الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 110 ] 616 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أولى الناس بالإمامة .

3954 - حدثنا محمد بن عمرو بن يونس ، قال : حدثنا عبد الله بن نمير الهمداني ، عن الأعمش ، عن إسماعيل بن رجاء الزبيدي ، عن أوس وهو ابن ضمعج قال : سمعت أبا مسعود الأنصاري يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله عز وجل ، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة ، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة ، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا ، ولا يؤم الرجل في سلطانه ولا يجلس على تكرمته في بيته إلا بإذنه .

[ ص: 111 ]

3955 - وحدثنا موسى بن الحسن المعروف بالسقلي ، قال : حدثنا معاوية بن عمرو بن المهلب الأسدي ، قال : حدثنا زائدة بن قدامة القطعي ، عن الأعمش ، ثم ذكر بإسناده مثله غير أنه لم يقل ولا يؤم الرجل .

قال أبو جعفر : هكذا روى الأعمش هذا الحديث ، عن إسماعيل بن رجاء ، وقد روى عن إسماعيل محمد بن جحادة بخلاف ذلك .

[ ص: 112 ]

3956 - كما حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال : حدثنا أبو معمر ، قال : حدثنا عبد الوارث ، قال : حدثنا محمد بن جحادة ، عن إسماعيل بن رجاء ، عن أوس بن ضمعج .

عن عقبة بن عمرو ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يؤم القوم أقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سنا ، فإن كانوا في السن سواء فأقرؤهم .

وقد رواه أيضا المسعودي ، عن إسماعيل بخلاف ذلك .

3957 - كما حدثنا بكار بن قتيبة ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا المسعودي ، قال : حدثنا إسماعيل بن رجاء ، عن أوس بن ضمعج .

عن أبي مسعود البدري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله عز وجل ، فإن كانوا في القراءة سواء فأقدمهم هجرة ، فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سنا ، ولا يؤم أمير في بيته ولا في سلطانه ، ولا تجلس على تكرمته حتى يأذن لك .

[ ص: 113 ] وقد رواه أيضا شعبة ، عن إسماعيل بخلاف ذلك .

3958 - حدثنا بكار ، قال : حدثنا سعيد بن عامر ، قال : حدثنا شعبة ، عن إسماعيل بن رجاء ، عن أوس بن ضمعج .

عن أبي مسعود رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله وأقدمهم في القراءة ، فإن كانوا في القراءة سواء فأقدمهم في الهجرة ، فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سنا ، ولا يؤم أمير في إمارته ، ولا في أهله ، ولا تجلس على تكرمته إلا بإذنه أو إلا أن يأذن لك .

وقد رواه أيضا عن إسماعيل فطر بن خليفة بخلاف ذلك .

3959 - كما حدثنا سليمان بن شعيب الكيساني ، قال : حدثنا خالد بن عبد الرحمن الخراساني ، قال : حدثنا فطر بن خليفة ، عن إسماعيل بن رجاء ، عن أوس بن ضمعج .

عن أبي مسعود الأنصاري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليؤمكم أقرؤكم فإن كانت القراءة واحدة فأقدمكم هجرة ، فإن كانت الهجرة واحدة فأعلمكم بالسنة ، فإن كانت السنة واحدة فأقدمكم سنا ، ولا [ ص: 114 ] يؤم الرجل في بيته ، ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه .

قال أبو جعفر : فتأملنا هذا الحديث واختلاف رواته فيه عن إسماعيل ، فوجدناه يدور على أربع مراتب وهي : أقرأ القوم لكتاب الله عز وجل وأعلم القوم بالسنة وأقدم القوم هجرة وأكبر القوم سنا ، وكان القرآن الذي يكون بعضهم أقرأ له من بعض مما لا بد منه في الصلاة ومما هي مضمنة به ، وكذلك ما كان مأخوذا من السنة مما لا تقوم الصلاة إلا به الصلاة به مضمنة ، فكانت المرتبتان الآخرتان وهما الهجرة والسن ليستا كذلك وليست الصلاة بهما مضمنة ; لأن جماعة لو حضروا فيهم رجل من أهل الهجرة وبقيتهم ليسوا من أهلها فصلوا دونه أجزأتهم صلاتهم ، وإن كان الأحسن لهم والأولى بهم والأفضل لهم أن لو جعلوه إمامهم فيها .

وكذلك لو حضر قوم للصلاة وفيهم رجل هو أسنهم فصلوا دونه كانت صلاتهم جائزة وإن كان الأولى لهم والأفضل بهم أن لو قدموه وائتموا به فكانت المرتبتان الأوليان لا بد لهما في الصلاة ومما [ ص: 115 ] هي به مضمنة ، وكانت المرتبتان الآخرتان إنما تستعملان فيهما أدبا لا فرضا وليست الصلاة بهما مضمنة ، فكان أعلى المرتبتين الأوليين القرآن ، وأعلى المرتبتين الآخرتين الهجرة ، فاستدللنا بذلك على أن الأولى من أهل المراتب الأربع اللاتي ذكرنا بالإمامة في الصلاة أهل القرآن ، ثم أهل السنة ، ثم أهل الهجرة ، ثم أهل السن ، ولم نجد في رواية أحد ممن روى هذا الحديث وضع الإمامة في أهل هذه المراتب كذلك غير الأعمش فإن روايته إياه كذلك فكانت بذلك أولاها عندنا ، والله عز وجل نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية