الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الوجه الخامس: قوله: "إن قرن باعتبار ذاته شرط صار واجبا أو ممتنعا، وإن لم يقترن بها شرط لا حصول علة ولا عدمها، بقي له من [ ص: 345 ] ذاته الأمر الثالث وهو الإمكان، فيكون باعتبار ذاته الشيء الذي لا يجب ولا يمتنع".

فيقال: هذا التقسيم يتضمن رفع النقيضين، فإنه لا بد أن يقترن بها حصول العلة أو عدمها. لا يمكن رفع النقيضين جميعا وهو حصول العلة وعدمها معا، فالتقدير المقابل لهذين وهو أن لا يقترن بها حصول العلة ولا عدمها، فهو تقدير سلب النقيضين، وهو رفع وجود العلة وعدمها معا، وهذا ممتنع.

وحينئذ فلا يثبت الإمكان إلا على تقدير ممتنع، وما لا يثبت إلا على تقدير ممتنع فهو ممتنع، فيكون الإمكان الذي أثبتوه وهو أنه لا يجب ولا يمتنع لا يحصل إلا بتقدير ممتنع، وهو رفع النقيضين فيكون ممتنعا، وهذا يوضح أن هذا الإمكان أمر لا حقيقة له في الخارج، ولا يعقل الإمكان إلا في شيء يكون موجودا تارة ومعدوما أخرى. وأما ما يكون موجودا لا يقبل العدم ألبتة فليس بممكن، كما أن المعدوم الذي لا يقبل الوجود ألبتة ليس بممكن، مثل نقيض صفات كمال الباري، فإن العجز والجهل ونحو ذلك أمور معدومة له لا تقبل الوجود ألبتة، كما أن حياته وقدرته وعلمه من لوازم ذاته لا تقبل العدم ألبتة، بل يجب وجودها ويمتنع عدمها، وليست من الممكن الذي يقبل الوجود والعدم. يبين هذا:

التالي السابق


الخدمات العلمية