الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ فرخ ]

                                                          فرخ : الفرخ : ولد الطائر ، هذا الأصل ، وقد استعمل في كل صغير من الحيوان والنبات والشجر وغيرها ، والجمع القليل أفرخ وأفراخ وأفرخة نادرة ; عن ابن الأعرابي ; وأنشد :


                                                          أفواقها حذة الجفير كأنها أفواه أفرخة من النغران



                                                          والكثير فرخ وفراخ وفرخان ; قال :


                                                          معها كفرخان الدجاج رزخا     درادقا وهي الشيوخ فرخا



                                                          يقول : إن هؤلاء وإن كانوا صغارا فإن أكلهم أكل الشيوخ . والأنثى فرخة . وأفرخت البيضة والطائرة وفرخت ، وهي مفرخ ومفرخ : طار لها فرخ . وأفرخ البيض : خرج فرخه . وأفرخ الطائر : صار ذا فرخ ، وفرخ كذلك . واستفرخوا الحمام : اتخذوها للفراخ . وفي حديث علي ، رضوان الله عليه : أتاه قوم فاستأمروه في قتل عثمان ، رضي الله عنه ، فنهاهم وقال : إن تفعلوه فبيضا فليفرخنه ; أراد إن تقتلوه تهيجوا فتنة يتولى منها شيء كثير ; كما قال بعضهم :


                                                          أرى فتنة هاجت وباضت وفرخت     ولو تركت طارت إليها فراخها



                                                          قال ابن الأثير : ونصب بيضا بفعل مضمر دل الفعل المذكور عليه تقديره فليفرخن بيضا فليفرخنه كما تقول زيدا أضرب ضربت أي ضربت زيدا ضربت ، فحذف الأول وإلا فلا وجه لصحته بدون هذا التقدير ، لأن الفاء الثانية لا بد لها من معطوف عليه ، ولا تكون لجواب الشرط لكون الأولى كذلك . ويقال أفرخت البيضة إذا خلت من الفرخ وأفرختها أمها . وفي حديث عمر : يا أهل الشام تجهزوا لأهل العراق ، فإن الشيطان قد باض فيهم وفرخ أي اتخذهم مقرا ومسكنا لا يفارقهم كما يلازم الطائر موضع بيضه وأفراخه . وفرخ الرأس : الدماغ على التشبيه ، كما قيل له العصفور ; قال :


                                                          ونحن كشفنا عن معاوية التي     هي الأم تغشى كل فرخ منقنق



                                                          وقول الفرزدق :


                                                          ويوم جعلنا البيض فيه لعامر     مصممة تفأى فراخ الجماجم



                                                          يعني به الدماغ . والفرخ : مقدم دماغ الفرس . والفرخ : الزرع إذا تهيأ للانشقاق بعدما يطلع ، وقيل : هو إذا صارت له أغصان ، وقد فرخ وأفرخ تفريخا . الليث : الزرع ما دام في البذر ، فهو الحب ، فإذا انشق الحب عن الورقة ، فهو الفرخ ، فإذا طلع رأسه ، فهو الحقل . وفي الحديث : أنه نهى عن بيع الفروخ بالمكيل من الطعام ، قال : الفروخ من السنبل ما استبانت عاقبته ، وانعقد حبه ، وهو مثل نهيه عن المخاضرة والمحاقلة . وأفرخ الأمر وفرخ : استبانت عاقبته بعد اشتباه . وأفرخ القوم بيضهم إذا أبدوا سرهم ، يقال ذلك للذي أظهر أمره وأخرج خبره لأن إفراخ البيض أن يخرج فرخه . وفرخ الروع وأفرخ : ذهب الفزع ; يقال : ليفرخ روعك أي ليخرج عنك فزعك كما يخرج الفرخ عن البيضة ; وأفرخ روعك يا فلان أي سكن جأشك . الأزهري ، أبو عبيد : من أمثالهم المنتشرة في كشف الكرب عند المخاوف عن الجبان قولهم : أفرخ روعك ; يقول : ليذهب رعبك وفزعك فإن الأمر ليس على ما تحاذر . وفي الحديث : كتب معاوية إلى ابن زياد : أفرخ روعك قد وليناك الكوفة ; وكان يخاف أن يوليها غيره . وأفرخ فؤاد الرجل إذا خرج روعه وانكشف عنه الفزع كما تفرخ البيضة إذا انفلقت عن الفرخ فخرج منها ; وأصل الإفراخ الانكشاف مأخوذ من إفراخ البيض إذا انقاض عن الفرخ فخرج منها ; قال وقلبه ذو الرمة لمعرفته في المعنى فقال :


                                                          جذلان قد أفرخت عن روعه الكرب



                                                          قال : والروع في الفؤاد كالفرخ في البيضة ; وأنشد :

                                                          فقل للفؤاد إن نزا بك نزوة من الخوف أفرخ أكثر الروع باطله

                                                          وقال أبو عبيد : أفرخ روعه إذ دعي له أن يسكن روعه ويذهب . وفرخ الرعديد : رعب وأرعد ، وكذلك الشيخ الضعيف . الأزهري : ويقال للفرق الرعديد ، قد فرخ تفريخا ; وأنشد :


                                                          وما رأينا من معشر     ينتخوا من شنا إلا فرخوا



                                                          أبو منصور : معنى فرخوا ضعفوا كأنهم فراخ من ضعفهم ; وقيل : معناه ذلوا . الهوازني : إذا سمع صاحب الأمة الرعد والطحن ، فرخ إلى الأرض أي لزق بها يفرخ فرخا . وفرخ الرجل إذا زال فزعه واطمأن . والفرخ : المدغدغ من الرجال . والفرخة : السنان العريض . والفريخ على لفظ التصغير : قين كان في الجاهلية تنسب إليه النصال الفريخية ; ومنه قول الشاعر :


                                                          ومقذوذين من بري الفريخ



                                                          وقولهم : فلان فريخ قريش ، إنما هو على وجه المدح ، كقول الحباب بن المنذر " أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب " والعرب تقول : فلان فريخ قومه ، إذا كانوا يعظمونه ويكرمونه ، وصغر على وجه المبالغة في كرامته . وفروخ : من ولد إبراهيم ، عليه السلام . وفي حديث أبي هريرة : يا بني فروخ ; قال الليث : بلغنا أن فروخ كان من ولد إبراهيم ، عليه السلام ، ولد بعد إسحاق وإسماعيل ، وكثر نسله ونما [ ص: 149 ] عدده فولد العجم الذين هم في وسط البلاد ; وأما قول الشاعر :


                                                          فإن يأكل أبو فروخ آكل     ولو كانت خنانيصا صغارا



                                                          فإنه جعله أعجميا فلم يصرفه لمكان العجمة والتعريف .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية