الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      فيمن عفا عن قاذفه ثم أراد أن يقوم عليه قلت : أرأيت إن عفا عن قاذفه ، ثم أتى به بعد زمان فأراد أن يحده ولم يكن كتب عليه بذلك كتابا ؟ قال : قد أخبرتك عن مالك أنه قال : لا يحد والعفو جائز . قال : وقال مالك في رجل قال لآخر : يا مخنث . إنه يجلد الحد إن رفعه إلى الإمام إلا أن يحلف القائل يا مخنث ، بالله ، أنه لم يرد بذلك قذفا . فإن حلف عفا عنه بعد الأدب ولم يضرب حد الفرية ، فإن هو عفا عنه قبل أن يأتي السلطان ثم طلبه بعد ذلك فإنه لا يحد له .

                                                                                                                                                                                      قال سحنون : وقد ذكر بعض الرواة عن مالك أن القاذف إنما تقبل يمينه إذا زعم أنه لم يرد بذلك قذفا إذا كان المقذوف ، فيه تأنيث ولين واسترخاء ، فحينئذ يصدق ويحلف أنه لم يرد قذفا وإنما أراد تأنيثه ذلك . وأما إذا كان المقذوف ، ليس فيه شيء من ذلك ، ضرب الحد ولم تقبل يمينه إذا زعم أنه لم يرد بذلك قذفا ، وهو عندي أفضل من رواية ابن القاسم . قيل له : إن عندنا بالأندلس لا يعرفون من قال هذا القول أراد به إلا الفعل ، فأرى أن يحد ولا تقبل منه يمينه . قال : وقد بلغني عن مالك في رجل قذف رجلا فعفا عنه قبل أن يبلغ به إلى السلطان ، ثم بدا له أن يقوم به قال مالك : ليس ذلك له ولا حد عليه . وقد أخبرني بذلك من أثق به وهو رأيي . قلت : أرأيت القذف ، أيقوم به من قام به من الناس ؟ قال : لا يقوم به عند مالك إلا المقذوف .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية