الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      لما ختم تلك بجزاء الصالح والطالح في دار البقاء على ما أسلفوه في مواطن الفناء، ذكر في هذه أول مبادئ تلك الدار وأوائل غاياتها، وذكر في القارعة ثواني مبادئها وآخر غاياتها، وأبلغ في التحذير بالإخبار بإظهار ما يكون عليه الجزاء، فقال معبرا بأداة التحقق لأن الأمر حتم لا بد من كونه: إذا .

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان المخوف الزلزلة ولو لم يعلم فاعلها، وكان البناء للمفعول يدل على سهولة الفعل ويسره جدا، بنى للمفعول قوله: زلزلت الأرض أي حركت واضطربت زلزلة البعث بعد النفخة الثانية بحيث يعمها ذلك [ ص: 203 ] لا كما كان يتفق قبل ذلك من زلزلة بعضها دون بعض وعلى وجه دون ذلك، وعظم هذا الزلزال وهوله بإبهامه لتذهب النفس فيه كل مذهب، فقال كاسرا الزاء لأنه مصدر، ولو فتحها لكان اسما للحركة، قال البيضاوي : وليس إلا في المضاعف. زلزالها أي تحركها واضطرابها الذي يحق لها في مناسبته لعظمة جرم الأرض وعظمة ذلك اليوم، ولو شرح بما يليق به لطال الشرح، وذلك كما تقول: أكرم التقي إكرامة وأهن الفاسق [الشقي] إهانة، أي على حسب ما يليق به.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير : وردت عقب سورة البرية ليبين بها حصول جزاء الفريقين ومآل الصنفين المذكورين في قوله تعالى: إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين - إلى قوله: أولئك هم شر البرية وقوله: إن الذين آمنوا - إلى آخر السورة.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان حاصل ذلك افتراقهم على صنفين ولم يقع تعريف بتباين أحوالهم، أعقب ذلك بمآل الصنفين واستيفاء جزاء الفريقين المجمل ذكرهم فقال تعالى: يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم إلى آخر السورة - انتهى.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية