الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ فرض ]

                                                          فرض : فرضت الشيء أفرضه فرضا وفرضته للتكثير : أوجبته . وقوله تعالى : سورة أنزلناها وفرضناها ويقرأ : ( وفرضناها ) فمن قرأ بالتخفيف فمعناه ألزمناكم العمل بما فرض فيها ، ومن قرأ بالتشديد فعلى وجهين : أحدهما على معنى التكثير على معنى إنا فرضنا فيها فروضا ، وعلى معنى بينا وفصلنا ما فيها من الحلال والحرام والحدود . وقوله تعالى : قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم أي بينها . وافترضه : كفرضه ، والاسم الفريضة . وفرائض الله : حدوده التي أمر بها ونهى عنها ، وكذلك الفرائض بالميراث . والفارض والفرضي : الذي يعرف الفرائض ويسمى العلم بقسمة المواريث فرائض . وفي الحديث : أفرضكم زيد . والفرض : السنة فرض رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أي سن ، وقيل : فرض رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أي أوجب وجوبا لازما ، قال : وهذا هو الظاهر . والفرض : ما أوجبه الله عز وجل ، سمي بذلك لأن له معالم وحدودا . وفرض الله علينا كذا وكذا وافترض أي أوجب . وقوله عز وجل : فمن فرض فيهن الحج أي أوجبه على نفسه بإحرامه . وقال ابن عرفة : الفرض التوقيت . وكل واجب مؤقت ، فهو مفروض . وفي حديث ابن عمر : العلم ثلاثة منها فريضة عادلة يريد العدل في القسمة بحيث تكون على السهام والأنصباء المذكورة في الكتاب والسنة ، وقيل : أراد أنها تكون مستنبطة من الكتاب والسنة وإن لم يرد بها نص فيهما فتكون معادلة للنص ، وقيل : الفريضة العادلة ما اتفق عليه المسلمون . وقوله تعالى : وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا قال الزجاج : معناه مؤقتا . والفرض : القراءة . يقال : فرضت جزئي أي قرأته ، والفريضة من الإبل والبقر : [ ص: 160 ] ما بلغ عدده الزكاة . وأفرضت الماشية : وجبت فيها الفريضة ، وذلك إذا بلغت نصابا . والفريضة : ما فرض في السائمة من الصدقة . أبو الهيثم : فرائض الإبل التي تحت الثني والربع . يقال للقلوص التي تكون بنت سنة وهي تؤخذ في خمس وعشرين : فريضة ، والتي تؤخذ في ست وثلاثين وهي بنت لبون وهي بنت سنتين : فريضة ، والتي تؤخذ في ست وأربعين وهي حقة وهي ابنة ثلاث سنين : فريضة ، والتي تؤخذ في إحدى وستين جذعة وهي فريضتها وهي ابنة أربع سنين فهذه فرائض الإبل ، وقال غيره : سميت فريضة لأنها فرضت أي أوجبت في عدد معلوم من الإبل ، فهي مفروضة وفريضة ، فأدخلت فيها الهاء لأنها جعلت اسما لا نعتا . وفي الحديث : في الفريضة تجب عليه ولا توجد عنده ; يعني السن المعين للإخراج في الزكاة ، وقيل : هو عام في كل فرض مشروع من فرائض الله عز وجل . ابن السكيت : يقال ما لهم إلا الفريضتان ، وهما الجذعة من الغنم والحقة من الإبل . قال ابن بري : ويقال لهما الفرضتان أيضا ; عن ابن السكيت . وفي حديث الزكاة : هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، على المسلمين أي أوجبها عليهم بأمر الله . وأصل الفرض القطع . والفرض والواجب سيان عند الشافعي ، والفرض آكد من الواجب عند أبي حنيفة ، وقيل : الفرض هاهنا بمعنى التقدير أي قدر صدقة كل شيء وبينها عن أمر الله تعالى . وفي حديث حنين : فإن له علينا ست فرائض ; الفرائض : جمع فريضة ، وهو البعير المأخوذ في الزكاة ، سمي فريضة لأنه فرض واجب على رب المال ثم اتسع فيه حتى سمي البعير فريضة في غير الزكاة ومنه الحديث : من منع فريضة من فرائض الله . ورجل فارض وفريض : عالم بالفرائض كقولك عالم وعليم ; عن ابن الأعرابي . والفرض : الهبة . يقال : ما أعطاني فرضا ولا قرضا . والفرض : العطية المرسومة ، وقيل : ما أعطيته بغير قرض . وأفرضت الرجل وفرضت الرجل وافترضته إذا أعطيته . وقد أفرضته إفراضا . والفرض : جند يفترضون ، والجمع الفروض . الأصمعي : يقال فرض له في العطاء وفرض له في الديوان يفرض فرضا ، قال : وأفرض له إذا جعل له فريضة . وفي حديث عدي : أتيت عمر بن الخطاب ، رضي الله عنهما ، في أناس من قومي فجعل يفرض للرجل من طيئ في ألفين ألفين ويعرض عني أي يقطع ويوجب لكل رجل منهم في العطاء ألفين من المال . والفرض : مصدر كل شيء تفرضه فتوجبه على إنسان بقدر معلوم ، والاسم الفريضة . والفارض : الضخم من كل شيء الذكر والأنثى فيه سواء ، ولا يقال فارضة . ولحية فارض وفارضة : ضخمة عظيمة ، وشقشقة فارض كذلك ، وبقرة فارض : مسنة . وفي التنزيل : إنها بقرة لا فارض ولا بكر قال الفراء : الفارض الهرمة والبكر الشابة . وقد فرضت البقرة تفرض فروضا أي كبرت وطعنت في السن ، وكذلك فرضت البقرة ، بالضم ، فراضة ; قال علقمة بن عوف وقد عنى بقرة هرمة :


                                                          لعمري لقد أعطيت ضيفك فارضا تجر إليه ما تقوم على رجل     ولم تعطه بكرا فيرضى سمينة
                                                          فكيف يجازي بالمودة والفعل



                                                          وقال أمية في الفارض أيضا :


                                                          كميت بهيم اللون ليس بفارض     ولا بخصيف ذات لون مرقم



                                                          وقد يستعمل الفارض في المسن من غير البقر فيكون للمذكر وللمؤنث قال :


                                                          شولاء مسك فارض نهي     من الكباش زامر خصي



                                                          وقوم فرض : ضخام وقيل مسان ; قال رجل من فقيم :


                                                          شيب أصداغي فرأسي أبيض     محامل فيها رجال فرض
                                                          مثل البراذين إذا تأرضوا     أو كالمراض غير أن لم يمرضوا
                                                          لو يهجعون سنة لم يعرضوا     إن قلت يوما للغداء أعرضوا
                                                          نوما وأطراف السبال تنبض     وخبئ الملتوت والمحمض



                                                          واحدهم فارض ; وروى ابن الأعرابي :


                                                          محامل بيض وقوم فرض



                                                          قال : يريد أنهم ثقال كالمحامل ; قال ابن بري : ومثله قول العجاج :


                                                          في شعشعان عنق يمخور     حابي الحيود فارض الحنجور



                                                          قال : وقال الفقعسي يذكر غربا واسعا :


                                                          والغرب غرب بقري فارض



                                                          التهذيب : ويقال من الفارض فرضت وفرضت ، قال : ولم نسمع بفرض . وقال الكسائي : الفارض الكبيرة العظيمة ، وقد فرضت تفرض فروضا . ابن الأعرابي : الفارض الكبيرة ، وقال أبو الهيثم : الفارض المسنة . أبو زيد : بقرة فارض وهي العظيمة السمينة ، والجمع فوارض . وبقرة عوان : من بقر عون ، وهي التي نتجت بعد بطنها البكر ، قال قتادة : لا فارض هي الهرمة . وفي حديث طهفة : لكم في الوظيفة الفريضة ; الفريضة الهرمة المسنة ، وهي الفارض أيضا ; يعني هي لكم لا تؤخذ منكم في الزكاة ، ويروى : عليكم في الوظيفة الفريضة أي في كل نصاب ما فرض فيه . ومنه الحديث : لكم الفارض والفريض ; الفريض والفارض : المسنة من الإبل ، وقد فرضت فهي فارض وفارضة وفريضة ، ومثله في التقدير طلقت فهي طالق وطالقة وطليقة ; قال العجاج :


                                                          نهر سعيد خالص البياض     منحدر الجرية في اعتراض
                                                          هول يدق بكم العراض     يجري على ذي ثبج فرياض
                                                          ن صوت مائه الخضخاض     أجلاب جن بنقا مغياض



                                                          قال : ورأيت بالستار الأغبر عينا يقال لها فرياض تسقي نخلا كثيرة [ ص: 161 ] وكان ماؤها عذبا ; وقوله أنشده ابن الأعرابي :


                                                          رب مولى حاسد مباغض     علي ذي ضغن وضب فارض
                                                          له قروء كقروء الحائض



                                                          عنى بضب فارض عداوة عظيمة كبيرة من الفارض التي هي المسنة ; وقوله :


                                                          له قروء كقروء الحائض



                                                          يقول : لعداوته أوقات تهيج فيها مثل وقت الحائض . ويقال : أضمر علي ضغنا فارضا وضغنة فارضا ، بغير هاء أي عظيما ، كأنه ذو فرض أي ذو حز ; وقال :


                                                          يا رب ذي ضغن علي فارض



                                                          والفريض : جرة البعير ; عن كراع ، وهي عند غيره القريض بالقاف ، وسيأتي ذكره . ابن الأعرابي : الفرض الحز في القدح والزند وفي السير وغيره ، وفرضة الزند الحز الذي فيه . وفي حديث عمر ، رضي الله عنه : اتخذ عام الجدب قدحا فيه فرض ; الفرض : الحز في الشيء والقطع ، والقدح : السهم قبل أن يعمل فيه الريش والنصل . وفي صفة مريم ، عليها السلام : لم يفترضها ولد أي لم يؤثر فيها ولم يحزها ; يعني قبل المسيح . قال : ومنه قوله تعالى : لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا أي مؤقتا ، وفي الصحاح : أي مقتطعا محدودا . وفرض الزند : حيث يقدح منه . وفرضت العود والزند والمسواك وفرضت فيهما أفرض فرضا : حززت فيهما حزا . وقال الأصمعي : فرض مسواكه فهو يفرضه فرضا إذا حزه بأسنانه . والفرض : اسم الحز ، والجمع فروض وفراض ; قال :


                                                          من الرصفات البيض غير لونها     بنات فراض المرخ واليابس الجزل



                                                          التهذيب في ترجمة فرض : الليث التقريض في كل شيء كتقريض يدي الجعل ; وأنشد :


                                                          إذا طرحا شأوا بأرض هوى له     مقرض أطراف الذراعين أفلح



                                                          قال الأزهري : هذا تصحيف وإنما هو التفريض ، بالفاء ، من الفرض وهو الحز . وقولهم الجعلانة مفرضة كأن فيها حزوزا ، قال : وهذا البيت رواه الثقات أيضا بالفاء . مفرض أطراف الذراعين ، وهو في شعر الشماخ ، وأراد بالشأو ما يلقيه العير والأتان من أرواثها ، وقال الباهلي : أراد الشماخ بالمفرض المحزز ; يعني الجعل . والمفرض : الحديدة التي يحز بها . وقال أبو حنيفة : فراض النحل ما تظهره الزندة من النار إذا اقتدحت . قال : والفراض إنما يكون في الأنثى من الزندتين خاصة . وفرض فوق السهم ، فهو مفروض وفريض : حزه . والفريض : السهم المفروض فوقه . والتفريض : التحزيز . والفرض : العلامة ; ومنه فرض الصلاة وغيرها إنما هو لازم للعبد كلزوم الحز للقدح . الفراء : يقال خرجت ثناياه مفرضة أي مؤشرة ، قال : والغروب ماء الأسنان والظلم بياضها كأنه يعلوه سواد ، وقيل : الأشر تحزيز في أطراف الأسنان وأطرافها غروبها ، واحدها غرب . والفرض : الشق في وسط القبر . وفرضت للميت : ضرحت . والفرضة : كالفرض . والفرض والفرضة : الحز الذي في القوس . وفرضة القوس : الحز يقع عليه الوتر ، وفرض القوس كذلك ، والجمع فراض . وفرضة النهر : مشرب الماء منه ، والجمع فرض وفراض . الأصمعي : الفرضة المشرعة ، يقال : سقاها بالفراض أي من فرضة النهر . والفرضة : الثلمة التي تكون في النهر . والفراض : فوهة النهر ; قال لبيد :


                                                          تجري خزائنه على من نابه     جري الفرات على فراض الجدول



                                                          وفرضة النهر : ثلمته التي منها يستقى . وفي حديث موسى ، عليه السلام : حتى أرفأ به عند فرضة النهر أي مشرعته ، وجمع الفرضة فرض . وفي حديث ابن الزبير : واجعلوا السيوف للمنايا فرضا أي اجعلوها مشارع للمنايا وتعرضوا للشهادة . وفرضة البحر : محط السفن . وفرضة الدواة : موضع النقس منها . وفرضة الباب : نجرانه . والفرض : القدح ; قال عبيد بن الأبرص يصف برقا :


                                                          فهو كنبراس النبيط أو ال     فرض بكف اللاعب المسمر



                                                          والمسمر : الذي دخل في السمر . والفرض : الترس ; قال صخر الغي الهذلي :


                                                          أرقت له مثل لمع البش     ير قلب بالكف فرصا خفيفا



                                                          قال أبو عبيد : ولا تقل قرصا خفيفا . والفرض : ضرب من التمر ، وقيل : ضرب من التمر صغار لأهل عمان ; قال شاعرهم :


                                                          إذا أكلت سمكا وفرضا     ذهبت طولا وذهبت عرضا



                                                          قال أبو حنيفة : وهو من أجود تمر عمان هو والبلعق ، قال : وأخبرني بعض أعرابها قال : إذا أرطبت نخلته فتؤخر عن اخترافها تساقط عن نواه فبقيت الكباسة ليس فيها إلا نوى معلق بالثفاريق . ابن الأعرابي : يقال لذكر الخنافس المفرض وأبو سلمان والحواز والكبرتل . والفراض : موضع ; قال ابن أحمر :


                                                          جزى الله قومي بالأبلة نصرة     ومبدى لهم حول الفراض ومحضرا



                                                          وأما قوله أنشده ابن الأعرابي :


                                                          كأن لم يكن منا الفراض مظنة     ولم يمس يوما ملكها بيميني



                                                          فقد يجوز أن يعني الموضع نفسه ، وقد يجوز أن يعني الثغور يشبهها بمشارع المياه ، وفي حديث ابن عمر : أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، استقبل فرضتي الجبل ; فرضة الجبل ما انحدر من وسطه وجانبه . ويقال للرجل إذا لم يكن عليه ثوب : ما عليه فراض أي ثوب ، وقال أبو الهيثم : ما عليه ستر . وفي الصحاح : يقال ما عليه فراض أي شيء من لباس . وفرياض : موضع .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية