الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : في غض الطرف والتغافل عن زلة الإخوان .

قال متمما لما قدمه ( وغض ) طرفك وتغافل ( عن عوار ) بتثليث العين العيب ، لأن تأمل العيب عيب فالأولى التغافل . قال بعض الحكماء : العاقل هو الحكيم المتغافل . وقيل لبعض العارفين : ما المروءة ؟ قال التغافل عن زلة الإخوان . وفي فروع الإمام ابن مفلح : حدث رجل للإمام أحمد ما قيل : العافية عشرة أجزاء تسعة منها في التغافل ، فقال الإمام أحمد رضي الله عنه : العافية [ ص: 398 ] عشرة أجزاء كلها في التغافل . وكثيرا ما وصفت العرب الكرماء والسادة بالتغافل والحياء في بيوتها وأنديتها .

قال الشاعر

نزر الكلام من الحياء تخاله صمتا وليس بجسمه سقم

وقال آخر :

كريم يغض الطرف دون خبائه     ويدنو وأطراف الرماح دواني

وقال كثير :

ومن لم يغمض عينه عن صديقه     وعن بعض ما فيه يمت وهو عاتب
ومن يتطلب جاهدا كل عثرة     يجدها ولا يسلم له الدهر صاحب

ولما كان إطلاق نظامه يشمل ما يمدحه الشرع ويذمه بين الناظم بأنه إنما يحسن عدم السؤال والتغافل وغض الطرف عن العوار فقال ( إذا لم يذمم ) أي يعب ويشن ( الشرع ) ذلك وإلا وجب السؤال والتفتيش ، فإن التغافل إنما يمدح في أمر المعاش وفي المسامحة في كلمة ، وإهمال أدب من آداب الزوجة مع زوجها ونحو ذلك ، وأما في أمر الدين والعرض فلا يحسن التغافل لا سيما عن الواجبات .

وفي الحديث { الغفلة في ثلاث : عن ذكر الله ، وحين يصلي الصبح إلى طلوع الشمس ، وغفلة الرجل عن نفسه في الدين حتى يركبه } رواه الطبراني في الكبير ، والبيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما .

فإنك أيها الأخ في الله إن فعلت ما أمرتك به من عدم السؤال ومن غض الطرف عن العوار حيث لم يذمه الشرع ( ترشد ) لكل فعل حميد وتسعد ، وتوفق للصواب وتسدد .

التالي السابق


الخدمات العلمية