الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
ثم أخذ الناظم يذكر شيئا من مكارم الأخلاق ، وحسن العشرة بالمعروف والإنفاق ، فقال :
مطلب : nindex.php?page=treesubj&link=17956حكم تصدق المرأة من بيت زوجها بغير إذنه : ولا تنكرن بذل اليسير تنكدا وسامح تنل أجرا وحسن التودد ( ولا تنكرن ) بنون التوكيد الخفيفة أنت على زوجتك ( بذل ) الشيء ( اليسير ) من بيتك من إعطاء سائل وطعمة جائع ونحو ذلك ، فلا ينبغي لك أن تنكر ذلك ( تنكدا ) أي لأجل التنكد ، يقال نكد عيشهم كفرح اشتد وعسر ، والبئر قل ماؤها . ونكد زيد حاجة عمرو منعه إياها ، ونكد زيد فلانا منعه ما سأله أو لم يعطه إلا أقله . والنكد بالضم قلة العطاء ويفتح ، يعني لا تفعل ذلك منعا منك وشحا فيك ، وبخلا وحرصا فيما لديك ، فإن الشح مذموم ، والبخيل ملوم .
وقد جرت العادة ، وثبت عن معدن السعادة والسيادة ، مسامحة النساء في مثل هذا .
اللهم إلا أن تعلم شح زوجها وبخله فيمتنع عليها البذل . [ ص: 395 ] ولكن الناظم لا يرضى لك أن تتصف بالشح المنافي للفلاح ، فلذا قال ( وسامح ) أي جد وتكرم ، يقال سمح ككرم سماحا وسماحة وسموحة وسمحا جاد وكرم ، كأسمح فهو سمح ويجمع على " سمحاء " .
قال في القاموس : وسمحاء كأنه جمع سميح ومساميح كأنه جمع مسماح ونسوة سماح ليس غير انتهى .
فالسماحة تفيد صاحبها الأجر والراحة ، ولذا قال ( تنل ) فعل مضارع مجزوم في جواب الطلب ( أجرا ) بالمسامحة وبذل الزوجة اليسير من مالك ، فإنما لها أجر مناول ولك الأجر كاملا ( و ) تنل مع الأجر ( حسن التودد ) أيضا ، فقد ربحت تجارتك مرتين الأجر وحسن التودد بينك وبين أهلك .
قال في القاموس : الود والوداد الحب ، ويثلثان كالودادة والمودة ، وتودده اجتلب وده ، وتودد إليه تحبب ، والتودد التحاب .
وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=9527إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة ; فإن لها أجرها بما أنفقت ، ولزوجها أجره بما اكتسب ، وللخازن مثل ذلك ، ولا ينقص بعضهم من أجر بعض شيئا } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم وغيرهما . وعند بعضهم إذا تصدقت بدل أنفقت . وفي الصحيحين أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما قالت { nindex.php?page=hadith&LINKID=26849قلت يا رسول الله ما لي مال إلا ما أدخل علي nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير أفأتصدق ؟ قال : تصدقي ولا توعي فيوعي الله عليك } .
وفي رواية { nindex.php?page=hadith&LINKID=8499أنها جاءت للنبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا نبي الله ليس لي شيء إلا ما أدخل علي nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير فهل علي جناح أن أرضخ مما يدخل علي ؟ قال : أرضخي ما استطعت ولا توعي فيوعي الله عليك } .
وفي سنن الترمذي وحسنه عن nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=9751إذا تصدقت المرأة من بيت زوجها كان لها [ ص: 396 ] أجر ولزوجها مثل ذلك ، ولا ينقص كل واحد منهما من أجر صاحبه شيئا ، له بما كسب ولها بما أنفقت } .
وروى الترمذي أيضا وحسنه عن أبي أمامة رضي الله عنه قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=20384سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته عام حجة الوداع : لا تنفق امرأة شيئا من بيت زوجها إلا بإذن زوجها قيل : يا رسول الله ولا الطعام ؟ قال ذلك أفضل أموالنا }
وروى أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب عن nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=31342لا يجوز لامرأة عطية إلا بإذن زوجها } .
وفي الصحيحين عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=31413لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ، ولا تأذن في بيتها إلا بإذنه } . وفي رواية لأبي داود أن nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة رضي الله عنه سئل عن المرأة هل تتصدق من بيت زوجها ؟ قال : لا إلا من قوتها ، والأجر بينهما ، ولا يحل لها أن تتصرف من مال زوجها إلا بإذنه زاد ابن رزين العبدري في جامعه : فإن أذن لها فالأجر بينهما ، فإن فعلت بغير إذنه فالأجر له ، والإثم عليها .
فإن قلت : ما وجه الجمع بين الأخبار ؟ فالجواب الجواز في الشيء اليسير كما في كلام الناظم وغيره من العلماء ، والمنع في الكثير ، أو الجواز فيمن تعلم الزوجة منه الكرم والسماحة ، والمنع فيمن تعلم شحه وحرصه ، وهذا صريح في كلامهم ، والله أعلم .