[ ص: 1435 ] القول في تأويل قوله تعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=19881_30454_30525_30539_30797_34155_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=88فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا [88]
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=88فما لكم في المنافقين أي: فما لكم تفرقتم في أمر المنافقين
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=88فئتين أي: فرقتين ولم تتفقوا على التبرؤ منهم، والاستفهام للإنكار، والنفي والخطاب لجميع المؤمنين، لكن ما فيه من معنى التوبيخ متوجه إلى بعضهم، وذلك أن فرقة من المؤمنين كانت تميل إليهم وتذب عنهم وتواليهم، وفرقة منهم تباينهم وتعاديهم، فنهوا عن ذلك وأمروا بأن يكونوا على نهج واحد في التباين والتبرؤ منهم؛ لأن دلائل نفاقهم وكفرهم ظاهرة جلية، فليس لكم أن تختلفوا في شأنهم، وقد قيل: إن المراد بهم هنا
عبد الله بن أبي وأصحابه الذين خذلوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد، ورجعوا بعسكرهم بعد أن خرجوا، كما تقدم في آل عمران، كما أوضحه ما رواه الشيخان
nindex.php?page=showalam&ids=12251والإمام أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت nindex.php?page=hadith&LINKID=701461أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى أحد، فرجع ناس خرجوا معه، فكان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم – فيهم فرقتين، فرقة تقول: نقتلهم، وفرقة تقول: لا هم [ ص: 1436 ] المؤمنون، فأنزل الله عز وجل: nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=88فما لكم في المنافقين فئتين فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنها طيبة وإنها تنفي الخبث كما ينفي الكير خبث الحديد هذا لفظ أحمد.
وقد ذكر الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12563محمد بن إسحاق في وقعة
أحد : أن
عبد الله بن أبي ابن سلول رجع يومئذ بثلث الجيش: رجع بثلاثمائة وبقي النبي - صلى الله عليه وسلم - في سبعمائة.
وثمة في نزول الآية رواية أخرى أخرجها
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد في مسنده، عن
nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف :
nindex.php?page=hadith&LINKID=939334أن قوما من العرب أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة فأسلموا وأصابهم وباء المدينة وحماها، فأركسوا، فخرجوا من المدينة ، فاستقبلهم نفر من أصحابه - يعني أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - فقالوا لهم: ما لكم رجعتم؟ قالوا: أصابنا وباء المدينة. فقالوا: أما لكم في رسول الله أسوة حسنة؟! فقال بعضهم: نافقوا، وقال بعضهم: لم ينافقوا. فأنزل الله عز وجل: nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=88فما لكم في المنافقين فئتين الآية.
وهذه الرواية هي الأقرب لنظم الآية كما سنبينه في التنبيه الثاني.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=88والله أركسهم أي: نكسهم وردهم إلى الكفر
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=88بما كسبوا أي: بسبب ما كسبوه من لحوقهم بالكفار
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=88أتريدون أن تهدوا من أضل الله أي: تعدوهم من جملة المهتدين.
قال
أبو السعود : تجريد للخطاب وتخصيص له بالقائلين بإيمانه من الفئتين،
[ ص: 1437 ] وتوبيخ لهم على زعمهم ذلك وإشعار بأنه يؤدي إلى محاولة المحال الذي هو هداية من أضله الله تعالى، وذلك لأن الحكم بإيمانهم وادعاء اهتدائهم - وهم بمعزل عن ذلك - سعي في هدايتهم وإرادة لها، ووضع الموصول موضع ضمير المنافقين لتشديد الإنكار وتأكيد استحالة الهداية بما ذكر في حيز الصلة، وتوجيه الإنكار إلى الإرادة لا إلى متعلقها - بأن يقال: أتهدون ... إلخ - للمبالغة في إنكاره ببيان أنه مما لا يمكن إرادته، فضلا عن إمكان نفسه.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=88ومن يضلل الله عن دينه
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=88فلن تجد له سبيلا أي: طريقا إلى الهدى.
[ ص: 1435 ] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=treesubj&link=19881_30454_30525_30539_30797_34155_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=88فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلا [88]
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=88فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ أَيْ: فَمَا لَكُمْ تَفَرَّقْتُمْ فِي أَمْرِ الْمُنَافِقِينَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=88فِئَتَيْنِ أَيْ: فِرْقَتَيْنِ وَلَمْ تَتَّفِقُوا عَلَى التَّبَرُّؤِ مِنْهُمْ، وَالِاسْتِفْهَامُ لِلْإِنْكَارِ، وَالنَّفْيُ وَالْخِطَابُ لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ، لَكِنْ مَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى التَّوْبِيخِ مُتَوَجِّهٌ إِلَى بَعْضِهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّ فِرْقَةً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ كَانَتْ تَمِيلُ إِلَيْهِمْ وَتَذُبُّ عَنْهُمْ وَتُوَالِيهِمْ، وَفُرْقَةً مِنْهُمْ تُبَايِنُهُمْ وَتُعَادِيهِمْ، فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ وَأُمِرُوا بِأَنْ يَكُونُوا عَلَى نَهْجٍ وَاحِدٍ فِي التَّبَايُنِ وَالتَّبَرُّؤِ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ دَلَائِلَ نِفَاقِهِمْ وَكُفْرِهِمْ ظَاهِرَةٌ جَلِيَّةٌ، فَلَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَخْتَلِفُوا فِي شَأْنِهِمْ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ هُنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ خَذَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أُحُدٍ، وَرَجَعُوا بِعَسْكَرِهِمْ بَعْدَ أَنْ خَرَجُوا، كَمَا تَقَدَّمَ فِي آلِ عِمْرَانَ، كَمَا أَوْضَحَهُ مَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ
nindex.php?page=showalam&ids=12251وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ nindex.php?page=hadith&LINKID=701461أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ إِلَى أُحُدٍ، فَرَجَعَ نَاسٌ خَرَجُوا مَعَهُ، فَكَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فِيهِمْ فِرْقَتَيْنِ، فِرْقَةٌ تَقُولُ: نَقْتُلُهُمْ، وَفِرْقَةٌ تَقُولُ: لَا هُمُ [ ص: 1436 ] الْمُؤْمِنُونَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=88فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِنَّهَا طَيْبَةٌ وَإِنَّهَا تَنْفِي الْخَبَثَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ هَذَا لَفْظُ أَحْمَدَ.
وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=12563مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي وَقْعَةِ
أُحُدٍ : أَنَّ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِيٍّ ابْنَ سَلُولَ رَجَعَ يَوْمَئِذٍ بِثُلُثِ الْجَيْشِ: رَجَعَ بِثَلَاثِمِائَةٍ وَبَقِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَبْعِمِائَةٍ.
وَثَمَّةَ فِي نُزُولِ الْآيَةِ رِوَايَةٌ أُخْرَى أَخْرَجَهَا
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=38عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=939334أَنَّ قَوْمًا مِنَ الْعَرَبِ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ فَأَسْلَمُوا وَأَصَابَهُمْ وَبَاءُ الْمَدِينَةِ وَحُمَّاهَا، فَأُرْكِسُوا، فَخَرَجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ ، فَاسْتَقْبَلَهُمْ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ - يَعْنِي أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا لَهُمْ: مَا لَكُمْ رَجَعْتُمْ؟ قَالُوا: أَصَابَنَا وَبَاءُ الْمَدِينَةِ. فَقَالُوا: أَمَا لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ؟! فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَافَقُوا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَمْ يُنَافِقُوا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=88فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ الْآيَةَ.
وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ هِيَ الْأَقْرَبُ لِنَظْمِ الْآيَةِ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ فِي التَّنْبِيهِ الثَّانِي.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=88وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ أَيْ: نَكَّسَهُمْ وَرَدَّهُمْ إِلَى الْكُفْرِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=88بِمَا كَسَبُوا أَيْ: بِسَبَبِ مَا كَسَبُوهُ مِنْ لُحُوقِهِمْ بِالْكُفَّارِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=88أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ أَيْ: تَعُدُّوهُمْ مِنْ جُمْلَةِ الْمُهْتَدِينَ.
قَالَ
أَبُو السُّعُودِ : تَجْرِيدٌ لِلْخِطَابِ وَتَخْصِيصٌ لَهُ بِالْقَائِلِينَ بِإِيمَانِهِ مِنَ الْفِئَتَيْنِ،
[ ص: 1437 ] وَتَوْبِيخٌ لَهُمْ عَلَى زَعْمِهِمْ ذَلِكَ وَإِشْعَارٌ بِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى مُحَاوَلَةِ الْمُحَالِ الَّذِي هُوَ هِدَايَةُ مَنْ أَضَلَّهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِإِيمَانِهِمْ وَادِّعَاءَ اهْتِدَائِهِمْ - وَهُمْ بِمَعْزِلٍ عَنْ ذَلِكَ - سَعْيٌ فِي هِدَايَتِهِمْ وَإِرَادَةٌ لَهَا، وَوَضْعُ الْمَوْصُولِ مَوْضِعَ ضَمِيرِ الْمُنَافِقِينَ لِتَشْدِيدِ الْإِنْكَارِ وَتَأْكِيدِ اسْتِحَالَةِ الْهِدَايَةِ بِمَا ذُكِرَ فِي حَيِّزِ الصِّلَةِ، وَتَوْجِيهُ الْإِنْكَارِ إِلَى الْإِرَادَةِ لَا إِلَى مُتَعَلِّقِهَا - بِأَنْ يُقَالَ: أَتَهْدُونَ ... إِلَخْ - لِلْمُبَالَغَةِ فِي إِنْكَارِهِ بِبَيَانِ أَنَّهُ مِمَّا لَا يُمْكِنُ إِرَادَتُهُ، فَضْلًا عَنْ إِمْكَانِ نَفْسِهِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=88وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ عَنْ دِينِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=88فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلا أَيْ: طَرِيقًا إِلَى الْهُدَى.