الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            [ ص: 262 ] فصل ) في تزويج المحجور عليه ( لا يزوج مجنون صغير ) إذ لا حاجة إليه حالا وبعد بلوغه لا يدرى حاله ، بخلاف صغير عاقل فإن الظاهر حاجته إليه بعده ، ولا مجال لحاجة تعهده وخدمته فإن للأجنبيات أن يقمن بها ، وقول الزركشي إن قضية ذلك أن ما ذكر في صغير لم يظهر على عورات النساء .

                                                                                                                            أما غيره فيلحق بالبالغ في جواز تزويجه لحاجة الخدمة ممنوع ( وكذا ) لا يزوج مجنون ( كبير ) أي بالغ لأنه يغرمه المهر والنفقة ( إلا لحاجة ) للنكاح حاصلة حالا كأن تظهر رغبته في النساء بدورانه حولهن وتعلقه بهن ، ، أو مآلا كتوقع شفائه باستفراغ مائه بشهادة عدلين من الأطباء بذلك ، أو بأن يحتاج إلى من يخدمه ويتعهده ولا يجد في محارمه من يحصل به ذلك ، وتكون مؤنة النكاح أخف من ثمن أمة فيزوجه إن أطبق جنونه كما مر الأب ثم الجد ثم السلطان كولاية ماله ، وظاهر كلامهما أن الوصي لا يزوجه وهو الراجح ، وبه أفتى ابن الصلاح ، وقال البلقيني : إن نص الأم يعضده ا هـ .

                                                                                                                            وما نقل عن نصه أيضا من أنه يزوج السفيه قيل محمول على وصي فوض له ذلك ،

                                                                                                                            وإذا علم أن تزويجه للحاجة ( فواحدة ) يجب الاقتصار عليها لاندفاع الحاجة بها وفرض احتياج أكثر منها نادر فلم ينظر إليه ، وقول الإسنوي إنه قد تقدم أن الشخص قد لا تعفه الواحدة فتستحب له الزيادة إلى أن ينتهي إلى مقدار يحصل به الإعفاف ، ويتجه مثله في المجنون وقد أشار إليه الرافعي في الكلام على السفيه مردود بوضوح الفرق ، فقد قال الأذرعي رأيت في وصايا الأم أنه لا يجمع له بين امرأتين ولا جاريتين للوطء وإن اتسع ماله إلا أن تسقم أيتهما كانت عنده حتى لا يكون فيها موضع للوطء فينكح أو يتسرى إذا كان ماله محتملا لذلك ا هـ .

                                                                                                                            والظاهر أنها لو جذمت ، أو برصت ، أو جنت جنونا يخاف منه عليه [ ص: 263 ] كان الحكم كذلك وأما الأمة إذا لم تكن أم ولد فتباع ، وقد لا تكفي الواحدة أيضا للخدمة فيزاد بحسب الحاجة ، أما لو كان متقطع الجنون فلا يزوج حتى يأذن بعد إفاقته ولا بد أن يقع العقد حال الإفاقة فلو جن قبله بطل الإذن كما مر وتقدم أنه يلزم المجبر تزويج مجنون ظهرت حاجته مع مزيد إيضاح .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            [ ص: 262 ] ( فصل ) في تزويج المحجور عليه

                                                                                                                            ( قوله : المحجور عليه ) أي وما يتعلق به كلزوم مهر المثل إذا نكح بلا إذن ووطئ غير رشيدة ( قوله : لحاجة تعهده ) أي المجنون ( قوله : فإن للأجنبيات إلخ ) أي فلو لم توجد أجنبية تقوم بذلك فهل يزوج للضرورة ، أو لا لندرة فقدهن فيلحق ذلك بالأعم الأغلب ؟ فيه نظر ، وقضية إطلاقهم الثاني ( قوله : إن قضية ذلك ) أي قوله فإن للأجنبيات إلخ ( قوله أما غيره ) أي ممن يظهر على ذلك ( قوله : ممنوع ) لعل سند المنع أن المجنون حيث لم توجد فيه الشهوة فالغالب أنه لا يحكي شيئا من عورات النساء فهو كالبهيمة ( قوله : بشهادة عدلين ) أي ، أو واحد كما قدمه ( قوله : إلى من يخدمه ) بالضم ا هـ مختار وقوله وتكون أي والحال ( قوله من أنه يزوج السفيه ) جزم بضعفه حج ( قوله : يجب الاقتصار عليها ) أي حيث كانت الحاجة للوطء ، أما لو كانت الخدمة فسيأتي جواز غير الواحدة ( قوله : أنه لا يجمع له ) أي المجنون ( قوله : حتى لا يكون فيها موضع للوطء ) أي لا يصلح للوطء ( قوله : فينكح ، أو يتسرى إلخ ) معتمد ، وسيأتي للشارح أن مثله السفيه على ما يأتي ( قوله : والظاهر أنها ) أي الزوجة ( قوله : أو برصت ) [ ص: 263 ] من باب طرب ( قوله : كان الحكم كذلك ) أي من جواز جمعه بين اثنتين ( قوله : أن يؤمر بفراقها ) لعل صورة الأمر أن يكون جنونه متقطعا فيؤمر في وقت الإفاقة ، وقد ينافيه أن الكلام في المطبق بدليل قوله بعد أما لو كان متقطع الجنون على أنه في نسخة مضروب على قوله نعم إلى قوله وأما الأمة ( قوله : بحسب الحاجة ) أي وله التمتع بما زاد أيضا ( قوله : فلا يزوج حتى يأذن ) ظاهره وإن بعدت الإفاقة بل وإن قلت جدا كيوم في سنة لكن قال حج فيما تقدم بعد قول المصنف ويلزم المجبر تزويج إلخ ما نصه أما إذا تقطع جنونهما فلا يزوجان حتى يفيقا ويأذنا وتستمر إفاقتهما إلى تمام العقد كذا أطلقوه ، وهو بعيد إن عهدت ندرتها وتحققت الحاجة للنكاح فلا ينبغي انتظارها حينئذ ، ويؤيده ما مر في أقرب ندرت إفاقته ا هـ .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 262 ] فصل ) في تزويج المحجور عليه ( قوله : من أنه يزوج السفيه ) أنظر ما المراد بتزويجه المنفي هل هو القبول له أو الإذن له : وقوله فوض له ذلك انظر التفويض ممن ؟ وفي نسخة حكاية هذا الحمل بقيل وأصل هذا في شرح الروض فإنه ذكر خلافا في أن الوصي هل يزوج السفيه قال أولا ثم قال الصيدلاني وغيره : وقد نص الشافعي على كل من المسألتين وليس [ ص: 263 ] اختلاف نص بل نصه : على أنه يزوجه محمول على وصي فوض إليه التزويج . ا هـ .

                                                                                                                            وأشار والده في حواشي شرح الروض إلى تصحيح عدم صحة تزويج الوصي ويوافقه ما في التحفة ( قوله : وقد لا تكفي الواحدة ) انظر هل المراد الواحدة من الإماء أو منها ومن الزوجات ، ثم رأيت في حواشي سم عن بحث الشارح ما يصرح بأن الكلام في الزوجات




                                                                                                                            الخدمات العلمية