الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله جل ثناؤه : ( قالوا إنما نحن مصلحون ( 11 ) )

وتأويل ذلك كالذي قاله ابن عباس ، الذي :

341 - حدثنا به محمد بن حميد ، قال : حدثنا سلمة بن الفضل ، عن محمد بن إسحاق ، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت ، عن عكرمة ، أو عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قوله : ( إنما نحن مصلحون ) ، أي قالوا : إنما نريد الإصلاح بين الفريقين من المؤمنين وأهل الكتاب .

وخالفه في ذلك غيره .

342 - حدثنا القاسم بن الحسن ، قال : حدثنا الحسين بن داود ، قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : ( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض ) ، قال : إذا ركبوا معصية الله فقيل لهم : لا تفعلوا كذا وكذا ، قالوا : إنما نحن على الهدى مصلحون . [ ص: 291 ]

قال أبو جعفر : وأي الأمرين كان منهم في ذلك ، أعني في دعواهم أنهم مصلحون ، فهم لا شك أنهم كانوا يحسبون أنهم فيما أتوا من ذلك مصلحون . فسواء بين اليهود والمسلمين كانت دعواهم الإصلاح ، أو في أديانهم ، وفيما ركبوا من معصية الله ، وكذبهم المؤمنين فيما أظهروا لهم من القول وهم لغير ما أظهروا مستبطنون ، لأنهم كانوا في جميع ذلك من أمرهم عند أنفسهم محسنين ، وهم عند الله مسيئون ، ولأمر الله مخالفون . لأن الله جل ثناؤه قد كان فرض عليهم عداوة اليهود وحربهم مع المسلمين ، وألزمهم التصديق برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء به من عند الله ، كالذي ألزم من ذلك المؤمنين . فكان لقاؤهم اليهود - على وجه الولاية منهم لهم - ، وشكهم في نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيما جاء به أنه من عند الله - أعظم الفساد ، وإن كان ذلك كان عندهم إصلاحا وهدى : في أديانهم أو فيما بين المؤمنين واليهود ، فقال جل ثناؤه فيهم : ( ألا إنهم هم المفسدون ) دون الذين ينهونهم من المؤمنين عن الإفساد في الأرض ، ( ولكن لا يشعرون )

التالي السابق


الخدمات العلمية