الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما عظمه بأن وصف صحفه التي [هي] محل المكتوب بالطهارة، بين سبب ذلك فقال: فيها أي تلك الصحف كتب جمع كتاب أي علوم هي لنفاستها حقيقة بأن تكتب قيمة أي هي في غاية الاستقامة لنطقها بالحق الذي لا مرية فيه ليس فيها شرك ولا عوج بنوع من الأنواع، فإذا أتتهم هذه البينة انفكوا [و] انفكاكهم أنهم كانوا مجتمعين قبل هذا، أهل الكتاب يؤمنون بالنبي صلى الله عليه وسلم لما عندهم من البشائر الصريحة به، والمشركون يقولون: لئن جاءنا نذير لنكونن أهدى من إحدى الأمم، ويقولون: نحن [ ص: 189 ] نعرف الحق لأهله ولا ندفعه بوجه، فلما جاءهم النبي صلى الله عليه وسلم بما لا شبهة فيه تفرقوا، فبعضهم آمن وبعضهم كفر.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير : هي من كمال ما تقدمها لأنه لما أمره عليه الصلاة والسلام بقراءة كتابه الذي [به] اتضحت سبيله وقامت حجته، [و] أتبع ذلك بالتعريف بليلة إنزاله وتعظيمها بتعظيم ما أهلت له مما أنزل فيها، أتبع ذلك بتعريفه صلى الله عليه وسلم بأن هذا الكتاب هو الذي كانت اليهود تستفتح به على مشركي العرب وتعظم أمره وأمر الآتي به، حتى إذا حصل ذلك مشاهدا لهم كانوا هم أول كافر به، فقال تعالى: لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة - إلى قوله: وذلك دين القيمة وفي التعريف بهذا تأكيد ما تقدم بيانه مما يثمر الخوف وينهج بإذن الله التسليم والتبرؤ من ادعاء حول أو قوة، فإن هؤلاء قد كانوا قدم إليهم في أمر الكتاب والآتي به يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل، وقد كانوا إليهم في أمر الكتاب والآتي به يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل، وقد كانوا يؤملون الانتصار به عليه الصلاة والسلام من أعدائهم ويستفتحون بكتابه، فرحم الله من لم يكن عنده علم منه كأبي بكر وعمر وأنظارهما رضي الله عنهم أجمعين، وحرم هؤلاء الذين قد كانوا [ ص: 190 ] على بصيرة من أمره وجعلهم بكفرهم شر البرية، ورضي عن الآخرين ورضوا عنه، وأسكنهم في جواره ومنحهم الفوز الأكبر والحياة الأبدية وإن كانوا قبل بعثه عليه الصلاة والسلام على جهالة وعمى، فلم يضرهم إذا قد سبق لهم في الأزل "أولئك هم خير البرية" انتهى.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية