الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7009 ) مسألة ; قال أبو القاسم ، رحمه الله : ( وإذا وجد قتيل ، فادعى أولياؤه على قوم لا عداوة بينهم ، ولم يكن لهم بينة ، لم يحكم لهم بيمين ، ولا غيرها ) الكلام في هذه المسألة في فصلين : ( 7010 ) الفصل الأول : في أنه إذا وجد قتيل في موضع ، فادعى أولياؤه قتله على رجل ، أو جماعة ، ولم تكن بينهم عداوة ، ولا لوث ، فهي كسائر الدعاوى ، إن كانت لهم بينة ، حكم لهم بها ، وإلا فالقول قول المنكر . وبهذا قال مالك ، والشافعي ، وابن المنذر .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة وأصحابه : إذا ادعى أولياؤه قتله على أهل المحلة ، أو على معين ، فللولي أن يختار من الموضع خمسين رجلا ، يحلفون خمسين يمينا : والله ما قتلناه ، ولا علمنا قاتله . فإن نقصوا على الخمسين ، كررت الأيمان عليهم حتى تتم ، فإذا حلفوا ، وجبت الدية على باقي الخطة ، فإن لم يكن ، وجبت على سكان الموضع ، فإن لم يحلفوا ، حبسوا حتى يحلفوا أو يقروا ; لما روي ، أن رجلا وجد قتيلا بين حيين ، فحلفهم عمر رضي الله عنه خمسين يمينا [ ص: 383 ] وقضى بالدية على أقربهما . يعني أقرب الحيين ، فقالوا : والله ما وقت أيماننا أموالنا ، ولا أموالنا أيماننا ، فقال عمر : حقنتم بأموالكم دماءكم .

                                                                                                                                            ولنا ، حديث عبد الله بن سهل ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : { لو أعطي الناس بدعواهم ، لادعى قوم دماء قوم وأموالهم ، ولكن اليمين على المدعى عليه } . رواه مسلم . وقول النبي صلى الله عليه وسلم : { البينة على المدعي ، واليمين على من أنكر } . ولأن الأصل في المدعى عليه براءة ذمته ، ولم يظهر كذبه ، فكان القول قوله ، كسائر الدعاوى ، ولأنه مدعى عليه ، فلم تلزمه اليمين والغرم ، كسائر الدعاوى ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم أولى من قول عمر ، وأحق بالاتباع ، ثم قصة عمر يحتمل أنهم اعترفوا بالقتل خطأ ، وأنكروا العمد ، فأحلفوا على العمد ، ثم إنهم لا يعملون بخبر النبي صلى الله عليه وسلم المخالف للأصول ، وقد صاروا هاهنا إلى ظاهر قول عمر المخالف للأصول ، وهو إيجاب الأيمان على غير المدعى عليه ، وإلزامهم الغرم مع عدم الدعوى عليهم ، والجمع بين تحليفهم وتغريمهم وحبسهم على الأيمان .

                                                                                                                                            قال ابن المنذر : سن النبي صلى الله عليه وسلم البينة على المدعي ، واليمين على المدعى عليه ، وسن القسامة في القتيل الذي وجد بخيبر ، وقول أصحاب الرأي خارج عن هذه السنن .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية