الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7101 ) مسألة : قال : ( فإن رجع ، وقال : لم أدر ما قلت . لم يلتفت إلى قوله ، وأجبر على الإسلام ) وجملته أن الصبي إذا أسلم ، وحكمنا بصحة إسلامه ، لمعرفتنا بعقله بأدلته ، فرجع ، وقال : لم أدر ما قلت . لم يقبل قوله ، ولم يبطل إسلامه الأول . وروي عن أحمد ، أنه يقبل منه ، ولا يجبر على الإسلام .

                                                                                                                                            قال أبو بكر : هذا قول محتمل ; لأن الصبي في مظنة النقص ، فيجوز أن يكون صادقا . قال : والعمل على الأول ; لأنه قد ثبت عقله للإسلام ، ومعرفته به بأفعاله أفعال العقلاء ، وتصرفاته تصرفاتهم ، وتكلمه بكلامهم ، وهذا يحصل به معرفة عقله ; ولهذا اعتبرنا رشده بعد بلوغه بأفعاله وتصرفاته ، وعرفنا جنون المجنون وعقل العاقل بما يصدر عنه من أفعاله وأقواله وأحواله ، فلا يزول ما عرفناه بمجرد دعواه . وهكذا كل من تلفظ بالإسلام ، أو أخبر عن نفسه به ، ثم أنكر معرفته بما قال ، لم يقبل إنكاره ، وكان مرتدا . نص عليه أحمد في مواضع . إذا ثبت هذا ، فإنه إذا ارتد ، صحت ردته . وبهذا قال أبو حنيفة . وهو الظاهر من مذهب مالك .

                                                                                                                                            وعند الشافعي : لا يصح إسلامه ولا ردته . وقد روي عن أحمد أنه يصح إسلامه ، ولا تصح ردته ; لقوله عليه السلام { : رفع القلم عن ثلاث ; عن الصبي حتى يبلغ } . وهذا يقتضي أن لا يكتب عليه ذنب ولا شيء ، ولو صحت ردته ، لكتبت عليه . وأما الإسلام فلا يكتب عليه ، إنما يكتب له ، ولأن الردة أمر يوجب القتل ، فلم يثبت حكمه في حق الصبي كالزنى ولأن الإسلام إنما صح منه ; لأنه تمحض مصلحة ، فأشبه الوصية والتدبير ، والردة تمحضت مضرة ومفسدة ، فلم تلزم صحتها منه . فعلى هذا ، حكمه حكم من لم يرتد ، فإذا بلغ ، فإن أصر على الكفر ، كان مرتدا حينئذ .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية