الأبيض وإنما سمي غماما لأنه يغم السماء أي يسترها وسمي الغم غما لاشتماله على القلب . وقوله عز وجل : فأثابكم غما بغم أراد غما متصلا ، فالغم الأول الجراح والقتل ، والثاني ما ألقي إليهم من قبل النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فأنساهم الغم الأول . وفي حديث عائشة : عتبوا على عثمان موضع الغمامة المحماة ؛ هي السحابة وجمعها الغمام وأرادت بها العشب والكلأ الذي حماه فسمته بالغمامة كما يسمى بالسماء أرادت أنه حمى الكلأ وهو حق جميع الناس . والغمم : أن يسيل الشعر حتى يضيق الوجه والقفا ورجل أغم وجبهة غماء ؛ قال هدبة بن الخشرم :


                                                          فلا تنكحي إن فرق الدهر بيننا     أغم القفا والوجه ليس بأنزعا


                                                          ويقال : رجل أغم الوجه وأغم القفا . وفي حديث المعراج في رواية ابن مسعود : كنا نسير في أرض غمة الغمة ؛ الضيقة . والغماء من النواصي : كالفاشغة ، وتكره الغماء من نواصي الخيل وهي المفرطة في كثرة الشعر . والغميم : النبات الأخضر تحت اليابس . وفي الصحاح : الغميم الغميس وهو الكلأ تحت اليبيس . وفي النوادر : اعتم الكلأ واغتم . وأرض معمة ومغمة ومعلولية ومغلولية ، وأرض عمياء وكمهاء كل هذا في كثرة النبات والتفافه . والغمام : الزكام . ورجل مغموم : مزكوم . والغميم : اللبن يسخن حتى يغلظ . والغميم : موضع بالحجاز ، ومنه كراع الغميم وبرق الغميم ؛ قال :

                                                          [ ص: 90 ]

                                                          حوزها من برق الغميم     أهدأ يمشي مشية الظليم


                                                          والغمغمة والتغمغم : الكلام الذي لا يبين ، وقيل : هما أصوات الثيران عند الذعر وأصوات الأبطال في الوغى عند القتال ؛ قال امرؤ القيس :


                                                          وظل لثيران الصريم غماغم     يداعسها بالسمهري المعلب



                                                          وأورد الأزهري هنا بيتا نسبه لعلقمة وهو :


                                                          وظل لثيران الصريم غماغم     إذا دعسوها بالنضي المعلب

                                                          وقال الراعي :


                                                          يفلقن كل ساعد وجمجمه     ضربا فلا تسمع إلا غمغمه



                                                          وفي صفة قريش : ليس فيهم غمغمة قضاعة ؛ الغمغمة والتغمغم : كلام غير بين ؛ قاله رجل من العرب لمعاوية ، قال : من هم ؟ قال : قومك من قريش ؛ وجعله عبد مناف بن ربع الهذلي للقسي فقال :


                                                          وللقسي أزاميل وغمغمة     حس الجنوب تسوق الماء والبردا



                                                          وقال عنترة :


                                                          في حومة الموت التي لا تشتكي     غمراتها الأبطال غير تغمغم



                                                          وقوله أنشده ابن الأعرابي :


                                                          إذا المرضعات بعد أول هجعة     سمعت على ثديهن غماغما

                                                          فسره فقال : معناه أن ألبانهن قليلة ، فالرضيع يغمغم ويبكي على الثدي إذا رضعه طلبا للبن ، فإما أن تكون الغمغمة في بكاء الأطفال وتصويتهم أصلا ، وإما أن تكون استعارة . وتغمغم الغريق تحت الماء : صوت ، وفي التهذيب : إذا تداكأت فوقه الأمواج ؛ وأنشد :

                                                          من خر في قمقامنا تقمقما كما هوى فرعون إذ تغمغما تحت ظلال الموج إذ تدأما أي صار في دأماء البحر .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية