الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 21 ] 605 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : من أقرض قرضين كان له أجر أحدهما لو تصدق به .

3885 - حدثنا القاسم بن عبد الله - يعني ابن مهدي - قال : حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ومسكنه البصرة ، قال : حدثنا المعتمر بن سليمان التيمي ، قال : قرأت على فضيل بن ميسرة ، عن أبي حريز - قال أبو جعفر : واسمه عبد الله بن الحسين - أن إبراهيم حدثه .

أن الأسود بن يزيد كان يستقرض مولى للنخع تاجرا ، فإذا خرج عطاؤه قضاه ، وإنه خرج عطاؤه ، فقال له الأسود : إن شئت أخرت عنا ; فإنه قد كانت علينا حقوق في هذا العطاء ، فقال له التاجر : لست فاعلا ، فنقده الأسود خمسمائة درهم حتى إذا قبضها قال له التاجر : دونك فخذها ، فقال له الأسود : قد سألتك فأبيت ، قال التاجر : إني سمعتك تحدث ، عن عبد الله بن مسعود ، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : [ ص: 22 ] من أقرض قرضين كان له مثل أجر أحدهما لو تصدق به . يراه المعتمر فقبله .

فقال قائل : قد رويت لنا فيما تقدم من كتابك هذا حديث بريدة [ ص: 23 ] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من أنظر معسرا فله بكل يوم صدقة ، ومن أنظر معسرا فله بكل يوم مثله صدقة ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن ذلك ، فقال له : قبل حلوله في كل يوم صدقة ، فإذا حل فأنظره به كان له في كل يوم مثله صدقة ، أفيكون حديث ابن مسعود هذا مخالفا لحديث بريدة هذا ؟

فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أنه غير مخالف له ; لأن حديث ابن مسعود هو في الثواب على نفس القرض ، وحديث بريدة هو على الثواب بالقرض من بعد القرض في الإنظار به ، بعدما يكون للمقرض على المستقرض بإقراضه إياه ماله وبعد وجوبه دين له عليه . والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية