الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ فرس ]

                                                          فرس : الفرس : واحد الخيل ، والجمع أفراس ، الذكر والأنثى في ذلك سواء ، ولا يقال للأنثى فيه فرسة ; قال ابن سيده : وأصله التأنيث فلذلك قال سيبويه : وتقول ثلاثة أفراس إذا أردت المذكر ، ألزموه التأنيث وصار في كلامهم للمؤنث أكثر منه للمذكر حتى صار بمنزلة القدم ; قال : وتصغيرها فريس نادر ، وحكى ابن جني فرسه . الصحاح : وإن أردت تصغير الفرس الأنثى خاصة لم تقل إلا فريسة ، بالهاء ; عن أبي بكر بن السراج ، والجمع أفراس ، وراكبه فارس ، مثل لابن وتامر . قال ابن السكيت : إذا كان الرجل على حافر ، برذونا كان أو فرسا أو بغلا أو حمارا ، قلت : مر بنا فارس على بغل ومر بنا فارس على حمار ; قال الشاعر :


                                                          وإني امرؤ للخيل عندي مزية على فارس البرذون أو فارس البغل



                                                          وقال عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير ، لا أقول لصاحب البغل فارس ولكني أقول بغال ، ولا أقول لصاحب الحمار فارس ولكني أقول حمار . والفرس : نجم معروف لمشاكلته الفرس في صورته . والفارس : صاحب الفرس على إرادة النسب ، والجمع فرسان وفوارس ، وهو أحد ما شذ من هذا النوع فجاء في المذكر على فواعل ; قال الجوهري في جمعه على فوارس : هو شاذ لا يقاس عليه لأن فواعل إنما هو جمع فاعلة مثل ضاربة وضوارب ، وجمع فاعل إذا كان صفة لمؤنث مثل حائض وحوائض ، أو ما كان لغير الآدميين مثل جمل بازل وجمال بوازل وجمل عاضه وجمال عواضه وحائط وحوائط ، فأما مذكر ما يعقل فلم يجمع عليه إلا فوارس وهوالك ونواكس ، فأما فوارس فلأنه شيء لا يكون في المؤنث فلم يخف فيه اللبس ، وأما هوالك فإنما جاء في المثل هالك في الهوالك فجرى على الأصل لأنه قد يجيء في الأمثال ما لا يجيء في غيرها ، وأما نواكس فقد جاء في ضرورة الشعر . والفرسان : الفوارس ; قال ابن سيده : ولم نسمع امرأة فارسة ، والمصدر الفراسة والفروسة ، ولا فعل له . وحكى اللحياني وحده : فرس وفرس إذا صار فارسا ، وهذا شاذ . وقد فارسه مفارسة وفراسا ، والفراسة ، بالفتح ، مصدر قولك رجل فارس على الخيل . الأصمعي : يقال فارس بين الفروسة والفراسة والفروسية ، وإذا كان فارسا بعينه ونظره فهو بين الفراسة ، بكسر الفاء ، ويقال : إن فلانا لفارس بذلك الأمر إذا كان عالما به . ويقال : اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله . وقد فرس فلان ، بالضم ، يفرس فروسة وفراسة إذا حذق أمر الخيل . قال : وهو يتفرس إذا كان يري الناس أنه فارس على الخيل . ويقال : هو يتفرس إذا كان يتثبت وينظر . وفي الحديث : أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، عرض يوما الخيل وعنده عيينة بن حصن الفزاري فقال له : أنا أعلم بالخيل منك ، فقال عيينة : وأنا أعلم بالرجال منك ، فقال : خيار الرجال الذين يضعون أسيافهم على عواتقهم ويعرضون رماحهم على مناكب خيلهم من أهل نجد ، فقال النبي ، صلى الله عليه وسلم : كذبت ; خيار الرجال أهل اليمن ، الإيمان يمان وأنا يمان ، وفي رواية أنه قال : أنا أفرس بالرجال ; يريد أبصر وأعرف . يقال : رجل فارس بين الفروسة والفراسة في الخيل ، وهو الثبات عليها والحذق بأمرها . ورجل فارس بالأمر أي عالم به بصير . والفراسة ، بكسر الفاء : في النظر والتثبت والتأمل للشيء والبصر به ، يقال إنه لفارس بهذا الأمر إذا كان عالما به . وفي الحديث : علموا أولادكم العوم والفراسة ; الفراسة ، بالفتح : العلم بركوب الخيل وركضها ، من الفروسية ، قال : والفارس الحاذق بما يمارس من الأشياء كلها ، وبها سمي الرجل فارسا . ابن الأعرابي : فارس في الناس بين الفراسة والفراسة ، وعلى الدابة بين الفروسية ، والفروسة لغة فيه ، والفراسة ، بالكسر : الاسم من قولك تفرست فيه خيرا . وتفرس فيه الشيء : توسمه . والاسم الفراسة ، بالكسر . وفي الحديث : اتقوا فراسة المؤمن ; قال ابن الأثير : يقال بمعنيين : أحدهما ما دل ظاهر الحديث عليه وهو ما يوقعه الله تعالى في قلوب أوليائه فيعلمون أحوال بعض الناس بنوع من الكرامات وإصابة الظن والحدس ، والثاني نوع يتعلم بالدلائل والتجارب والخلق والأخلاق فتعرف به أحوال الناس ، وللناس فيه تصانيف كثيرة قديمة وحديثة ، واستعمل الزجاج منه أفعل فقال : أفرس الناس أي أجودهم وأصدقهم فراسة ثلاثة : امرأة العزيز في يوسف ، على نبينا وعليه الصلاة والسلام ، وابنة شعيب في موسى ، على نبينا وعليهم الصلاة والسلام ، وأبو بكر في تولية عمر بن الخطاب ، رضي الله عنهما . قال ابن سيده : فلا أدري أهو على الفعل أم هو من باب أحنك الشاتين ، وهو يتفرس أي يتثبت وينظر تقول منه : رجل فارس النظر . وفي حديث الضحاك في رجل آلى من امرأته ثم طلقها قال : هما كفرسي رهان أيهما سبق أخذ به ; تفسيره أن العدة ، وهي ثلاث حيض أو ثلاثة أطهار ، إن انقضت قبل انقضاء إيلائه وهو أربعة أشهر فقد بانت منه المرأة بتلك التطليقة ، ولا شيء عليه من الإيلاء لأن الأربعة أشهر تنقضي وليست له بزوج ، وإن مضت الأربعة أشهر وهي في العدة بانت منه بالإيلاء مع تلك التطليقة فكانت اثنتين ، فجعلهما كفرسي رهان يتسابقان إلى غاية .

                                                          وفرس الذبيحة يفرسها فرسا : قطع نخاعها ، وفرسها فرسا : فصل عنقها . ويقال للرجل إذا ذبح فنخع . قد فرس ، وقد كره الفرس في الذبيحة ; رواه أبو عبيدة بإسناده عن عمر ، قال أبو عبيدة : الفرس هو النخع ، يقال : فرست الشاة ونخعتها وذلك أن تنتهي بالذبح إلى النخاع ، وهو الخيط الذي في فقار الصلب متصل بالفقار ، فنهى أن ينتهى بالذبح إلى ذلك الموضع ; قال أبو عبيد : أما النخع فعلى ما قال أبو عبيدة ، وأما الفرس فقد خولف فيه فقيل : هو الكسر كأنه نهى أن يكسر عظم رقبة الذبيحة قبل أن تبرد ، وبه سميت فريسة الأسد للكسر . قال أبو عبيد : الفرس ، بالسين ، الكسر ، وبالصاد ، الشق . ابن الأعرابي : الفرس أن تدق الرقبة قبل أن تذبح الشاة . وفي الحديث : أمر مناديه فنادى : لا تنخعوا ولا تفرسوا . وفرس الشيء فرسا : دقه وكسره ; وفرس السبع الشيء يفرسه فرسا . وافترس الدابة : أخذه فدق عنقه ; وفرس الغنم : أكثر فيها من ذلك . قال [ ص: 154 ] سيبويه : ظل يفرسها ويؤكلها أي يكثر ذلك فيها . وسبع فراس : كثير الافتراس ; قال الهذلي :


                                                          يا مي لا يعجز الأيام ذو حيد     في حومة الموت روام وفراس



                                                          والأصل في الفرس دق العنق ، ثم كثر حتى جعل كل قتل فرسا ; يقال : ثور فريس وبقرة فريس . وفي حديث يأجوج ومأجوج : إن الله يرسل النغف عليهم فيصبحون فرسى أي قتلى ، الواحد فريس ، من فرس الذئب الشاة وافترسها إذا قتلها ، ومنه فريسة الأسد . وفرسى : جمع فريس مثل قتلى وقتيل . قال ابن السكيت : وفرس الذئب الشاة فرسا ، وقال النضر بن شميل : يقال أكل الذئب الشاة ولا يقال افترسها . قال ابن السكيت : وأفرس الراعي أي فرس الذئب شاة من غنمه . قال : وأفرس الرجل الأسد حماره إذا تركه له ليفترسه وينجو هو . وفرسه الشيء : عرضه له يفترسه ; واستعمل العجاج ذلك في النعر فقال :


                                                          ضربا إذا صاب اليآفيخ احتفر     في الهام دخلانا يفرسن النعر



                                                          أي أن هذه الجراحات واسعة ، فهي تمكن النعر مما تريده منها ; واستعمله بعض الشعراء في الإنسان فقال ، أنشده ابن الأعرابي :


                                                          قد أرسلوني في الكواعب راعيا     فقد وأبي راعي الكواعب أفرس
                                                          أتته ذئاب لا يبالين راعيا     وكن ذئابا تشتهي أن تفرسا



                                                          أي كانت هذه النساء مشتهيات للتفريس فجعلهن كالسوام إلا أنهن خالفن السوام لأن السوام لا تشتهي أن تفرس ، إذ في ذلك حتفها ، والنساء يشتهين ذلك لما فيه من لذتهن ، إذ فرس الرجال النساء هاهنا إنما هو مواصلتهن ; وأفرس من قوله :


                                                          فقد وأبي راعي الكواعب أفرس



                                                          موضوع موضع فرست كأنه قال : فقد فرست ; قال سيبويه : قد يضعون أفعل موضع فعلت ولا يضعون فعلت في موضع أفعل إلا في مجازاة نحو إن فعلت فعلت . وقوله : وأبي خفض بواو القسم ، وقوله : راعي الكواعب يكون حالا من التاء المقدرة ، كأنه قال : فرست راعيا للكواعب أي وأنا إذ ذاك كذلك ، وقد يجوز أن يكون قوله وأبي مضافا إلى راعي الكواعب وهو يريد براعي الكواعب ذاته :


                                                          أتته ذئاب لا يبالين راعيا



                                                          أي رجال سوء فجار لا يبالون من رعى هؤلاء النساء فنالوا منهن إرادتهم وهواهم ونلن منهم مثل ذلك ، وإنما كنى بالذئاب عن الرجال لأن الزناة خبثاء كما أن الذئاب خبيثة ، وقال تشتهي على المبالغة ، ولو لم يرد المبالغة لقال تريد أن تفرس مكان تشتهي ، على أن الشهوة أبلغ من الإرادة ، والعقلاء مجمعون على أن الشهوة غير محمودة ألبتة . فأما المراد فمنه محمود ومنه غير محمود . والفريسة والفريس : ما يفرسه ; أنشد ثعلب :


                                                          خافوه خوف الليث ذي الفريس



                                                          وأفرسه إياه : ألقاه له يفرسه . وفرسه فرسة قبيحة : ضربه فدخل ما بين وركيه وخرجت سرته . والمفروس : المكسور الظهر . والمفروس والمفزور والفريس : الأحدب . والفرسة : الحدبة ، بكسر الفاء . والفرسة : الريح التي تحدب ، وحكاها أبو عبيد بفتح الفاء ، وقيل : الفرسة قرحة تكون في الحدب ، وفي النوبة أعلى ، وذلك مذكور في الصاد أيضا . والفرصة : ريح الحدب ، والفرس : ريح الحدب . الأصمعي : أصابته فرسة إذا زالت فقرة من فقار ظهره ، قال : وأما الريح التي يكون منها الحدب فهي الفرصة ، بالصاد . أبو زيد : الفرسة : قرحة أي تدقها ومنه فرست عنقه . الصحاح : الفرسة ريح تأخذ في العنق فتفرسها . وفي حديث قيلة : ومعها ابنة لها أحدبها الفرسة أي ريح الحدب فيصير صاحبها أحدب . وأصاب فرسته أي نهزته ، والصاد فيها أعرف . وأبو فراس : من كناهم وقد سمت العرب فراسا وفراسا . والفريس : حلقة من خشب معطوفة تشد في رأس حبل ; وأنشد :


                                                          فلو كان الرشا مئتين باعا     لكان ممر ذلك في الفريس



                                                          الجوهري : الفريس حلقة من خشب يقال لها بالفارسية جنبر . والفرناس ، مثل الفرصاد : من أسماء الأسد مأخوذ من الفرس ، وهو دق العنق ، نونه زائدة عند سيبويه . وفي الصحاح : وهو الغليظ الرقبة . وفرنوس : من أسمائه ; حكاه ابن جني وهو بناء لم يحكه سيبويه . وأسد فرانس كفرناس : فعانل من الفرس ، وهو مما شذ من أبنية الكتاب . وأبو فراس : كنية الأسد . والفرس ، بالكسر : ضرب من النبات ، واختلف الأعراب فيه فقال أبو المكارم : هو القصقاص ، وقال غيره : هو الحبن ، وقال غيره : وهو الشرشر ، وقال غيره : هو البروق . ابن الأعرابي : الفراس تمر أسود وليس بالشهريز ; وأنشد :


                                                          إذا أكلوا الفراس رأيت شاما     على الأنثال منهم والغيوب



                                                          قال : والأنثال التلال . وفارس : الفرس ، وفي الحديث : وخدمتهم فارس والروم ; وبلاد الفرس أيضا ; وفي الحديث : كنت شاكيا بفارس فكنت أصلي قاعدا فسألت عن ذلك عائشة ; يريد بلاد فارس ، ورواه بعضهم بالنون والقاف جمع نقرس ، وهو الألم المعروف في الأقدام ، والأول الصحيح . وفارس : بلد ذو جيل ، والنسب إليه فارسي ، والجمع فرس ; قال ابن مقبل :


                                                          طافت به الفرس حتى بد ناهضها



                                                          وفرس : بلد ; قال أبو بثينة :


                                                          فأعلوهم بنصل السيف ضربا     وقلت لعلهم أصحاب فرس



                                                          ابن الأعرابي : الفرسن التفسير ، وهو بيان وتفصيل الكتاب . وذو الفوارس : موضع ; قال ذو الرمة :


                                                          أمسى بوهبين مجتازا لطيته من     ذي الفوارس تدعو أنفه الربب



                                                          وقوله هو : [ ص: 155 ] إلى ظعن يقرضن أجواز مشرف شمالا وعن أيمانهن الفوارس

                                                          يجوز أن يكون أراد ذو الفوارس . وتل الفوارس : موضع معروف ، وذكر أن ذلك في بعض نسخ المصنف ، قال وليس ذلك في النسخ كلها . وبالدهناء جبال من الرمل تسمى الفوارس ; قال الأزهري : وقد رأيتها . والفرسن ، بالنون ، للبعير : كالحافر للدابة ; قال ابن سيده : الفرسن طرف خف البعير ، أنثى ، حكاه سيبويه في الثلاثي ، قال : والجمع فراسن ، ولا يقال فرسنات كما قالوا خناصر ولم يقولوا خنصرات . وفي الحديث : لا تحقرن من المعروف شيئا ، ولو فرسن شاة . الفرسن : عظم قليل اللحم ، وهو خف البعير كالحافر للدابة ، وقد يستعار للشاة فيقال فرسن شاة ، والذي للشاة هو الظلف ، وهو فعلن والنون زائدة ، وقيل أصلية لأنها من فرست . وفرسان بالفتح لقب قبيلة . وفراس بن غنم : قبيلة ، وفراس بن عامر كذلك .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية