الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
التاسعة : اختلفوا في قبول رواية المبتدع الذي لا يكفر في بدعته .

فمنهم من رد روايته مطلقا ؛ لأنه فاسق ببدعته ، وكما استوى في الكفر المتأول وغير المتأول يستوي في الفسق المتأول وغير المتأول .

ومنهم من قبل رواية المبتدع إذا لم يكن ممن يستحل الكذب في نصرة مذهبه أو لأهل مذهبه ، سواء كان داعية إلى بدعته أو لم يكن ، وعزا بعضهم هذا إلى الشافعي ، لقوله : " أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية من الرافضة ؛ لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم " .

وقال قوم : " تقبل روايته إذا لم يكن داعية ، ولا تقبل إذا كان داعية " ، وهذا مذهب الكثير أو الأكثر من العلماء .

وحكى بعض أصحاب الشافعي رضي الله عنه خلافا بين أصحابه في [ ص: 115 ] قبول رواية المبتدع إذا لم يدع إلى بدعته ، وقال : أما إذا كان داعية فلا خلاف بينهم في عدم قبول روايته .

وقال أبو حاتم بن حبان البستي أحد المصنفين من أئمة الحديث : " الداعية إلى البدع لا يجوز الاحتجاج به عند أئمتنا قاطبة ، لا أعلم بينهم فيه خلافا " .

وهذا المذهب الثالث أعدلها وأولاها ، والأول بعيد مباعد للشائع عن أئمة الحديث ، فإن كتبهم طافحة بالرواية عن المبتدعة غير الدعاة .

وفي الصحيحين كثير من أحاديثهم في الشواهد والأصول ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية