بسم الله الرحمن الرحيم كتاب أحاديث الأنبياء باب خلق آدم صلوات الله عليه وذريته صلصال طين خلط برمل فصلصل كما يصلصل الفخار ويقال منتن يريدون به صل كما يقال صر الباب وصرصر عند الإغلاق مثل كبكبته يعني كببته فمرت به استمر بها الحمل فأتمته أن لا تسجد أن تسجد وقول الله تعالى وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قال ابن عباس لما عليها حافظ إلا عليها حافظ في كبد في شدة خلق ورياشا المال وقال غيره الرياش والريش واحد وهو ما ظهر من اللباس ما تمنون النطفة في أرحام النساء وقال مجاهد إنه على رجعه لقادر النطفة في الإحليل كل شيء خلقه فهو شفع السماء شفع والوتر الله عز وجل في أحسن تقويم في أحسن خلق أسفل سافلين إلا من آمن خسر ضلال ثم استثنى إلا من آمن لازب لازم ننشئكم في أي خلق نشاء نسبح بحمدك نعظمك وقال أبو العالية آدم من ربه كلمات فتلقى فهو قوله ربنا ظلمنا أنفسنا فأزلهما فاستزلهما و يتسنه يتغير آسن متغير والمسنون المتغير حمإ جمع حمأة وهو الطين المتغير يخصفان أخذ الخصاف من ورق الجنة يؤلفان الورق ويخصفان بعضه إلى بعض سوآتهما كناية عن فرجيهما ومتاع إلى حين ها هنا إلى يوم القيامة الحين عند العرب من ساعة إلى ما لا يحصى عدده قبيله جيله الذي هو منهم
3148 حدثني حدثنا عبد الله بن محمد عن عبد الرزاق عن معمر عن همام رضي الله عنه أبي هريرة آدم وطوله ستون ذراعا ثم قال اذهب فسلم على أولئك من الملائكة فاستمع ما يحيونك تحيتك وتحية ذريتك فقال السلام عليكم فقالوا السلام عليك ورحمة الله فزادوه ورحمة الله فكل من يدخل الجنة على صورة خلق الله آدم فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
كتاب أحاديث الأنبياء
- باب خلق آدم صلوات الله عليه وذريته
- باب الأرواح جنود مجندة
- باب قول الله عز وجل ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه
- باب قول الله تعالى إنا أرسلنا نوحا إلى قومه أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم
- باب وإن إلياس لمن المرسلين إذ قال لقومه ألا تتقون
- باب ذكر إدريس عليه السلام
- باب قول الله تعالى وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله
- باب قول الله عز وجل وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر شديدة عاتية
- باب قصة يأجوج ومأجوج
- باب قول الله تعالى واتخذ الله إبراهيم خليلا
- باب قوله عز وجل ونبئهم عن ضيف إبراهيم
- باب قول الله تعالى واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد
- باب قصة إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام
- باب أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه الآية
- باب ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون
- باب فلما جاء آل لوط المرسلون قال إنكم قوم منكرون
- باب قول الله تعالى وإلى ثمود أخاهم صالحا
- باب قول الله تعالى لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين
- باب قول الله تعالى وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين
- باب واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا وكان رسولا نبيا
- باب قول الله عز وجل وهل أتاك حديث موسى إذ رأى نارا
- باب وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه إلى قوله مسرف كذاب
- باب قول الله تعالى وهل أتاك حديث موسى وكلم الله موسى تكليما
- باب قول الله تعالى وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر
- باب طوفان من السيل
- باب حديث الخضر مع موسى عليهما السلام
- باب يعكفون على أصنام لهم
- باب وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة الآية
- باب وفاة موسى وذكره بعد
- باب قول الله تعالى وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون
- باب إن قارون كان من قوم موسى الآية
- باب قول الله تعالى وإلى مدين أخاهم شعيبا
- باب قول الله تعالى وإن يونس لمن المرسلين إلى قوله وهو مليم
- باب واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت
- باب قول الله تعالى وآتينا داود زبورا
- باب أحب الصلاة إلى الله صلاة داود وأحب الصيام إلى الله صيام داود
- باب واذكر عبدنا داود الأيد إنه أواب
- باب قول الله تعالى ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب
- باب قول الله تعالى ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله إلى قوله إن الله لا يحب كل مختال فخور
- باب واضرب لهم مثلا أصحاب القرية الآية
- باب قول الله تعالى ذكر رحمة ربك عبده زكرياء إذ نادى ربه نداء خفيا
- باب قول الله تعالى واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا
- باب وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين
- باب قوله تعالى إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم
- باب قوله يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق
- باب قول الله واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها
- باب نزول عيسى ابن مريم عليهما السلام
- باب ما ذكر عن بني إسرائيل
- حديث أبرص وأعمى وأقرع في بني إسرائيل
- باب أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم
- باب حديث الغار
التالي
السابق
[ ص: 416 ] قوله : ( بسم الله الرحمن الرحيم : كتاب أحاديث الأنبياء ) كذا في رواية كريمة في بعض النسخ ، وفي رواية نحوه ، وقدم الآية الآتية في الترجمة على الباب ، ووقع في ذكر عدد الأنبياء ، وحديث أبي علي بن شبويه أبي ذر مرفوعا صححه أنهم مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا ، الرسل منهم ثلاثمائة وثلاثة عشر . والأنبياء جمع نبي ، وقد قرئ بالهمزة فقيل هو الأصل وتركه تسهيل ، وقيل الذي بالهمز من النبإ والذي بغير همز من النبوة وهي الرفعة ، والنبوة نعمة يمن بها على من يشاء ولا يبلغها أحد بعلمه ولا كشفه ولا يستحقها باستعداد ولايته ، ومعناها الحقيقي شرعا من حصلت له النبوة . وليست راجعة إلى جسم النبي ولا إلى عرض من أعراضه ، بل ولا إلى علمه بكونه نبيا ، بل المرجع إلى إعلام الله له بأني نبأتك أو جعلتك نبيا . وعلى هذا فلا تبطل بالموت كما لا تبطل بالنوم والغفلة . ابن حبان
[ ص: 417 ] [ ص: 418 ] [ ص: 419 ] قوله : ( باب خلق آدم وذريته ) ذكر المصنف آثارا ، ثم أحاديث تتعلق بذلك ، ومما لم يذكره ما رواه الترمذي والنسائي وصححه والبزار من طريق ابن حبان سعيد المقبري وغيره عن مرفوعا أبي هريرة آدم من تراب فجعله طينا ثم تركه ، حتى إذا كان حمأ مسنونا خلقه وصوره ثم تركه ، حتى إذا كان صلصالا كالفخار كان إبليس يمر به فيقول : لقد خلقت لأمر عظيم ; ثم نفخ الله فيه من روحه . وكان أول ما جرى فيه الروح بصره وخياشيمه ، فعطس فقال : الحمد لله . فقال الله : يرحمك ربك الحديث . وفي الباب عدة أحاديث : منها حديث إن الله خلق أبي موسى مرفوعا آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض ، فجاء بنو آدم على قدر الأرض الحديث أخرجه إن الله خلق أبو داود وصححه والترمذي . ومنها حديث ابن حبان أنس رفعه آدم تركه ما شاء أن يدعه ، فجعل إبليس يطيف به ; فلما رآه أجوف عرف أنه لا يتمالك رواه لما خلق الله أحمد ومسلم . وآدم اسم سرياني وهو عند أهل الكتاب آدام بإشباع فتحة الدال بوزن خانام وزنه فاعال ، وامتنع صرفه للعجمة والعلمية . وقال الثعلبي التراب بالعبرانية آدام فسمي آدم به ، وحذفت الألف الثانية . وقيل هو عربي جزم به الجوهري والجواليقي . وقيل هو بوزن أفعل من الأدمة وقيل : من الأديم لأنه خلق من أديم الأرض وهذا عن ابن عباس ، ووجهوه بأن يكون كأعين ومنع الصرف للوزن والعلمية ، وقيل هو من أدمت بين الشيئين إذا خلطت بينهما لأنه كان ماء وطينا فخلطا جميعا .
قوله : ( صلصال : طين خلط برمل فصلصل كما يصلصل الفخار ) هو تفسير الفراء ، هكذا ذكره [ ص: 420 ] وقال أبو عبيدة : الصلصال اليابس الذي لم تصبه نار ، فإذا نقرته صل فسمعت له صلصلة ، فإذا طبخ بالنار فهو فخار . وكل شيء له صوت فهو صلصال . وروى الطبري عن قتادة بإسناد صحيح نحوه .
قوله : ( ويقال منتن يريدون به صل كما يقولون صر الباب وصرصر عند الإغلاق مثل كبكبته يعني كببته ) أما تفسيره بالمنتن فرواه الطبري عن مجاهد ، وروى عن ابن عباس أن المنتن تفسيره المسنون ، وأما بقيته فكأنه من كلام المصنف .
قوله : ( فمرت به استمر بها الحمل فأتمته ) هو قول أبي عبيدة .
قوله : ( أن لا تسجد : أن تسجد ) يعني أن " لا " زائدة ، وأخذه من كلام أبي عبيدة ، وكذا قاله وزاد : و " لا " من حروف الزوائد كما قال الشاعر :
قوله : ( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة كذا وقع هنا ، ووقع في رواية وقول الله عز وجل : في صدر الترجمة وهو أولى ومثله أبي علي بن شبويه للنسفي ، ولبعضهم هنا " باب " والمراد بالخليفة آدم أسنده الطبري من طريق ابن سابط مرفوعا قال : والأرض مكة ، وذكر الطبري أن مقتضى ما نقله عن مشايخه أنه خليفة الله في الأرض ، ومن وجه آخر أنهم يعنون بني السدي آدم يخلف بعضهم بعضا ، ومن ثم قالت الملائكة أتجعل فيها من يفسد فيها الآية ، وحكى قولين آخرين أنه خليفة الملائكة أو خليفة الجن وكل منهما بناء على أنه كان في الأرض من سكنها قبل الماوردي آدم ، وذكر الطبري قال : زعم أبو عبيدة أن " إذ " في قوله : وإذ قال ربك صلة ، ورد عليه فقال القرطبي : إن جميع المفسرين ردوه حتى قال الزجاج إنها جرأة من أبي عبيدة .
قوله : ( لما عليها حافظ إلا عليها حافظ ) وصله ابن أبي حاتم وزاد إلا عليها حافظ من الملائكة ، وقال أبو عبيدة في قوله : إن كل نفس لما عليها حافظ ما زائدة .
قوله : ( في كبد : في شدة خلق ) هو قول ابن عباس أيضا ، رويناه في تفسير ابن عيينة بإسناد صحيح ، وزاد في آخره " ثم ذكر مولده ونبات أسنانه " وأخرجه في " المستدرك " وقال الحاكم أبو عبيدة الكبد الشدة ، قال لبيد :
قوله : ( ورياشا : المال ) هو قول ابن عباس أيضا ، وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه .
قوله : ( وقال غيره الرياش والريش واحد ، وهو ما ظهر من اللباس ) هو قول أبي عبيدة ، وزاد : تقول أعطاني ريشه أي كسوته ، قال : والرياش أيضا المعاش .
قوله : ( ما تمنون : النطفة في أرحام النساء ) هو قول الفراء قال : يقال أمنى ومنى ، والأول أكثر وقوله " تمنون " يعني النطف إذا قذفت في أرحام النساء ( أأنتم تخلقون ذلك أم نحن ) .
[ ص: 421 ] قوله : ( وقال مجاهد على رجعه لقادر النطفة في الإحليل ) وصله الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عنه ، وقيل : معناه قادر على رجع النطفة التي في الإحليل إلى الصلب وهو محتمل ، ويعكر على تفسير مجاهد أن بقية الآيات دالة على أن الضمير للإنسان ورجعه يوم القيامة لقوله : يوم تبلى السرائر إلخ .
قوله : ( كل شيء خلقه فهو شفع السماء شفع والوتر الله ) هو قول مجاهد أيضا ، وصله الفريابي ولفظه " كل خلق الله شفع : السماء ، والأرض ، والبر والبحر ، والجن والإنس ، والشمس والقمر ونحو هذا شفع ، والوتر الله وحده ، وبهذا زال الإشكال ، فإن ظاهر إيراد المصنف في اقتصاره على قوله : " السماء شفع " يعترض عليه بأن السماوات سبع والسبع ليس بشفع ، وليس ذلك مراد والطبري مجاهد وإنما مراده كل شيء له مقابل يقابله ويذكر معه فهو بالنسبة إليه شفع ، كالسماء والأرض والإنس والجن إلخ ، وروى الطبري عن مجاهد أيضا قال في ومن كل شيء خلقنا زوجين الكفر والإيمان ، والشقاء والسعادة ، والهدى والضلالة ، والليل والنهار ، والسماء والأرض ، والجن والإنس ، والوتر الله . وروي من طريق قوله تعالى أبي صالح نحوه . وأخرج عن ابن عباس من طريق صحيحة أنه قال : الوتر يوم عرفة والشفع يوم الذبح ، وفي رواية أيام الذبح . وهذا يناسب ما فسروا به قوله قبل ذلك وليال عشر أن المراد بها عشر ذي الحجة .
قوله : ( في أحسن تقويم في أحسن خلق أسفل سافلين إلا من آمن ) هو تفسير مجاهد أخرجه الفريابي أيضا .
قوله : ( خسر : ضلال ثم استثنى فقال إلا من آمن ) هو تفسير مجاهد أخرجه الفريابي أيضا ، قال في قوله : إن الإنسان لفي خسر يعني في ضلال ، ثم استثنى فقال " إلا من آمن " وكأنه ذكره بالمعنى ، وإلا فالتلاوة إلا الذين آمنوا
قوله : ( لازب : لازم ) يريد تفسير قوله تعالى : فاستفتهم أهم أشد خلقا أم من خلقنا إنا خلقناهم من طين لازب وقد روى الطبري عن مجاهد في قوله : من طين لازب قال لازق . ومن طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : من التراب والماء يصير طينا يلزق . وأما تفسيره باللازم فكأنه بالمعنى ، وهو تفسير أبي عبيدة قال : معنى اللازب اللازم ، قال النابغة
قوله : ( ننشئكم في أي خلق نشاء ) كأنه يريد تفسير قوله تعالى وننشئكم في ما لا تعلمون وقوله في أي خلق نشاء هو تفسير قوله : فيما لا تعلمون .
قوله : ( نسبح بحمدك : نعظمك ) هو تفسير مجاهد ، نقله الطبري وغيره عنه .
قوله : ( وقال أبو العالية فتلقى آدم هو قوله تعالى ربنا ظلمنا أنفسنا وصله الطبري بإسناد حسن ، واستشكل بأن ظاهر الآيات أن هذا التلقي كان قبل الهبوط لأن بعده قلنا اهبطوا منها جميعا ويمكن الجواب بأن قوله قلنا اهبطوا كان سابقا للتلقي ، وليس في الآيات صيغة ترتيب .
قوله : ( وقال فأزلهما : استزلهما ، ويتسنه : يتغير . آسن : المسنون المتغير . حمأ : جمع حمأة وهو الطين المتغير ) كذا وقع عند أبي ذر ، وهو يوهم أنه من كلام أبي العالية ، وليس كذلك بل هي من تفسير [ ص: 422 ] أبي عبيدة ، وكأنه كان في الأصل : وقال غيره . ووقع في رواية الأصيلي وغيره بحذف " قال " فكأن الأمر فيه أشكل . وقوله : فأزلهما " أي دعاهما إلى الزلة ، وإيراد قوله " يتسنه يتغير " في أثناء قصة آدم ذكر بطريق التبعية للمسنون لأنه قد يقال إنه مشتق منه ، قال الكرماني هنا بعد أن قال إن تفسير يتسنه وآسن : لعله ذكره بالتبعية لقوله مسنون ، وفي هذا تكثير لحجم الكتاب لا لتكثير الفوائد ، والله أعلم بمقصوده . قلت : وليس من شأن الشارح أن يعترض على الأصل بمثل هذا ، ولا ارتياب في أن إيراد شرح غريب الألفاظ الواردة في القرآن فوائد ، وادعاؤه نفي الفائدة مردود ، وهذا الكتاب وإن كان أصل موضوعه إيراد الأحاديث الصحيحة فإن أكثر العلماء فهموا من إيراده أقوال الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار أن مقصوده أن يكون كتابه جامعا للرواية والدراية ، ومن جملة الدراية شرح غريب الحديث . وجرت عادته أن الحديث إذا وردت فيه لفظة غريبة وقعت أو أصلها أو نظيره في القرآن أن يشرح اللفظة القرآنية فيفيد تفسير القرآن وتفسير الحديث معا ، ولما لم يجد في بدء الخلق وقصص الأنبياء ونحو ذلك أحاديث توافق شرطه سد مكانها ببيان تفسير الغريب الواقع في القرآن ، فكيف يسوغ نفي الفائدة عنه .
قوله : ( يخصفان أخذ الخصاف من ورق الجنة يؤلفان الورق ويخصفان بعضه إلى بعض ) هو تفسير أبي عبيدة ، وروى الطبري عن مجاهد في قوله : ( يخصفان ) قال : يرقعان كهيئة الثوب ، وتقول العرب خصفت النعل أي خرزتها .
قوله : ( سوآتهما كناية عن فرجيهما ) هو تفسير أبي عبيدة أيضا .
قوله : ( ومتاع إلى حين الحين عند العرب من ساعة إلى ما لا يحصى عدده وهو هنا إلى يوم القيامة ) قال أبو عبيدة في قوله ومتاع إلى حين : أي إلى وقت يوم القيامة ، ورواه الطبري من طريق ابن عباس نحوه .
قوله : ( قبيله جيله الذي هو منهم ) هو تفسير أبي عبيدة أيضا وروى الطبري عن مجاهد في قوله وقبيله قال : الجن والشياطين . ثم ذكر المصنف في الباب أحد عشر حديثا أفرد الأخير منها بباب في بعض النسخ :
الحديث الأول حديث أبي هريرة آدم وطوله ستون ذراعا كذا وقع من هذا الوجه ، خلق الله وعبد الله الراوي عن معمر هو ابن المبارك ، وقد رواه عبد الرزاق عن معمر فقال آدم على صورته وطوله ستون ذراعا وهذه الرواية تأتي في أول الاستئذان ، وقد تقدم الكلام على معنى هذه اللفظة في أثناء كتاب العتق ، وهذه الرواية تؤيد قول من قال إن الضمير خلق الله لآدم ، والمعنى أن الله تعالى أوجده على الهيئة التي خلقه عليها لم ينتقل في النشأة أحوالا ولا تردد في الأرحام أطوارا كذريته بل خلقه الله رجلا كاملا سويا من أول ما نفخ فيه الروح ، ثم عقب ذلك بقوله فعاد الضمير أيضا على وطوله ستون ذراعا آدم ، وقيل معنى قوله " على صورته : أي لم يشاركه في خلقه أحد ، إبطالا لقول أهل الطبائع . وخص بالذكر تنبيها بالأعلى على الأدنى ، والله أعلم
قوله : ( ستون ذراعا ) يحتمل أن يريد بقدر الذراع المتعارف يومئذ عند المخاطبين ، والأول أظهر [ ص: 423 ] لأن ذراع كل أحد بقدر ربعه فلو كان بالذراع المعهود لكانت يده قصيرة في جنب طول جسده
قوله : ( فلما خلقه قال : اذهب فسلم ) سيأتي شرحه في أول الاستئذان .
قوله : ( فكل من يدخل الجنة على صورة آدم ) أي على صفته ، وهذا يدل على أن صفات النقص من سواد وغيره تنتفي عند دخول الجنة ، وقد تقدم بيان ذلك في " باب صفة الجنة " وزاد عبد الرزاق في روايته هنا وإثبات الواو فيه لئلا يتوهم أن قوله " طوله " تفسير لقوله على صورة وطوله ستون ذراعا آدم وعلى هذا فقوله " طوله " إلخ " من الخاص بعد العام ، ووقع عند أحمد من طريق عن سعيد بن المسيب مرفوعا أبي هريرة آدم ستين ذراعا في سبعة أذرع عرضا وأما ما روى كان طول عبد الرزاق من وجه آخر مرفوعا آدم لما أهبط كانت رجلاه في الأرض ورأسه في السماء ، فحطه الله إلى ستين ذراعا فظاهره أنه كان مفرط الطول في ابتداء خلقه ، وظاهر الحديث الصحيح أنه خلق في ابتداء الأمر على طول ستين ذراعا وهو المعتمد ، وروى أن ابن أبي حاتم بإسناد حسن عن أبي بن كعب مرفوعا آدم رجلا طوالا كثير شعر الرأس كأنه نخلة سحوق . أن الله خلق
قوله : ( فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن ) أي أن كل قرن يكون نشأته في الطول أقصر من القرن الذي قبله ، فانتهى تناقص الطول إلى هذه الأمة واستقر الأمر على ذلك . وقال ابن التين قوله أي كما يزيد الشخص شيئا فشيئا ، ولا يتبين ذلك فيما بين الساعتين ولا اليومين حتى إذا كثرت الأيام تبين ، فكذلك هذا الحكم في النقص ، ويشكل على هذا ما يوجد الآن من آثار الأمم السالفة كديار فلم يزل الخلق ينقص ثمود فإن مساكنهم تدل على أن قاماتهم لم تكن مفرطة الطول على حسب ما يقتضيه الترتيب السابق ، ولا شك أن عهدهم قديم ، وأن الزمان الذي بينهم وبين آدم دون الزمان الذي بينهم وبين أول هذه الأمة ، ولم يظهر لي إلى الآن ما يزيل هذا الإشكال .
[ ص: 417 ] [ ص: 418 ] [ ص: 419 ] قوله : ( باب خلق آدم وذريته ) ذكر المصنف آثارا ، ثم أحاديث تتعلق بذلك ، ومما لم يذكره ما رواه الترمذي والنسائي وصححه والبزار من طريق ابن حبان سعيد المقبري وغيره عن مرفوعا أبي هريرة آدم من تراب فجعله طينا ثم تركه ، حتى إذا كان حمأ مسنونا خلقه وصوره ثم تركه ، حتى إذا كان صلصالا كالفخار كان إبليس يمر به فيقول : لقد خلقت لأمر عظيم ; ثم نفخ الله فيه من روحه . وكان أول ما جرى فيه الروح بصره وخياشيمه ، فعطس فقال : الحمد لله . فقال الله : يرحمك ربك الحديث . وفي الباب عدة أحاديث : منها حديث إن الله خلق أبي موسى مرفوعا آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض ، فجاء بنو آدم على قدر الأرض الحديث أخرجه إن الله خلق أبو داود وصححه والترمذي . ومنها حديث ابن حبان أنس رفعه آدم تركه ما شاء أن يدعه ، فجعل إبليس يطيف به ; فلما رآه أجوف عرف أنه لا يتمالك رواه لما خلق الله أحمد ومسلم . وآدم اسم سرياني وهو عند أهل الكتاب آدام بإشباع فتحة الدال بوزن خانام وزنه فاعال ، وامتنع صرفه للعجمة والعلمية . وقال الثعلبي التراب بالعبرانية آدام فسمي آدم به ، وحذفت الألف الثانية . وقيل هو عربي جزم به الجوهري والجواليقي . وقيل هو بوزن أفعل من الأدمة وقيل : من الأديم لأنه خلق من أديم الأرض وهذا عن ابن عباس ، ووجهوه بأن يكون كأعين ومنع الصرف للوزن والعلمية ، وقيل هو من أدمت بين الشيئين إذا خلطت بينهما لأنه كان ماء وطينا فخلطا جميعا .
قوله : ( صلصال : طين خلط برمل فصلصل كما يصلصل الفخار ) هو تفسير الفراء ، هكذا ذكره [ ص: 420 ] وقال أبو عبيدة : الصلصال اليابس الذي لم تصبه نار ، فإذا نقرته صل فسمعت له صلصلة ، فإذا طبخ بالنار فهو فخار . وكل شيء له صوت فهو صلصال . وروى الطبري عن قتادة بإسناد صحيح نحوه .
قوله : ( ويقال منتن يريدون به صل كما يقولون صر الباب وصرصر عند الإغلاق مثل كبكبته يعني كببته ) أما تفسيره بالمنتن فرواه الطبري عن مجاهد ، وروى عن ابن عباس أن المنتن تفسيره المسنون ، وأما بقيته فكأنه من كلام المصنف .
قوله : ( فمرت به استمر بها الحمل فأتمته ) هو قول أبي عبيدة .
قوله : ( أن لا تسجد : أن تسجد ) يعني أن " لا " زائدة ، وأخذه من كلام أبي عبيدة ، وكذا قاله وزاد : و " لا " من حروف الزوائد كما قال الشاعر :
وتلحينني في اللهو أن لا أحبه وللهو داع دائب غير غافل
وقيل ليست زائدة ، بل فيه حذف تقديره ما منعك من السجود فحملك على أن لا تسجد ؟قوله : ( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة كذا وقع هنا ، ووقع في رواية وقول الله عز وجل : في صدر الترجمة وهو أولى ومثله أبي علي بن شبويه للنسفي ، ولبعضهم هنا " باب " والمراد بالخليفة آدم أسنده الطبري من طريق ابن سابط مرفوعا قال : والأرض مكة ، وذكر الطبري أن مقتضى ما نقله عن مشايخه أنه خليفة الله في الأرض ، ومن وجه آخر أنهم يعنون بني السدي آدم يخلف بعضهم بعضا ، ومن ثم قالت الملائكة أتجعل فيها من يفسد فيها الآية ، وحكى قولين آخرين أنه خليفة الملائكة أو خليفة الجن وكل منهما بناء على أنه كان في الأرض من سكنها قبل الماوردي آدم ، وذكر الطبري قال : زعم أبو عبيدة أن " إذ " في قوله : وإذ قال ربك صلة ، ورد عليه فقال القرطبي : إن جميع المفسرين ردوه حتى قال الزجاج إنها جرأة من أبي عبيدة .
قوله : ( لما عليها حافظ إلا عليها حافظ ) وصله ابن أبي حاتم وزاد إلا عليها حافظ من الملائكة ، وقال أبو عبيدة في قوله : إن كل نفس لما عليها حافظ ما زائدة .
قوله : ( في كبد : في شدة خلق ) هو قول ابن عباس أيضا ، رويناه في تفسير ابن عيينة بإسناد صحيح ، وزاد في آخره " ثم ذكر مولده ونبات أسنانه " وأخرجه في " المستدرك " وقال الحاكم أبو عبيدة الكبد الشدة ، قال لبيد :
يا عين هلا بكيت أربد إذ قمنا وقام الخصوم في كبد
قوله : ( ورياشا : المال ) هو قول ابن عباس أيضا ، وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه .
قوله : ( وقال غيره الرياش والريش واحد ، وهو ما ظهر من اللباس ) هو قول أبي عبيدة ، وزاد : تقول أعطاني ريشه أي كسوته ، قال : والرياش أيضا المعاش .
قوله : ( ما تمنون : النطفة في أرحام النساء ) هو قول الفراء قال : يقال أمنى ومنى ، والأول أكثر وقوله " تمنون " يعني النطف إذا قذفت في أرحام النساء ( أأنتم تخلقون ذلك أم نحن ) .
[ ص: 421 ] قوله : ( وقال مجاهد على رجعه لقادر النطفة في الإحليل ) وصله الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عنه ، وقيل : معناه قادر على رجع النطفة التي في الإحليل إلى الصلب وهو محتمل ، ويعكر على تفسير مجاهد أن بقية الآيات دالة على أن الضمير للإنسان ورجعه يوم القيامة لقوله : يوم تبلى السرائر إلخ .
قوله : ( كل شيء خلقه فهو شفع السماء شفع والوتر الله ) هو قول مجاهد أيضا ، وصله الفريابي ولفظه " كل خلق الله شفع : السماء ، والأرض ، والبر والبحر ، والجن والإنس ، والشمس والقمر ونحو هذا شفع ، والوتر الله وحده ، وبهذا زال الإشكال ، فإن ظاهر إيراد المصنف في اقتصاره على قوله : " السماء شفع " يعترض عليه بأن السماوات سبع والسبع ليس بشفع ، وليس ذلك مراد والطبري مجاهد وإنما مراده كل شيء له مقابل يقابله ويذكر معه فهو بالنسبة إليه شفع ، كالسماء والأرض والإنس والجن إلخ ، وروى الطبري عن مجاهد أيضا قال في ومن كل شيء خلقنا زوجين الكفر والإيمان ، والشقاء والسعادة ، والهدى والضلالة ، والليل والنهار ، والسماء والأرض ، والجن والإنس ، والوتر الله . وروي من طريق قوله تعالى أبي صالح نحوه . وأخرج عن ابن عباس من طريق صحيحة أنه قال : الوتر يوم عرفة والشفع يوم الذبح ، وفي رواية أيام الذبح . وهذا يناسب ما فسروا به قوله قبل ذلك وليال عشر أن المراد بها عشر ذي الحجة .
قوله : ( في أحسن تقويم في أحسن خلق أسفل سافلين إلا من آمن ) هو تفسير مجاهد أخرجه الفريابي أيضا .
قوله : ( خسر : ضلال ثم استثنى فقال إلا من آمن ) هو تفسير مجاهد أخرجه الفريابي أيضا ، قال في قوله : إن الإنسان لفي خسر يعني في ضلال ، ثم استثنى فقال " إلا من آمن " وكأنه ذكره بالمعنى ، وإلا فالتلاوة إلا الذين آمنوا
قوله : ( لازب : لازم ) يريد تفسير قوله تعالى : فاستفتهم أهم أشد خلقا أم من خلقنا إنا خلقناهم من طين لازب وقد روى الطبري عن مجاهد في قوله : من طين لازب قال لازق . ومن طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : من التراب والماء يصير طينا يلزق . وأما تفسيره باللازم فكأنه بالمعنى ، وهو تفسير أبي عبيدة قال : معنى اللازب اللازم ، قال النابغة
ولا يحسبون الشر ضربة لازب
أي لازم .قوله : ( ننشئكم في أي خلق نشاء ) كأنه يريد تفسير قوله تعالى وننشئكم في ما لا تعلمون وقوله في أي خلق نشاء هو تفسير قوله : فيما لا تعلمون .
قوله : ( نسبح بحمدك : نعظمك ) هو تفسير مجاهد ، نقله الطبري وغيره عنه .
قوله : ( وقال أبو العالية فتلقى آدم هو قوله تعالى ربنا ظلمنا أنفسنا وصله الطبري بإسناد حسن ، واستشكل بأن ظاهر الآيات أن هذا التلقي كان قبل الهبوط لأن بعده قلنا اهبطوا منها جميعا ويمكن الجواب بأن قوله قلنا اهبطوا كان سابقا للتلقي ، وليس في الآيات صيغة ترتيب .
قوله : ( وقال فأزلهما : استزلهما ، ويتسنه : يتغير . آسن : المسنون المتغير . حمأ : جمع حمأة وهو الطين المتغير ) كذا وقع عند أبي ذر ، وهو يوهم أنه من كلام أبي العالية ، وليس كذلك بل هي من تفسير [ ص: 422 ] أبي عبيدة ، وكأنه كان في الأصل : وقال غيره . ووقع في رواية الأصيلي وغيره بحذف " قال " فكأن الأمر فيه أشكل . وقوله : فأزلهما " أي دعاهما إلى الزلة ، وإيراد قوله " يتسنه يتغير " في أثناء قصة آدم ذكر بطريق التبعية للمسنون لأنه قد يقال إنه مشتق منه ، قال الكرماني هنا بعد أن قال إن تفسير يتسنه وآسن : لعله ذكره بالتبعية لقوله مسنون ، وفي هذا تكثير لحجم الكتاب لا لتكثير الفوائد ، والله أعلم بمقصوده . قلت : وليس من شأن الشارح أن يعترض على الأصل بمثل هذا ، ولا ارتياب في أن إيراد شرح غريب الألفاظ الواردة في القرآن فوائد ، وادعاؤه نفي الفائدة مردود ، وهذا الكتاب وإن كان أصل موضوعه إيراد الأحاديث الصحيحة فإن أكثر العلماء فهموا من إيراده أقوال الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار أن مقصوده أن يكون كتابه جامعا للرواية والدراية ، ومن جملة الدراية شرح غريب الحديث . وجرت عادته أن الحديث إذا وردت فيه لفظة غريبة وقعت أو أصلها أو نظيره في القرآن أن يشرح اللفظة القرآنية فيفيد تفسير القرآن وتفسير الحديث معا ، ولما لم يجد في بدء الخلق وقصص الأنبياء ونحو ذلك أحاديث توافق شرطه سد مكانها ببيان تفسير الغريب الواقع في القرآن ، فكيف يسوغ نفي الفائدة عنه .
قوله : ( يخصفان أخذ الخصاف من ورق الجنة يؤلفان الورق ويخصفان بعضه إلى بعض ) هو تفسير أبي عبيدة ، وروى الطبري عن مجاهد في قوله : ( يخصفان ) قال : يرقعان كهيئة الثوب ، وتقول العرب خصفت النعل أي خرزتها .
قوله : ( سوآتهما كناية عن فرجيهما ) هو تفسير أبي عبيدة أيضا .
قوله : ( ومتاع إلى حين الحين عند العرب من ساعة إلى ما لا يحصى عدده وهو هنا إلى يوم القيامة ) قال أبو عبيدة في قوله ومتاع إلى حين : أي إلى وقت يوم القيامة ، ورواه الطبري من طريق ابن عباس نحوه .
قوله : ( قبيله جيله الذي هو منهم ) هو تفسير أبي عبيدة أيضا وروى الطبري عن مجاهد في قوله وقبيله قال : الجن والشياطين . ثم ذكر المصنف في الباب أحد عشر حديثا أفرد الأخير منها بباب في بعض النسخ :
الحديث الأول حديث أبي هريرة آدم وطوله ستون ذراعا كذا وقع من هذا الوجه ، خلق الله وعبد الله الراوي عن معمر هو ابن المبارك ، وقد رواه عبد الرزاق عن معمر فقال آدم على صورته وطوله ستون ذراعا وهذه الرواية تأتي في أول الاستئذان ، وقد تقدم الكلام على معنى هذه اللفظة في أثناء كتاب العتق ، وهذه الرواية تؤيد قول من قال إن الضمير خلق الله لآدم ، والمعنى أن الله تعالى أوجده على الهيئة التي خلقه عليها لم ينتقل في النشأة أحوالا ولا تردد في الأرحام أطوارا كذريته بل خلقه الله رجلا كاملا سويا من أول ما نفخ فيه الروح ، ثم عقب ذلك بقوله فعاد الضمير أيضا على وطوله ستون ذراعا آدم ، وقيل معنى قوله " على صورته : أي لم يشاركه في خلقه أحد ، إبطالا لقول أهل الطبائع . وخص بالذكر تنبيها بالأعلى على الأدنى ، والله أعلم
قوله : ( ستون ذراعا ) يحتمل أن يريد بقدر الذراع المتعارف يومئذ عند المخاطبين ، والأول أظهر [ ص: 423 ] لأن ذراع كل أحد بقدر ربعه فلو كان بالذراع المعهود لكانت يده قصيرة في جنب طول جسده
قوله : ( فلما خلقه قال : اذهب فسلم ) سيأتي شرحه في أول الاستئذان .
قوله : ( فكل من يدخل الجنة على صورة آدم ) أي على صفته ، وهذا يدل على أن صفات النقص من سواد وغيره تنتفي عند دخول الجنة ، وقد تقدم بيان ذلك في " باب صفة الجنة " وزاد عبد الرزاق في روايته هنا وإثبات الواو فيه لئلا يتوهم أن قوله " طوله " تفسير لقوله على صورة وطوله ستون ذراعا آدم وعلى هذا فقوله " طوله " إلخ " من الخاص بعد العام ، ووقع عند أحمد من طريق عن سعيد بن المسيب مرفوعا أبي هريرة آدم ستين ذراعا في سبعة أذرع عرضا وأما ما روى كان طول عبد الرزاق من وجه آخر مرفوعا آدم لما أهبط كانت رجلاه في الأرض ورأسه في السماء ، فحطه الله إلى ستين ذراعا فظاهره أنه كان مفرط الطول في ابتداء خلقه ، وظاهر الحديث الصحيح أنه خلق في ابتداء الأمر على طول ستين ذراعا وهو المعتمد ، وروى أن ابن أبي حاتم بإسناد حسن عن أبي بن كعب مرفوعا آدم رجلا طوالا كثير شعر الرأس كأنه نخلة سحوق . أن الله خلق
قوله : ( فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن ) أي أن كل قرن يكون نشأته في الطول أقصر من القرن الذي قبله ، فانتهى تناقص الطول إلى هذه الأمة واستقر الأمر على ذلك . وقال ابن التين قوله أي كما يزيد الشخص شيئا فشيئا ، ولا يتبين ذلك فيما بين الساعتين ولا اليومين حتى إذا كثرت الأيام تبين ، فكذلك هذا الحكم في النقص ، ويشكل على هذا ما يوجد الآن من آثار الأمم السالفة كديار فلم يزل الخلق ينقص ثمود فإن مساكنهم تدل على أن قاماتهم لم تكن مفرطة الطول على حسب ما يقتضيه الترتيب السابق ، ولا شك أن عهدهم قديم ، وأن الزمان الذي بينهم وبين آدم دون الزمان الذي بينهم وبين أول هذه الأمة ، ولم يظهر لي إلى الآن ما يزيل هذا الإشكال .