الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          617 - مسألة : وجائز أن تغسل المرأة زوجها ، وأم الولد سيدها ، وإن انقضت العدة بالولادة ، ما لم تنكحا ، فإن نكحتا لم يحل لهما غسله إلا كالأجنبيات

                                                                                                                                                                                          وجائز للرجل أن يغسل امرأته ، وأم ولده ، وأمته ، ما لم يتزوج حريمتها ، أو يستحل حريمتها بالملك ، فإن فعل لم يحل له غسلها ؟ وليس للأمة أن تغسل سيدها أصلا ، لأن ملكها بموته انتقل إلى غيره . برهان ذلك - : قول الله تعالى : { ولكم نصف ما ترك أزواجكم } : فسماها زوجة بعد موتها وهي - إن كانا مسلمين - امرأته في الجنة ، وكذلك أم ولده ، وأمته ، وكان حلالا له رؤية أبدانهن في الحياة وتقبيلهن ومسهن ، فكل ذلك باق على التحليل فمن ادعى تحريم ذلك بالموت فقول باطل إلا بنص ، ولا سبيل له إليه

                                                                                                                                                                                          وأما إذا تزوج حريمتها ، أو تملكها ، أو تزوجت هي - : فحرام عليه الاطلاع على بدنيهما معا ، لأنه جمع بينهما .

                                                                                                                                                                                          وكذلك حرام على المرأة التلذذ برؤية بدن رجلين معا ؟

                                                                                                                                                                                          وقولنا هو قول مالك ، والشافعي ، وأبي سليمان ؟ وقال أبو حنيفة : تغسل المرأة زوجها ; لأنها في عدة منه ، ولا يغسلها هو

                                                                                                                                                                                          روينا من طريق ابن أبي شيبة عن معمر بن سليمان الرقي عن حجاج عن داود [ ص: 406 ] بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال : الرجل أحق بغسل امرأته ومن طريق حماد بن سلمة عن الحجاج بن أرطاة عن عبد الرحمن بن الأسود قال : إني لأغسل نسائي ، وأحول بينهن وبين أمهاتهن وبناتهن وأخواتهن

                                                                                                                                                                                          ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري سمعت حماد بن أبي سليمان يقول : إذا ماتت المرأة مع القوم فالمرأة تغسل زوجها ، والرجل امرأته ؟ ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء هو جابر بن زيد قال : الرجل أحق أن يغسل امرأته من أخيها ؟ ومن طريق وكيع عن سفيان الثوري عن عبد الكريم عن عطاء بن أبي رباح قال : يغسلها زوجها إذا لم يجد من يغسلها

                                                                                                                                                                                          ومن طريق وكيع عن سفيان الثوري عن عمرو بن عبيد عن الحسن البصري قال : يغسل كل صاحبه - يعني الزوج ، والزوجة - بعد الموت ؟

                                                                                                                                                                                          ومن طريق وكيع عن الربيع عن الحسن قال : لا بأس أن يغسل الرجل أم ولده ؟ ومن طريق ابن أبي شيبة : نا أبو أسامة عن عوف هو ابن أبي جميلة - : أنه شهد قسامة بن زهير وأشياخا أدركوا عمر بن الخطاب وقد أتاهم رجل فأخبرهم أن امرأته ماتت فأمرته أن لا يغسلها غيره ؟ فغسلها ، فما منهم أحد أنكر ذلك ؟

                                                                                                                                                                                          وروينا أيضا من طريق سليمان بن موسى أنه قال : يغسل الرجل امرأته وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف : إذا ماتت المرأة مع رجال ليس فيهم امرأة فإن زوجها يغسلها ؟

                                                                                                                                                                                          والحنفيون يعظمون خلاف الصاحب الذي لا يعرف له منهم مخالف ، وهذه رواية عن ابن عباس لا يعرف له من الصحابة مخالف ، وقد خالفوه

                                                                                                                                                                                          وقد روي أيضا عن علي : أنه غسل فاطمة مع أسماء بنت عميس ؟ فاعترضوا على ذلك برواية لا تصح : أنها رضي الله عنها اغتسلت قبل موتها وأوصت ألا تحرك ، فدفنت بذلك الغسل .

                                                                                                                                                                                          [ ص: 407 ] وهذا عليهم لا لهم ; لأنهم قد خالفوا في هذا أيضا عليا ، وفاطمة ، بحضرة الصحابة ؟

                                                                                                                                                                                          فإن ذكروا ما روينا من طريق ابن أبي شيبة عن حفص بن غياث عن ليث عن يزيد بن أبي سليمان عن مسروق قال : ماتت امرأة لعمر ، فقال : أنا كنت أولى بها إذ كانت حية ، فأما الآن فأنتم أولى بها ؟ فلا حجة لهم فيه ، لأنه إنما خاطب بذلك ، أولياءها في إدخالها القبر والصلاة عليها ، ولا خلاف في أن الأولياء لا يجوز لهم غسلها ، ودليل ذلك أنه بلفظ خطاب المذكر ، ولو خاطب النساء لقال : أنتن أولى بها ، وعمر لا يلحن ؟

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية