الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              843 (باب لعن الشيطان في الصلاة والتعوذ منه )

                                                                                                                              ولفظ النووي : (باب جواز لعن الشيطان، في أثناء الصلاة ) إلخ.

                                                                                                                              (حديث الباب )

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 30 ج 5 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن معاوية بن صالح. يقول: حدثني ربيعة بن يزيد ، عن أبي إدريس الخولاني، ، عن أبي الدرداء؛ قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم. فسمعناه يقول: "أعوذ بالله منك" ثم قال: "ألعنك بلعنة الله" ثلاثا. وبسط يده كأنه يتناول شيئا. فلما فرغ من الصلاة قلنا: يا رسول الله! قد سمعناك تقول في الصلاة شيئا لم نسمعك تقوله قبل ذلك. ورأيناك بسطت يدك. قال: "إن عدو الله - إبليس - جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي. فقلت: أعوذ بالله منك. (ثلاث مرات ) ثم قلت: ألعنك بلعنة الله التامة. فلم يستأخر. (ثلاث مرات ) ثم أردت أخذه. والله! لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان أهل المدينة " ].

                                                                                                                              [ ص: 430 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 430 ] (الشرح)

                                                                                                                              (عن أبي الدرداء ) ، رضي الله عنه (قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم: فسمعناه يقول: "أعوذ بالله منك" ثم قال: "ألعنك بلعنة الله" ثلاثا ) .

                                                                                                                              قال عياض: فيه دليل لجواز الدعاء لغيره، وعلى غيره، بصيغة المخاطبة، خلافا لابن شعبان، من أصحاب مالك، في قوله: إن الصلاة تبطل بذاك.

                                                                                                                              قال النووي : وكذا قال أصحابنا. كقوله للعاطس: رحمك الله؛ أو يرحمك. ولمن سلم عليه: وعليك السلام، وأشباهه.

                                                                                                                              والأحاديث التي في السلام على المصلي تؤيد ذلك.

                                                                                                                              فيتأول هذا الحديث، أو يحمل على أنه كان قبل تحريم الكلام في الصلاة، أو غير ذلك. انتهى.

                                                                                                                              قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم، على أن من تكلم في صلاته عامدا، وهو لا يريد إصلاح صلاته، أن صلاته فاسدة.

                                                                                                                              واختلفوا في كلام الساهي والجاهل. انتهى.

                                                                                                                              وسيأتي لذلك تفصيل في هذا الكتاب.

                                                                                                                              [ ص: 431 ] وقد ذكر العلامة الشوكاني الخلاف في ذلك، وما استدلوا به، في شرحه "للمنتقى"، فراجع.

                                                                                                                              (وبسط يده كأنه يتناول شيئا ) "فيه" جواز العمل القليل في الصلاة.

                                                                                                                              (فلما فرغ من الصلاة، قلنا: يا رسول الله ! قد سمعناك تقول في الصلاة شيئا، لم نسمعك تقوله قبل ذلك. ورأيناك بسطت يدك. قال: "إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار، ليجعله في وجهي. فقلت: أعوذ بالله منك (ثلاث مرات ) . ثم قلت: ألعنك بلعنة الله التامة" ) .

                                                                                                                              أي لا نقص فيها، أو الواجبة له المستحقة عليه، أو الموجبة عليه العذاب سرمدا.

                                                                                                                              "فلم يستأخر (ثلاث مرات ) " "فيه" دليل على أن الجن موجودون، وأنهم قد يراهم بعض الآدميين. وقوله تعالى: من حيث لا ترونهم محمول على الغالب. فلو كانت رؤيتهم محالا لما قال النبي صلى الله عليه وسلم ما قاله من رؤيته.

                                                                                                                              "ثم أردت أخذه، والله ! لولا دعوة أخينا سليمان" عليه السلام لأصبح موثقا، يلعب به ولدان أهل المدينة".

                                                                                                                              "فيه" جواز الحلف من غير استحلاف، لتفخيم ما يخبر به الإنسان [ ص: 432 ] وتعظيمه، والمبالغة في صحته وصدقه.

                                                                                                                              وقد كثرت الأحاديث بمثل هذا. والولدان: الصبيان.

                                                                                                                              قال عياض: معناه أن سليمان مختص بهذا، فامتنع نبينا صلى الله عليه وسلم من أخذه، وربطه.

                                                                                                                              إما أنه لم يقدر عليه لذلك. وإما لكونه لم يتعاط ذلك، لظنه أنه لم يقدر عليه. أو تواضعا وتأدبا. انتهى. قلت: ليس في الحديث إلا الامتناع لما تذكر ذلك. ولا دلالة فيه على عدم القدرة. بل على القدرة عليه. حيث قال: "لأصبح موثقا ...."



                                                                                                                              الخدمات العلمية