الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ فرق ]

                                                          فرق : الفرق : خلاف الجمع ، فرقه يفرقه فرقا وفرقه وقيل : فرق للصلاح فرقا وفرق ، للإفساد تفريقا ، وانفرق الشيء وتفرق وافترق . وفي حديث الزكاة : لا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق خشية الصدقة ، وقد ذكر في موضعه مبسوطا ، وذهب أحمد أن معناه : لو كان لرجل بالكوفة أربعون شاة وبالبصرة أربعون كان عليه شاتان لقوله : لا يجمع بين متفرق ، ولو كان له ببغداد عشرون وبالكوفة عشرون لا شيء عليه ، ولو كانت له إبل متفرقة في بلدان شتى إن جمعت وجب فيها الزكاة ، وإن لم تجمع لم تجب في كل بلد لا يجب عليه فيها شيء . وفي الحديث : البيعان بالخيار ما لم يفترقا . اختلف الناس في التفرق الذي يصح ويلزم البيع بوجوبه فقيل : هو بالأبدان ، وإليه ذهب معظم الأئمة والفقهاء من الصحابة والتابعين ، وبه قال الشافعي وأحمد ، وقال أبو حنيفة ومالك وغيرهما : إذا تعاقدا صح البيع وإن لم يفترقا ، وظاهر الحديث يشهد للقول الأول ، فإن رواية ابن عمر في تمامه : أنه كان إذا بايع رجلا فأراد أن يتم البيع قام فمشى خطوات حتى يفارقه ، وإذا لم يجعل التفرق شرطا في الانعقاد لم يكن لذكره فائدة ، فإنه يعلم أن المشتري ما لم يوجد منه قبول البيع فهو بالخيار ، وكذلك البائع خياره ثابت في ملكه قبل عقد البيع . والتفرق والافتراق سواء ، ومنهم من يجعل التفرق للأبدان والافتراق في الكلام ; يقال فرقت بين الكلامين فافترقا ، وفرقت بين الرجلين فتفرقا . وفيحديث عمر ، رضي الله عنه : فرقوا عن المنية واجعلوا الرأس رأسين ; يقول : إذا اشتريتم الرقيق أو غيره من الحيوان فلا تغالوا في الثمن واشتروا بثمن الرأس الواحد رأسين فإن مات الواحد بقي الآخر فكأنكم قد فرقتم مالكم عن المنية . وفي حديث ابن عمر : كان يفرق بالشك ويجمع باليقين ; يعني في الطلاق وهو أن يحلف الرجل على أمر قد اختلف الناس فيه ولا يعلم من المصيب منهم فكان يفرق بين الرجل والمرأة احتياطا فيه وفي أمثاله من صور الشك ، فإن تبين له بعد الشك اليقين جمع بينهما . وفي الحديث : من فارق الجماعة فميتته جاهلية ; يعني أن كل جماعة عقدت عقدا يوافق الكتاب والسنة فلا يجوز لأحد أن يفارقهم في ذلك [ ص: 169 ] العقد فإن خالفهم فيه استحق الوعيد ، ومعنى قوله : " فميتته جاهلية " أي يموت على ما مات عليه أهل الجاهلية من الضلال والجهل . وقوله تعالى : وإذ فرقنا بكم البحر معناه شققناه . والفرق : القسم ، والجمع أفراق . ابن جني : وقراءة من قرأ فرقنا بكم البحر بتشديد الراء ، شاذة من ذلك أي جعلناه فرقا وأقساما ; وأخذت حقي منه بالتفاريق . والفرق : الفلق من الشيء إذا انفلق منه ، ومنه قوله تعالى : فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم . التهذيب : جاء تفسير فرقنا بكم البحر في آية أخرى وهي قوله تعالى : وأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم أراد فانفرق البحر فصار كالجبال العظام وصاروا في قراره . وفرق بين القوم يفرق ويفرق . وفي التنزيل : فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين قال اللحياني : وروي عن عبيد بن عمير الليثي أنه قرأ فافرق بيننا ، بكسر الراء . وفرق بينهم : كفرق ; هذه عن اللحياني : وتفرق القوم تفرقا وتفريقا ; الأخيرة عن اللحياني . الجوهري : فرقت بين الشيئين أفرق فرقا وفرقانا وفرقت الشيء تفريقا وتفرقة فانفرق وافترق وتفرق ، قال : وفرقت أفرق بين الكلام وفرقت بين الأجسام ، قال : وقول النبي ، صلى الله عليه وسلم : البيعان بالخيار ما لم يتفرقا بالأبدان لأنه يقال فرقت بينهما فتفرقا . والفرقة : مصدر الافتراق . قال الأزهري : الفرقة اسم يوضع موضع المصدر الحقيقي من الافتراق . وفي حديث ابن مسعود : صليت مع النبي ، صلى الله عليه وسلم ، بمنى ركعتين ومع أبي بكر وعمر ثم تفرقت بكم الطرق أي ذهب كل منكم إلى مذهب ومال إلى قول وتركتم السنة . وفارق الشيء مفارقة وفراقا : باينه ، والاسم الفرقة . وتفارق القوم : فارق بعضهم بعضا . وفارق فلان امرأته مفارقة وفراقا : باينها . والفرق والفرقة والفريق : الطائفة من الشيء المتفرق . والفرقة : طائفة من الناس ، والفريق أكثر منه . وفي الحديث : أفاريق العرب ، وهو جمع أفراق ، وأفراق جمع فرقة ، قال ابن بري : الفريق من الناس وغيرهم فرقة منه والفريق المفارق ; قال جرير :


                                                          أتجمع قولا بالعراق فريقه ومنه بأطلال الأراك فريق ؟



                                                          قال : وأفراق جمع فرق ، وفرق جمع فرقة ومثله فيقة وفيق وأفواق وأفاويق . والفرق : طائفة من الناس ، قال : وقال أعرابي لصبيان رآهم : هؤلاء فرق سوء . والفريق الطائفة من الناس وهم أكثر من الفرق ، ونية فريق : مفرقة قال :


                                                          أحقا أن جيرتنا استقلوا ؟     فنيتنا ونيتهم فريق



                                                          قال سيبويه : قال فريق كما تقول للجماعة صديق . وفي التنزيل : عن اليمين وعن الشمال قعيد وقول الشاعر :


                                                          أشهد بالمروة يوما والصفا     أنك خير من تفاريق العصا



                                                          قال ابن الأعرابي : العصا تكسر فيتخذ منها ساجور ، فإذا كسر الساجور اتخذت منه الأوتاد : فإذا كسر الوتد اتخذت منه التوادي تصر بها الأخلاف . قال ابن بري : والرجز لغنية الأعرابية ، وقيل لامرأة قالتهما في ولدها وكان شديد العرامة مع ضعف أسر ودقة ، وكان قد واثب فتى فقطع أنفه فأخذت أمه ديته ، ثم واثب آخر فقطع شفته فأخذت أمه ديتها ، فصلحت حالها فقالت البيتين تخاطبه بهما . والفرق : تفريق ما بين الشيئين حين يتفرقان . والفرق : الفصل بين الشيئين . فرق يفرق فرقا : فصل . وقوله تعالى : فالفارقات فرقا قال ثعلب : هي الملائكة تزيل بين الحلال والحرام . وقوله تعالى : وقرآنا فرقناه أي فصلناه وأحكمناه ، من خفف قال بيناه من فرق يفرق ، ومن شدد قال أنزلناه مفرقا في أيام . التهذيب : قرئ فرقناه وفرقناه ، أنزل الله تعالى القرآن جملة إلى سماء الدنيا ثم نزل على النبي ، صلى الله عليه وسلم ، في عشرين سنة ، فرقه الله في التنزيل ليفهمه الناس . وقال الليث : معناه أحكمناه كقوله تعالى : فيها يفرق كل أمر حكيم أي يفصل وقرأه أصحاب عبد الله مخففا والمعنى أحكمناه وفصلناه . وروي عن ابن عباس فرقناه ، بالتثقيل ، يقول لم ينزل في يوم ولا يومين نزل متفرقا ، وروي عن ابن عباس أيضا فرقناه مخففة . وفرق الشعر بالمشط يفرقه ويفرقه فرقا وفرقه : سرحه . والفرق : موضع المفرق من الرأس . وفرق الرأس : ما بين الجبين إلى الدائرة ; قال أبو ذؤيب :


                                                          ومتلف مثل فرق الرأس تخلجه     مطارب زقب أميالها فيح



                                                          شبهه بفرق الرأس في ضيقه ، ومفرقه ومفرقه كذلك : وسط رأسه . وفي حديث صفة النبي ، صلى الله عليه وسلم : إن انفرقت عقيقته فرق وإلا فلا يبلغ شعره شحمة أذنه إذا هو وفره أي إن صار شعره فرقين بنفسه في مفرقه تركه ، وإن لم ينفرق لم يفرقه ; أراد أنه كان لا يفرق شعره إلا أن ينفرق هو ، وهكذا كان في أول الأمر ثم فرق . ويقال للماشطة : تمشط كذا فرقا أي كذا وكذا ضربا . والمفرق والمفرق : وسط الرأس وهو الذي يفرق فيه الشعر ، وكذلك مفرق الطريق . وفرق له عن الشيء : بينه له ; عن ابن جني . ومفرق الطريق ومفرقه : متشعبه الذي يتشعب منه طريق آخر ، وقولهم للمفرق مفارق كأنهم جعلوا كل موضع منه مفرقا فجمعوه على ذلك . وفرق له الطريق أي اتجه له طريقان . والفرق في النبات : أن يتفرق قطعا ، من قولهم أرض فرقة في نبتها ، فرق على النسب لأنه لا فعل له إذا لم تكن واصية متصلة النبات ، وكان متفرقا . وقال أبو حنيفة : نبت فرق صغير لم يغط الأرض . ورجل أفرق : للذي ناصيته كأنها مفروقة ، بين الفرق ، وكذلك اللحية ، وجمع الفرق أفراق ; قال الراجز :


                                                          ينفض عثنونا كثير الأفراق     تنتج ذفراه بمثل الدرياق



                                                          الليث : الأفرق شبه الأفلج إلا أن الأفلج زعموا ما يفلج ، والأفرق خلقة . والفرقاء من الشاء : البعيدة ما بين الخصيتين . ابن سيده : الأفرق الأبلج ، وقيل : البعيد ما بين الأليتين . والأفرق : المتباعد ما بين الثنيتين . وتيس أفرق : بعيد ما بين القرنين . وبعير أفرق : بعيد ما بين المنسمين . وديك أفرق : ذو عرفين للذي عرفه مفروق ، وذلك لانفراج ما بينهما . والأفرق من الرجال : الذي ناصيته كأنها مفروقة ، بين الفرق ، وكذلك اللحية ، ومن الخيل الذي إحدى وركيه شاخصة والأخرى مطمئنة ، وقيل : الذي نقصت إحدى فخذيه عن الأخرى وهو يكره ، وقيل : هو الناقص إحدى الوركين ; قال :

                                                          [ ص: 170 ]

                                                          ليست من الفرق البطاء دوسر



                                                          وأنشده يعقوب : من القرق البطاء ، وقال : القرق الأصل ، قال ابن سيده : ولا أدري كيف هذه الرواية . وفي التهذيب : الأفرق من الدواب الذي إحدى حرقفتيه شاخصة والأخرى مطمئنة . وفرس أفرق : له خصية واحدة ، والاسم الفرق من كل ذلك ، والفعل من كل ذلك فرق فرقا . والمفروقان من الأسباب : هما اللذان يقوم كل واحد منهما بنفسه أي يكون حرف متحرك وحرف ساكن ويتلوه حرف متحرك نحو مستف من مستفعلن ، وعيلن من مفاعيلن . والفرقان : القرآن . وكل ما فرق به بين الحق والباطل ، فهو فرقان ، ولهذا قال الله تعالى : ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان . والفرق أيضا : الفرقان ونظيره الخسر والخسران ; وقال الراجز :


                                                          ومشركي كافر بالفرق



                                                          وفي حديث فاتحة الكتاب : ما أنزل في التوراة ولا الإنجيل ولا الزبور ولا الفرقان مثلها ; الفرقان : من أسماء القرآن أي أنه فارق بين الحق والباطل والحلال والحرام . ويقال : فرق بين الحق والباطل ، ويقال أيضا : فرق بين الجماعة ; قال عدي بن الرقاع :


                                                          والدهر يفرق بين كل جماعة     ويلف بين تباعد وتناء



                                                          وفي الحديث : محمد فرق بين الناس أي يفرق بين المؤمنين والكافرين بتصديقه وتكذيبه . والفرقان : الحجة . والفرقان : النصر . وفي التنزيل : وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان وهو يوم بدر ، لأن الله أظهر من نصره ما كان بين الحق والباطل . التهذيب . وقوله تعالى : وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون قال : يجوز أن يكون الفرقان الكتاب بعينه ، وهو التوراة ، إلا أنه أعيد ذكره باسم غير الأول ، وعنى به أن يفرق بين الحق والباطل ، وذكره الله تعالى لموسى في غير هذا الموضع ، فقال تعالى : ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء أراد التوراة فسمى جل ثناؤه الكتاب المنزل على محمد فرقانا ، وسمى الكتاب المنزل على موسى فرقانا ، والمعنى أنه تعالى فرق بكل واحد منهما بين الحق والباطل ، وقال الفراء : آتينا موسى الكتاب وآتينا محمدا الفرقان ، قال : والقول الذي ذكرناه قبله واحتججنا له من الكتاب بما احتججنا هو القول . والفاروق : ما فرق بين شيئين . ورجل فاروق : يفرق ما بين الحق والباطل . والفاروق : عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، سمي به لتفريقه بين الحق والباطل ، وفي التهذيب : لأنه ضرب بالحق على لسانه في حديث ذكره ، وقيل : إنه أظهر الإسلام بمكة ففرق بين الكفر والإيمان ; وقال الفرزدق يمدح عمر بن عبد العزيز :


                                                          أشبهت من عمر الفاروق سيرته     فاق البرية وأتمت به الأمم



                                                          وقال عتبة بن شماس يمدح عمر بن عبد العزيز أيضا :


                                                          إن أولى بالحق في كل حق     ثم أحرى بأن يكون حقيقا
                                                          من أبوه عبد العزيز بن مروا     ن ومن كان جده الفاروقا


                                                          والفرق : ما انفلق من عمود الصبح لأنه فارق سواد الليل ، وقد انفرق ، وعلى هذا أضافوا فقالوا أبين من فرق الصبح ، لغة في فلق الصبح ، وقيل : الفرق الصبح نفسه . وانفرق الفجر وانفلق ، قال : وهو الفرق والفلق للصبح ; وأنشد :


                                                          حتى إذا انشق عن إنسانه فرق     هاديه في أخريات الليل منتصب



                                                          والفارق من الإبل : التي تفارق إلفها فتنتتج وحدها ، وقيل : هي التي أخذها المخاض فذهبت نادة في الأرض ، وجمعها فرق وفوارق ، وقد فرقت تفرق فروقا ، وكذلك الأتان ; وأنشد الأصمعي لعمارة بن طارق :


                                                          اعجل بغرب مثل غرب طارق     ومنجنون كالأتان الفارق
                                                          من أثل ذات العرض والمضايق



                                                          قال : وكذلك السحابة المنفردة لا تخلف وربما كان قبلها رعد وبرق ; قال ذو الرمة :


                                                          أو مزنة فارق يجلو غواربها     تبوج البرق والظلماء علجوم



                                                          الجوهري : وربما شبهوا السحابة التي تنفرد من السحاب بهذه الناقة فيقال فارق . وقال ابن سيده : سحابة فارق منقطعة من معظم السحاب تشبه بالفارق من الإبل ; قال عبد بني الحسحاس يصف سحابا :


                                                          له فرق منه ينتجن حوله     يفقئن بالميث الدماث السوابيا



                                                          فجعل له سوابي كسوابي الإبل اتساعا في الكلام ; قال ابن بري : ويجمع أيضا على فراق ; قال الأعشى :


                                                          أخرجته قهباء مسبلة الود     ق رجوس قدامها فراق



                                                          ابن الأعرابي : الفارق من الإبل التي تشتد ثم تلقي ولدها من شدة ما يمر بها من الوجع . وأفرقت الناقة : أخرجت ولدها فكأنها فارقته . وناقة مفرق : فارقها ولدها ، وقيل : فارقها بموت ، والجمع مفاريق . وناقة مفرق : تمكث سنتين أو ثلاثا لا تلقح . ابن الأعرابي : أفرقنا إبلنا العام إذا خلوها في المرعى والكلأ لم ينتجوها ولم يلقحوها . قال الليث : والمطعون إذا برأ قيل أفرق يفرق إفراقا . قال الأزهري : وكل عليل أفاق من علته ، فقد أفرق . وأفرق المريض والمحموم : برأ ، ولا يكون إلا من مرض يصيب الإنسان مرة واحدة كالجدري والحصبة وما أشبههما . وقال اللحياني : كل مفيق من مرضه مفرق فعم بذلك . قال أعرابي لآخر : ما أمار إفراق المورود ؟ فقال : الرحضاء ; يقول : ما علامة برء المحموم ، فقال العرق . وفي الحديث : عدوا من أفرق من الحي أي من برأ من الطاعون . والفرق ، بالكسر : القطيع من الغنم والبقر والظباء العظيم ، وقيل : هو ما دون المائة من الغنم ; قال الراعي :


                                                          ولكنما أجدى وأمتع جده     بفرق يخشيه بهجهج ناعقه



                                                          يهجو بهذا البيت رجلا من بني نمير اسمه قيس بن عاصم النميري يلقب بالحلال ، وكان عيره بإبله فهجاه الراعي وعيره أنه صاحب غنم ومدح إبله ، يقول أمتعه جده أي حظه بالغنم ، وليس له سواها ; ألا ترى إلى قوله قبل هذا البيت :


                                                          وعيرني الإبل الحلال ولم يكن [ ص: 171 ]     ليجعلها لابن الخبيثة خالقه



                                                          والفريقة : القطعة من الغنم . ويقال : هي الغنم الضالة ; وهجهج : زجر للسباع والذئاب ، والناعق : الراعي . والفريق : كالفرق . والفرق والفريق من الغنم : الضالة . وأفرق فلان غنمه : أضلها وأضاعها . والفريقة من الغنم : أن تتفرق منها قطعة أو شاة أو شاتان أو ثلاث شياه فتذهب تحت الليل عن جماعة الغنم ; قال كثير :

                                                          وذفرى ككاهل ذيخ الخليف أصاب فريقة ليل فعاثا

                                                          وفي الحديث : ما ذئبان عاديان أصابا فريقة غنم ; الفريقة : القطعة من الغنم تشذ عن معظمها ، وقيل : هي الغنم الضالة . وفي حديث أبي ذر : سئل عن ماله فقال فرق لنا وذود ; الفرق القطعة من الغنم . وقال ابن بري في بيت كثير : والخليف الطريق بين الجبلين ; وصواب إنشاده بذفرى لأن قبله :

                                                          توالي الزمام إذا ما ونت ركائبها واحتثثن احتثاثا

                                                          ابن سيده : والفرقة من الإبل ، بالهاء ، ما دون المائة . والفرق بالتحريك : الخوف . وفرق منه ، بالكسر ، فرقا : جزع ; وحكى سيبويه فرقه على حذف من ; قال حين مثل نصب قولهم : أو فرقا خيرا من حب أي أو أفرقك فرقا . وفرق عليه : فزع وأشفق ; هذه عن اللحياني . ورجل فرق وفرق وفروق وفروقة وفروق وفروقة وفاروق وفاروقة : فزع شديد الفرق ; الهاء في كل ذلك ليست لتأنيث الموصوف بما هي فيه إنما هي إشعار بما أريد من تأنيث الغاية والمبالغة . وفي المثل : رب عجلة تهب ريثا ورب فروقة يدعى ليثا ; والفروقة : الحرمة ; وأنشد :


                                                          ما زال عنه حمقه وموقه     واللؤم حتى انتهكت فروقه



                                                          وامرأة فروقة ولا جمع له ; قال ابن بري : شاهد رجل فروقة للكثير الفزع قول الشاعر :


                                                          بعثت غلاما من قريش فروقة     وتترك ذا الرأي الأصيل المهلبا



                                                          وقال مويلك المرموم :


                                                          إني حللت وكنت جد فروقة     بلدا يمر به الشجاع فيفزع



                                                          قال : ويقال للمؤنث فروق أيضا ; شاهده قول حميد بن ثور :


                                                          رأتني مجليها فصدت مخافة     وفي الخيل روعاء الفؤاد فروق



                                                          وفي حديث بدء الوحي : فجئثت منه فرقا ; هو بالتحريك الخوف والجزع . يقال : فرق يفرق فرقا ، وفي حديث أبي بكر : أبالله تفرقني ؟ أي تخوفني . وحكى اللحياني : فرقت الصبي إذا رعته وأفزعته ; قال ابن سيده : وأراها فرقت ، بتشديد الراء ، لأن مثل هذا يأتي على فعلت كثيرا كقولك فزعت وروعت وخوفت . وفارقني ففرقته أفرقه أي كنت أشد فرقا منه ; هذه عن اللحياني حكاه عن الكسائي . وتقول : فرقت منك ولا تقل فرقتك . وأفرق الرجل والطائر والسبع والثعلب : سلح ; أنشد اللحياني :


                                                          ألا تلك الثعالب قد توالت     علي وحالفت عرجا ضباعا
                                                          لتأكلني فمر لهن لحمي     فأفرق من حذاري أو أتاعا



                                                          قال : ويروى فأذرق ، وقد تقدم . والمفرق : الغاوي على التشبيه بذلك أو لأنه فارق الرشد ، والأول أصح ; قال رؤبة :


                                                          حتى انتهى شيطان كل مفرق



                                                          والفريقة : أشياء تخلط للنفساء من بر وتمر وحلبة ، وقيل : هو تمر يطبخ بحلبة للنفساء ; قال أبو كبير :


                                                          ولقد وردت الماء لون جمامه     لون الفريقة صفيت للمدنف



                                                          قال ابن بري : صوابه ولقد وردت الماء ، بفتح التاء ، لأنه يخاطب المري . وفي الحديث : أنه وصف لسعد في مرضه الفريقة ; هي تمر بحلبة وهو طعام يعمل للنفساء . والفروقة : شحم الكليتين ; قال الراعي :


                                                          فبتنا وباتت قدرهم ذات هزة     يضيء لنا شحم الفروقة والكلى



                                                          وأنكر شمر الفروقة بمعنى شحم الكليتين . وأفرقوا إبلهم : تركوها في المرعى فلم ينتجوها ولم يلقحوها . والفرق : الكتان ; قال :


                                                          وأغلاظ النجوم معلقات     كحبل الفرق ليس له انتصاب



                                                          والفرق والفرق : مكيال ضخم لأهل المدينة معروف ، وقيل : هو أربعة أرباع ، وقيل : هو ستة عشر رطلا ; قال خداش بن زهير :


                                                          يأخذون الأرش في إخوتهم     فرق السمن وشاة في الغنم



                                                          والجمع فرقان ، وهذا الجمع قد يكون للساكن والمتحرك جميعا مثل بطن وبطنان وحمل وحملان ; وأنشد أبو زيد :


                                                          ترفد بعد الصف في فرقان



                                                          قال : والصف أن تحلب في محلبين أو ثلاثة تصف بينها . وفي الحديث : أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، كان يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع ، وقالت عائشة : كنت أغتسل معه من إناء يقال له الفرق ; قال أبو منصور : والمحدثون يقولون : الفرق ، وكلام العرب الفرق ; قال ذلك أحمد بن يحيى وخالد بن يزيد وهو إناء يأخذ ستة عشر مدا وذلك ثلاثة أصوع . ابن الأثير : الفرق ، بالتحريك ، مكيال يسع ستة عشر رطلا وهي اثنا عشر مدا ، وثلاثة آصع عند أهل الحجاز ، وقيل : الفرق خمسة أقساط والقسط نصف صاع فأما الفرق ، بالسكون ، فمائة وعشرون رطلا ; ومنه الحديث : ما أسكر منه الفرق فالحسوة منه حرام ; وفي الحديث الآخر : من استطاع أن يكون كصاحب فرق الأرز فليكن مثله ; ومنه الحديث : في كل عشرة أفرق عسل فرق ; الأفرق جمع قلة لفرق كجبل وأجبل . وفي حديث طهفة : بارك الله لهم في مذقها وفرقها ، وبعضهم يقوله ، بفتح الفاء ، وهو مكيال يكال به اللبن . والفرقان والفرق : إناء ; أنشد أبو زيد :


                                                          وهي إذا أدرها العبدان     وسطعت بمشرف شبحان
                                                          ترفد بعد الصف في الفرقان



                                                          أراد بالصف قدحين ، وقال أبو مالك : الصف أن يصف بين القدحين فيملأهما . والفرقان : قدحان مفترقان ، وقوله بمشرف شبحان أي [ ص: 172 ] بعنق طويل ; قال أبو حاتم في قول الراجز :


                                                          ترفد بعد الصف في الفرقان



                                                          قال : الفرقان ، جمع الفرق ، والفرق أربعة أرباع ، والصف أن تصف بين محلبين أو ثلاثة من اللبن . ابن الأعرابي : الفرق الجبل والفرق الهضبة والفرق الموجة . ويقال : وقفت فلانا على مفارق الحديث أي على وجوهه . وقد فارقت فلانا من حسابي على كذا وكذا إذا قطعت الأمر بينك وبينه على أمر وقع عليه اتفاقكما ، وكذلك صادرته على كذا وكذا . ويقال : فرق لي هذا الأمر يفرق فروقا إذا تبين ووضح . والفريق : النخلة يكون فيها أخرى ; هذه عن أبي حنيفة . والفروق : موضع ; قال عنترة :


                                                          ونحن منعنا بالفروق نساءكم     نطرف عنها مبسلات غواشيا



                                                          والفروق : موضع في ديار بني سعد ; أنشد رجل منهم :


                                                          لا بارك الله على الفروق     ولا سقاها صائب البروق



                                                          وفي حديث عثمان : قال لخيفان كيف تركت أفاريق العرب ؟ هو جمع أفراق ، وأفراق جمع فرق ، والفرق والفريق والفرقة بمعنى . وفرق لي رأي أي بدا وظهر . وفي حديث ابن عباس : فرق لي رأي أي ظهر ، وقال بعضهم : الرواية فرق ، على ما لم يسم فاعله . ومفروق : لقب النعمان بن عمرو ، وهو أيضا اسم . ومفروق : اسم جبل ; قال رؤبة :


                                                          ورعن مفروق تسامى أرمه



                                                          وذات فرقين التي في شعر عبيد بن الأبرص : هضبة بين البصرة والكوفة ; والبيت الذي في شعر عبيد هو قوله :


                                                          فراكس فثعيلبات فذات فرقين فالقليب



                                                          وإفريقية : اسم بلاد ، وهي مخففة الياء ; وقد جمعها الأحوص على أفاريق فقال :

                                                          أين ابن حرب ورهط لا أحسهم كانوا علينا حديثا من بني الحكم يجبون ما الصين تحويه مقانبهم إلى الأفاريق من فصح ومن عجم

                                                          ومفرق الغنم : هو الظربان إذا فسا بينها وهي مجتمعة تفرقت . وفي الحديث في صفته ، عليه السلام : أن اسمه في الكتب السالفة فارق ليطا أي يفرق بين الحق والباطل . وفي الحديث : تأتي البقرة وآل عمران كأنهما فرقان من طير صواف أي قطعتان .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية