الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ فرأ ]

                                                          فرأ : الفرأ مهموز مقصور : حمار الوحش ، وقيل الفتي منها . وفي المثل : كل صيد في جوف الفرإ . وفي الحديث : أن أبا سفيان استأذن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فحجبه ثم أذن له ، فقال له : ما كدت تأذن حتى تأذن لحجارة الجلهمتين . فقال : يا أبا سفيان ! أنت كما قال القائل : كل الصيد في جوف الفرإ ، مقصور ، ويقال في جوف الفراء ، ممدود ، وأراد النبي ، صلى الله عليه وسلم ، بما قاله لأبي سفيان تألفه على الإسلام ، فقال : أنت في الناس كحمار الوحش في الصيد ، يعني أنها كلها دونه . وقال أبو العباس : معناه أنه إذا حجبك قنع كل محجوب ورضي ، لأن كل صيد أقل من الحمار الوحشي ، فكل صيد لصغره يدخل في جوف الحمار ، وذلك أنه حجبه وأذن لغيره . فيضرب هذا المثل للرجل يكون له حاجات ، منها واحدة كبيرة ، فإذا قضيت تلك الكبيرة لم يبال أن لا تقضى باقي حاجاته . وجمع الفرإ أفراء وفراء ، مثل جبل وجبال . قال مالك بن زغبة الباهلي :


                                                          بضرب كآذان الفراء فضوله وطعن كإيزاغ المخاض تبورها



                                                          الإيزاغ : إخراج البول دفعة دفعة . وتبورها أي تختبرها . ومعنى البيت أن ضربه يصير فيه لحما معلقا كآذان الحمر . ومن ترك الهمز قال : فرا . وحضر الأصمعي وأبو عمرو الشيباني عند أبي السمراء فأنشده الأصمعي :


                                                          بضرب كآذان الفراء فضوله     وطعن كتشهاق العفا هم بالنهق



                                                          ثم ضرب بيده إلى فرو كان بقربه يوهم أن الشاعر أراد فروا ، فقال أبو عمرو : أراد الفرو . فقال الأصمعي : هكذا روايتكم ، فأما قولهم : أنكحنا الفرا فسنرى ، فإنما هو على التخفيف البدلي موافقة لسنرى لأنه مثل والأمثال موضوعة على الوقف ، فلما سكنت الهمزة أبدلت ألفا لانفتاح ما قبلها . ومعناه : قد طلبنا عالي الأمور فسنرى أعمالنا بعد ، قال ذلك ثعلب . وقال الأصمعي : يضرب مثلا للرجل إذا غرر بأمر فلم ير ما يحب أي صنعنا الحزم فآل بنا إلى عاقبة سوء . وقيل معناه : أنا قد نظرنا في الأمر فسننظر عما ينكشف .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية