الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                    معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                    كشف المعاني في المتشابه من المثاني

                                                                                                                                                                    ابن جماعة - بدر الدين محمد بن إبراهيم بن جماعة

                                                                                                                                                                    65 - مسألة :

                                                                                                                                                                    قوله تعالى في آية الربا: والله لا يحب كل كفار أثيم وفي الآية الأولى من النساء: من كان مختالا فخورا وكذلك في الحديد.

                                                                                                                                                                    [ ص: 121 ] وفي الثانية: من كان خوانا أثيما .

                                                                                                                                                                    ما فائدة العدول عن قوله: "يبغض " إلى قوله: "لا يحب" مع أنه لا يلزم من نفي المحبة البغض؟

                                                                                                                                                                    وما فائدة تخصيص كل آية بما ذكر فيها؟

                                                                                                                                                                    جوابه:

                                                                                                                                                                    أن البغض: صفة مكروهة للنفوس، فلم يحسن نسبته إلى الله تعالى لفظا، وأيضا: فلأن حال العبد مع الله تعالى إما طاعته أو عدمها.

                                                                                                                                                                    فإذا انتفت محبته لنفي طاعته تعين ضدها، فعبر بما هو أحسن لفظا.

                                                                                                                                                                    وأما (كفار أثيم): فإنها نزلت في ثقيف وقريش لما أصروا على الربا، وعارضوا حكم الله تعالى بقولهم: إنما البيع مثل الربا فهم كفار بالدين، آثمون بتعاطي الربا والإصرار عليه.

                                                                                                                                                                    وأما آية النساء الأولى فجاءت بعد قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبعد قوله: وبالوالدين إحسانا والعبادة هي التذلل للمعبود والتواضع له، وكذلك الإحسان إلى الوالدين يقتضي التواضع لهما، وذلك ينافي الاختيال والعجب والتفاخر، ويؤيده قوله سبحانه: وبذي القربى الآية.

                                                                                                                                                                    [ ص: 122 ] وكذلك جاء في لقمان بعد قوله تعالى: ولا تمش في الأرض مرحا وفي الحديد بعد قوله تعالى: وتفاخر بينكم .

                                                                                                                                                                    وأما آية النساء الثانية فنزلت في طعمة بن أبيرق لما سرق درع قتادة بن النعمان - رضي الله عنه - وحلف عليه، ورمى به اليهود، ثم ارتد ولحق بمكة، فناسب: (خوانا).

                                                                                                                                                                    وأيضا فلتقدم قوله تعالى: عن الذين يختانون أنفسهم .

                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية