الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 94 ] 613 - باب بيان مشكل ما روي عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يطوفوا بين الصفا والمروة بعد أن أحرموا بالحج غير طوافهم الذي كانوا طافوه على أنهم في حجة ، ثم حولوها إلى عمرة وحلوا منها إلا من كان منهم معه الهدي .

3942 - حدثنا يزيد بن سنان وإبراهيم بن مرزوق ، قالا : حدثنا أبو عاصم ، قال : أخبرنا ابن جريج ، عن أبي الزبير .

عن جابر قال : لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا طوافه الأول .

[ ص: 95 ]

3943 - وحدثنا يزيد بن سنان ، قال : حدثنا شيبان بن فروخ ، قال : حدثنا عبد العزيز بن مسلم ، عن عبد الملك بن جريج ، عن عطاء بن أبي رباح .

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يزيدوا على طواف واحد لحجهم وعمرتهم بين الصفا والمروة لم يطوفوا بينهما بعد رجوعهم من عرفات .

3944 - حدثنا يزيد ، قال : حدثنا أبو عامر العقدي ، قال : حدثنا رباح بن أبي معروف ، عن عطاء .

عن جابر بن عبد الله أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم يزيدوا على طواف واحد .

3945 - حدثنا يزيد ، قال : حدثنا عمرو بن خالد ، قال : حدثنا زهير بن معاوية ، قال : حدثنا أبو الزبير .

عن جابر رضي الله عنه قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلين [ ص: 96 ] بالحج معنا النساء والولدان ، فلما قدمنا مكة طفنا بالبيت والصفا والمروة فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لم يكن معه هدي فليحل . قلنا : أي الحل ؟ قال : الحل كله ، فأتينا النساء ولبسنا الثياب ومسسنا الطيب ، فلما كان يوم التروية أهللنا بالحج ، وكفانا الطواف الأول بين الصفا والمروة .

قال أبو جعفر : ففي حديث جابر هذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يطوفوا بين الصفا والمروة لحجهم لمكان طوافهم بينهما الذي كان منهم قبل أن يتحول ما كانوا فيه من الحج الذي كانوا أدخلوا فيه إلى العمرة التي تحول إحرامهم إليها وأنهم اكتفوا بطوافهم الذي كان بين الصفا والمروة فيما كانوا عليه أولا من الحج حتى تحول إلى ما تحول إليه من العمرة ، وهذا مما لم نقف على معناه ; لأن الطواف الأول الذي كان منهم بين الصفا والمروة مما لا بد منه في الحج في قول أهل العلم جميعا ، ولا يجزئ منه الطواف بينهما قبل الدخول في الحج ، وفي حديث جابر هذا ما قد خالف ذلك .

ولما أشكل علينا حديثه هذا طلبنا هل روي ما يخالفه أم لا فوجدنا في حديث عروة ، عن عائشة الذي قد ذكرناه فيما تقدم منا في كتابنا هذا وهو حديثها الذي رواه مالك ، عن ابن شهاب ، عن عروة [ ص: 97 ] عنها من قولها فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة ، ثم حلوا ، ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم فكان قولها ، ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم هو على طواف كالطواف الأول الذي كانوا طافوه للعمرة وفيه الطواف بين الصفا والمروة ، فكان ذلك يخالف الحديث الذي رواه جابر في ذلك وكان أولى منه ; لأن الله قال في كتابه : إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ، ثم لما روينا عن عائشة في الباب الذي روينا ذلك فيه فيما تقدم منا في كتابنا هذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سن الطواف بينهما ، ومن قولها بعد ذلك إنه ما تمت حجة أحد ولا عمرته لم يطف بينهما وذلك مما لا يجوز أن يكون قالته رأيا ; لأن مثله لا يقال بالرأي ولكنها قالته توقيفا ، والتوقيف لا يكون في مثل هذا إلا من رسول الله صلى الله عليه وسلم والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية