الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 170 ] 625 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله لعائشة إياك ومحقرات الذنوب ; فإن لها من الله عز وجل طالبا .

4004 - حدثنا يزيد بن سنان ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، قال : حدثنا سعيد بن مسلم ، عن عامر بن عبد الله بن الزبير ، عن فلان بن الحارث .

عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها : يا عائشة إياك ومحقرات الذنوب ; فإن لها من الله عز وجل طالبا .

4005 - وحدثنا بكار بن قتيبة وإبراهيم بن مرزوق ، قالا : حدثنا أبو عامر العقدي ، قال : حدثنا سعيد بن مسلم بن بانك قال : سمعت عامر بن عبد الله بن الزبير ، قال : حدثني عوف بن الحارث بن الطفيل .

[ ص: 171 ] أن عائشة أخبرته ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها ، ثم ذكرا مثله .

4006 - وحدثنا صالح بن عبد الرحمن بن عمرو بن الحارث ، قال : حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي ، قال : حدثنا سعيد بن مسلم بن بانك ، عن عامر بن عبد الله بن الزبير قال : أخبرني عوف بن الحارث ، أن عائشة أخبرته ، ثم ذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله .

4007 - وحدثنا الحسن بن غليب ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد الفهمي ، قال : حدثنا سعيد بن مسلم بن بانك قال : سمعت عامر بن عبد الله بن الزبير ، قال : حدثني عوف بن الحارث بن الطفيل أن عائشة أخبرته ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر مثله .

[ ص: 172 ] قال أبو جعفر : ومما ذكره محمد بن سعد في كتابه في الطبقات فقال : وعوف بن الحارث بن الطفيل بن الحارث الأزدي ، قال : والطفيل يعني جده أخو عائشة لأمها وهو ابن أم رومان ، قدم الحارث من السراة ، فحالف أبا بكر رضي الله عنه واتبعه ومعه امرأته أم رومان وولده ، ثم مات فتزوج أبو بكر أم رومان ودعوتهم اليوم في بني تميم .

فتأملنا هذا الحديث فوجدنا فيه تحذير رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الإيمان من محقرات الذنوب فدل ذلك أنهم مأخوذون بها مع إيمانهم معاقبون عليها إلا أن يعفو الله عز وجل عنهم ، وفي ذلك ما قد دل على أن الإيمان لا يرفع عقوبات صغار الذنوب وإذا كان لا يرفع عقوبات صغارها كان بأن لا يرفع عقوبات كبارها أولى ، وفي ذلك ما قد دل على ما ذكرناه في البابين اللذين ذكرناهما قبل هذا الباب ، وقد وجدنا في كتاب الله عز وجل ما يدل على هذا المعنى ، وهو قوله عز وجل : [ ص: 173 ] ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا ، وفي ذلك ما قد دل على أن أهل الوعد المذكورين في حديثي أبي الدرداء وأبي هريرة عند تلاوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولمن خاف مقام ربه جنتان وعند جوابه كل واحد من أبي الدرداء ومن أبي هريرة لما قاله له : وإن زنى وإن سرق ، بما أجابه به منهما وإنهم زالوا بعد الزنى وبعد السرقة اللذين كانا منهم عن الزنى والسرقة اللذين كانا منهم إلى ضدهما ، فخرجوا من أهل الوعيد لأهل المعنى الأول ودخلوا في أهل الوعد الذي أعقبه ، فبان بحمد الله ونعمته بما ذكرنا من معاني أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ذكرنا مما بان به منهما ، والله عز وجل نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية