(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77nindex.php?page=treesubj&link=28975وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب ) الظاهر أن القائلين هذا : هم منافقون ; لأن الله تعالى إذا أمر بشيء لا يسأل عن علته من هو خالص الإيمان ، ولهذا جاء السياق بعده : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك ) ، وهذا لا يصدر إلا من منافق . و ( لولا ) للتحضيض بمعنى هلا ، وهي كثيرة في القرآن . والأجل القريب هنا هو موتهم على فرشهم كذا قاله المفسرون . وذكر في حرف
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : لولا أخرتنا إلى أجل قريب فنموت حتف أنفنا ، ولا نقتل ، فتسر بذلك الأعداء . ومن قال : إنه من قول المؤمنين ، فيكونون قد طلبوا التأخير في كتب القتال إلى وقت ظهور الإسلام
[ ص: 299 ] وكثرته ، وهو بعيد ; لأن لفظ ( لم ) رد في صدر أمر الله وعدم استسلامهم له مع قولهم : وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : لولا أخرتنا إلى أجل قريب استزادة في مدة الكف ، واستمهال إلى وقت آخر كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=10لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق ) . وقال
الراغب : وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال ، يجوز أن يكون تفوهوا به ، ويجوز أن يكون اعتقدوه ، وقالوا في أنفسهم ، فحكى تعالى ذلك عنهم تنبيها على أنهم لما استصعبوا ذلك دل استصعابهم على أنهم غير واثقين بأحوالهم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ) تقدم الكلام على كون متاع الدنيا قليلا في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=197متاع قليل ) ، وإنما قل ; لأنه فان ، ونعيم الآخرة مؤبد ، فهو خير لمن اتقى الله ، وامتثل أمره في ما أحب ، وفي ما كان شاقا من قتال وغيره . وقرأ
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ،
وابن كثير (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=49ولا يظلمون ) بالياء ، وباقي السبعة بالتاء على الخطاب ، وهو التفات ; أي لا تنقصون من أجور أعمالكم ، ومشاق التكاليف أدنى شيء ؛ فلا ترغبوا عن الأجر .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة ) ; أي هذا التأخر الذي سألوه لا فائدة فيه ; لأنه لا منجي من الموت سواء أكان بقتل أم بغيره ، فلا فائدة في خور الطبع ، وحب الحياة . وتحتمل هذه الجملة أن يكون ذلك تحت معمول قل ، ويحتمل أن يكون إخبارا من الله مستأنفا بأنه لا ينجو من الموت أحد . والبروج هنا القصور في الأرض ؛ قاله
مجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج والجمهور . أو القصور من حديد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . أو قصور في سماء الدنيا مبنية قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي . أو الحصون والآكام والقلاع ؛ قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . أو البيوت التي تكون فوق الحصون قاله بعضهم . أو بروج السماء التي هي منازل القمر ؛ قاله
الربيع وأنس nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، وحكاه
ابن القاسم عن
مالك . وقال : ألا ترى إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=1والسماء ذات البروج ) ، وجعل فيها بروجا (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=16ولقد جعلنا في السماء بروجا ) ، وقال
زهير :
ومن هاب أسباب المنية يلقها ولو رام أسباب السماء بسلم
مشيدة مطولة ؛ قاله
أبو مالك ومقاتل وابن قتيبة nindex.php?page=showalam&ids=14416والزجاج . أو مطلية بالشيد ؛ قاله
أبو سليمان الدمشقي . أو حصينة قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وقتادة . ومن قال : إنها بروج في السماء ; فلأنها بيض شبهها بالمبيض بالشيد ، ولهذا قال الذي هي قصور بيض في السماء مبنية .
والجزم في يدرككم على جواب الشرط ، وأينما تدل على العموم ، وكأنه قيل في أي مكان تكونون فيه أدرككم الموت . ولو هنا بمعنى إن ، وجاءت لدفع توهم النجاة من الموت بتقدير : إن لو كانوا في بروج مشيدة ، ولإظهار استقصاء العموم في أينما . وقرأ
طلحة بن سليمان : يدرككم برفع الكافين ، وخرجه
أبو الفتح : على حذف فاء الجواب ; أي فيدرككم الموت ، وهي قراءة ضعيفة . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ويجوز أن يقال : حمل على ما يقع موقع (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78أينما تكونوا ) ، وهو : أينما كنتم كما حمل ، ولا ناعب على ما يقع موقع ليسوا مصلحين ، وهو ليسوا بمصلحين . فرفع كما رفع
زهير يقول : لا غائب ما لي ولا حرم . وهو قول نحوي سيبويهي ، انتهى .
ويعني : أنه جعل (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78يدرككم ) ارتفع لكون (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78أينما تكونوا ) في معنى أينما كنتم ، بتوهم أنه نطق به . وذلك أنه متى كان فعل الشرط ماضيا في اللفظ فإنه يجوز في المضارع بعده وجهان : أحدهما : الجزم على الجواب . والثاني : الرفع . وفي توجيه الرفع خلاف . الأصح أنه ليس الجواب ، بل ذلك على التقديم والتأخير والجواب محذوف . وإذا حذف الجواب فلا بد أن يكون فعل الشرط ماضي اللفظ ؛ فتخريج هذه القراءة على هذا يأباه كون فعل الشرط مضارعا . وحمله على ( ولا ناعب ) ليس بجيد ؛ لأن ( ولا ناعب ) عطف على التوهم والعطف على التوهم لا ينقاس . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري أيضا ، ويجوز أن يتصل بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77ولا تظلمون فتيلا ) ; أي لا تنقصون شيئا مما كتب
[ ص: 300 ] من آجالكم أينما تكونوا في ملاحم حروب أو غيرها . ثم ابتدأ بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة . والوقف على هذا الوجه
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78أينما تكونوا ، انتهى كلامه . وهذا تخريج ليس بمستقيم ، لا من حيث المعنى ، ولا من حيث الصناعة النحوية ; أما من حيث المعنى فإنه لا يناسب أن يكون متصلا بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77ولا تظلمون فتيلا ; لأن ظاهر انتفاء الظلم إنما هو في الآخرة لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى )
وأما من حيث الصناعة النحوية فإنه على ظاهر كلامه يدل على أن
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78أينما تكونوا متعلق بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77ولا تظلمون ، ما فسره من قوله ; أي لا تنقصون شيئا مما كتب من آجالكم أينما تكونوا في ملاحم الحرب أو غيرها ؛ وهذا لا يجوز ; لأن أينما اسم شرط ، فالعامل فيه إنما هو فعل الشرط بعده . ولأن اسم الشرط لا يتقدم عليه عامله ، فلا يمكن أن يعمل فيه ،
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77ولا تظلمون . بل إذا جاء نحو : اضرب زيدا متى جاء ، لا يجوز أن يكون الناصب لمتى اضرب . فإن قال : يقدر له جواب محذوف يدل عليه ما قبله ، وهو :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77ولا تظلمون ؛ كما تقدر في اضرب زيدا متى جاء ؛ فالتقدير : أينما تكونوا فلا تظلمون فتيلا ; أي فلا ينقص شيء من آجالكم ، وحذفه لدلالة ما قبله عليه . قيل له : لا يحذف الجواب إلا إذا كان فعل الشرط بصيغة الماضي ، وفعل الشرط هنا مضارع . تقول العرب : أنت ظالم إن فعلت ، ولا تقل أنت ظالم إن تفعل . وقرأ
نعيم بن ميسرة : مشيدة بكسر الياء وصفا لها بفعل فاعلها مجازا ، كما قال : قصيدة شاعرة ، وإنما الشاعر ناظمها .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77nindex.php?page=treesubj&link=28975وَقَالُوا رَبَّنَا لَمْ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْقَائِلِينَ هَذَا : هُمْ مُنَافِقُونَ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا أَمَرَ بِشَيْءٍ لَا يَسْأَلُ عَنْ عِلَّتِهِ مَنْ هُوَ خَالِصُ الْإِيمَانِ ، وَلِهَذَا جَاءَ السِّيَاقُ بَعْدَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ ) ، وَهَذَا لَا يَصْدُرُ إِلَّا مِنْ مُنَافِقٍ . وَ ( لَوْلَا ) لِلتَّحْضِيضِ بِمَعْنَى هَلَّا ، وَهِيَ كَثِيرَةٌ فِي الْقُرْآنِ . وَالْأَجَلُ الْقَرِيبُ هُنَا هُوَ مَوْتُهُمْ عَلَى فُرُشِهِمْ كَذَا قَالَهُ الْمُفَسِّرُونَ . وَذُكِرَ فِي حِرَفِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ : لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَنَمُوتَ حَتْفَ أَنْفِنَا ، وَلَا نُقْتَلَ ، فَتُسَرُّ بِذَلِكَ الْأَعْدَاءُ . وَمَنْ قَالَ : إِنَّهُ مِنْ قَوْلِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَيَكُونُونَ قَدْ طَلَبُوا التَّأْخِيرَ فِي كُتُبِ الْقِتَالِ إِلَى وَقْتِ ظُهُورِ الْإِسْلَامِ
[ ص: 299 ] وَكَثْرَتِهِ ، وَهُوَ بَعِيدٌ ; لِأَنَّ لَفْظَ ( لَمْ ) رُدَّ فِي صَدْرِ أَمْرِ اللَّهِ وَعَدَمِ اسْتِسْلَامِهِمْ لَهُ مَعَ قَوْلِهِمْ : وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ اسْتِزَادَةٌ فِي مُدَّةِ الْكَفِّ ، وَاسْتِمْهَالٌ إِلَى وَقْتٍ آخَرَ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=10لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ ) . وَقَالَ
الرَّاغِبُ : وَقَالُوا رَبَّنَا لَمْ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ ، يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَفَوَّهُوا بِهِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اعْتَقَدُوهُ ، وَقَالُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ، فَحَكَى تَعَالَى ذَلِكَ عَنْهُمْ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُمْ لَمَّا اسْتَصْعَبُوا ذَلِكَ دَلَّ اسْتِصْعَابُهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ غَيْرُ وَاثِقِينَ بِأَحْوَالِهِمْ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى كَوْنِ مَتَاعِ الدُّنْيَا قَلِيلًا فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=197مَتَاعٌ قَلِيلٌ ) ، وَإِنَّمَا قَلَّ ; لِأَنَّهُ فَانٍ ، وَنَعِيمُ الْآخِرَةِ مُؤَبَّدٌ ، فَهُوَ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى اللَّهَ ، وَامْتَثَلَ أَمْرَهُ فِي مَا أَحَبَّ ، وَفِي مَا كَانَ شَاقًّا مِنْ قِتَالٍ وَغَيْرِهِ . وَقَرَأَ
حَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ ،
وَابْنُ كَثِيرٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=49وَلَا يُظْلَمُونَ ) بِالْيَاءِ ، وَبَاقِي السَّبْعَةِ بِالتَّاءِ عَلَى الْخِطَابِ ، وَهُوَ الْتِفَاتٌ ; أَيْ لَا تُنْقَصُونَ مِنْ أُجُورِ أَعْمَالِكُمْ ، وَمَشَاقِّ التَّكَالِيفِ أَدْنَى شَيْءٍ ؛ فَلَا تَرْغَبُوا عَنِ الْأَجْرِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ) ; أَيْ هَذَا التَّأَخُّرُ الَّذِي سَأَلُوهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ ; لِأَنَّهُ لَا مُنْجِيَ مِنَ الْمَوْتِ سَوَاءٌ أَكَانَ بِقَتْلٍ أَمْ بِغَيْرِهِ ، فَلَا فَائِدَةَ فِي خَوَرِ الطَّبْعِ ، وَحُبِّ الْحَيَاةِ . وَتَحْتَمِلُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ تَحْتَ مَعْمُولِ قُلْ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إِخْبَارًا مِنَ اللَّهِ مُسْتَأْنَفًا بِأَنَّهُ لَا يَنْجُو مِنَ الْمَوْتِ أَحَدٌ . وَالْبُرُوجُ هُنَا الْقُصُورُ فِي الْأَرْضِ ؛ قَالَهُ
مُجَاهِدٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13036وَابْنُ جُرَيْجٍ وَالْجُمْهُورُ . أَوِ الْقُصُورُ مِنْ حَدِيدٍ رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ . أَوْ قُصُورٌ فِي سَمَاءِ الدُّنْيَا مَبْنِيَّةٌ قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ . أَوِ الْحُصُونُ وَالْآكَامُ وَالْقِلَاعُ ؛ قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ . أَوِ الْبُيُوتُ الَّتِي تَكُونُ فَوْقَ الْحُصُونِ قَالَهُ بَعْضُهُمْ . أَوْ بُرُوجُ السَّمَاءِ الَّتِي هِيَ مَنَازِلُ الْقَمَرِ ؛ قَالَهُ
الرَّبِيعُ وَأَنَسٌ nindex.php?page=showalam&ids=16004وَالثَّوْرِيُّ ، وَحَكَاهُ
ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ
مَالِكٍ . وَقَالَ : أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=1وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ ) ، وَجَعَلَ فِيهَا بُرُوجًا (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=16وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا ) ، وَقَالَ
زُهَيْرٌ :
وَمَنْ هَابَ أَسْبَابَ الْمَنِيَّةِ يَلْقَهَا وَلَوْ رَامَ أَسْبَابَ السَّمَاءِ بِسُلَّمِ
مُشَيَّدَةٌ مُطَوَّلَةٌ ؛ قَالَهُ
أَبُو مَالِكٍ وَمُقَاتِلٌ وَابْنُ قُتَيْبَةَ nindex.php?page=showalam&ids=14416وَالزَّجَّاجُ . أَوْ مَطْلِيَّةٌ بِالشِّيدِ ؛ قَالَهُ
أَبُو سُلَيْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ . أَوْ حَصِينَةٌ قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ . وَمَنْ قَالَ : إِنَّهَا بُرُوجٌ فِي السَّمَاءِ ; فَلِأَنَّهَا بِيضٌ شَبَّهَهَا بِالْمِبْيَضِ بِالشِّيدِ ، وَلِهَذَا قَالَ الَّذِي هِيَ قُصُورٌ بِيضٌ فِي السَّمَاءِ مَبْنِيَّةٌ .
وَالْجَزْمُ فِي يُدْرِكْكُمْ عَلَى جَوَابِ الشَّرْطِ ، وَأَيْنَمَا تَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ ، وَكَأَنَّهُ قِيلَ فِي أَيِّ مَكَانٍ تَكُونُونَ فِيهِ أَدْرَكَكُمُ الْمَوْتُ . وَلَوْ هُنَا بِمَعْنَى إِنْ ، وَجَاءَتْ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ النَّجَاةِ مِنَ الْمَوْتِ بِتَقْدِيرِ : إِنْ لَوْ كَانُوا فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ، وَلِإِظْهَارِ اسْتِقْصَاءِ الْعُمُومِ فِي أَيْنَمَا . وَقَرَأَ
طَلْحَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ : يُدْرِكُكُمْ بِرَفْعِ الْكَافَيْنِ ، وَخَرَّجَهُ
أَبُو الْفَتْحِ : عَلَى حَذْفِ فَاءِ الْجَوَابِ ; أَيْ فَيُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ ، وَهِيَ قِرَاءَةٌ ضَعِيفَةٌ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ : حُمِلَ عَلَى مَا يَقَعُ مَوْقِعَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78أَيْنَمَا تَكُونُوا ) ، وَهُوَ : أَيْنَمَا كُنْتُمْ كَمَا حُمِلَ ، وَلَا نَاعِبَ عَلَى مَا يَقَعُ مَوْقِعَ لَيْسُوا مُصْلِحِينَ ، وَهُوَ لَيْسُوا بِمُصْلِحِينَ . فَرُفِعَ كَمَا رَفَعَ
زُهَيْرٌ يَقُولُ : لَا غَائِبَ مَا لِي وَلَا حَرَمٌ . وَهُوَ قَوْلُ نَحْوِيٍّ سِيبَوَيْهِيٍّ ، انْتَهَى .
وَيَعْنِي : أَنَّهُ جَعَلَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78يُدْرِكُكُمُ ) ارْتَفَعَ لِكَوْنِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78أَيْنَمَا تَكُونُوا ) فِي مَعْنَى أَيْنَمَا كُنْتُمْ ، بِتَوَهُّمِ أَنَّهُ نَطَقَ بِهِ . وَذَلِكَ أَنَّهُ مَتَى كَانَ فِعْلُ الشَّرْطِ مَاضِيًا فِي اللَّفْظِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِي الْمُضَارِعِ بَعْدَهُ وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا : الْجَزْمُ عَلَى الْجَوَابِ . وَالثَّانِي : الرَّفْعُ . وَفِي تَوْجِيهِ الرَّفْعِ خِلَافٌ . الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ الْجَوَابَ ، بَلْ ذَلِكَ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ وَالْجَوَابُ مَحْذُوفٌ . وَإِذَا حُذِفَ الْجَوَابُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِعْلُ الشَّرْطِ مَاضِيَ اللَّفْظِ ؛ فَتَخْرِيجُ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ عَلَى هَذَا يَأْبَاهُ كَوْنُ فِعْلِ الشَّرْطِ مُضَارِعًا . وَحَمْلُهُ عَلَى ( وَلَا نَاعِبَ ) لَيْسَ بِجَيِّدٍ ؛ لِأَنَّ ( وَلَا نَاعِبَ ) عَطْفٌ عَلَى التَّوَهُّمِ وَالْعَطْفُ عَلَى التَّوَهُّمِ لَا يَنْقَاسُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ أَيْضًا ، وَيَجُوزُ أَنْ يَتَّصِلَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا ) ; أَيْ لَا تُنْقَصُونَ شَيْئًا مِمَّا كُتِبَ
[ ص: 300 ] مِنْ آجَالِكُمْ أَيْنَمَا تَكُونُوا فِي مَلَاحِمِ حُرُوبٍ أَوْ غَيْرِهَا . ثُمَّ ابْتَدَأَ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ . وَالْوَقْفُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78أَيْنَمَا تَكُونُوا ، انْتَهَى كَلَامُهُ . وَهَذَا تَخْرِيجٌ لَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ ، لَا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى ، وَلَا مِنْ حَيْثُ الصِّنَاعَةُ النَّحْوِيَّةُ ; أَمَّا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى فَإِنَّهُ لَا يُنَاسِبُ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا ; لِأَنَّ ظَاهِرَ انْتِفَاءِ الظُّلْمِ إِنَّمَا هُوَ فِي الْآخِرَةِ لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى )
وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ الصِّنَاعَةُ النَّحْوِيَّةُ فَإِنَّهُ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78أَيْنَمَا تَكُونُوا مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77وَلَا تُظْلَمُونَ ، مَا فَسَّرَهُ مِنْ قَوْلِهِ ; أَيْ لَا تُنْقَصُونَ شَيْئًا مِمَّا كُتِبَ مِنْ آجَالِكُمْ أَيْنَمَا تَكُونُوا فِي مَلَاحِمِ الْحَرْبِ أَوْ غَيْرِهَا ؛ وَهَذَا لَا يَجُوزُ ; لِأَنَّ أَيْنَمَا اسْمُ شَرْطٍ ، فَالْعَامِلُ فِيهِ إِنَّمَا هُوَ فِعْلُ الشَّرْطِ بَعْدَهُ . وَلِأَنَّ اسْمَ الشَّرْطِ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ عَامِلُهُ ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77وَلَا تُظْلَمُونَ . بَلْ إِذَا جَاءَ نَحْوَ : اضْرِبْ زَيْدًا مَتَى جَاءَ ، لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّاصِبُ لِمَتَى اضْرِبْ . فَإِنْ قَالَ : يُقَدَّرُ لَهُ جَوَابٌ مَحْذُوفٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا قَبْلَهُ ، وَهُوَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77وَلَا تُظْلَمُونَ ؛ كَمَا تُقَدَّرُ فِي اضْرِبْ زَيْدًا مَتَى جَاءَ ؛ فَالتَّقْدِيرُ : أَيْنَمَا تَكُونُوا فَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا ; أَيْ فَلَا يَنْقُصُ شَيْءٌ مِنْ آجَالِكُمْ ، وَحَذَفَهُ لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ . قِيلَ لَهُ : لَا يُحْذَفُ الْجَوَابُ إِلَّا إِذَا كَانَ فِعْلُ الشَّرْطِ بِصِيغَةِ الْمَاضِي ، وَفِعْلُ الشَّرْطِ هُنَا مُضَارِعٌ . تَقُولُ الْعَرَبُ : أَنْتَ ظَالِمٌ إِنْ فَعَلْتَ ، وَلَا تَقُلْ أَنْتَ ظَالِمٌ إِنْ تَفْعَلْ . وَقَرَأَ
نُعَيْمُ بْنُ مَيْسَرَةَ : مَشِيدَةٌ بِكَسْرِ الْيَاءِ وَصْفًا لَهَا بِفِعْلِ فَاعِلِهَا مَجَازًا ، كَمَا قَالَ : قَصِيدَةٌ شَاعِرَةٌ ، وَإِنَّمَا الشَّاعِرُ نَاظِمُهَا .