الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 195 ] 629 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حكم اللحم الذكي إذا أنتن .

4024 - حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال : حدثنا حامد بن يحيى البلخي ، قال : حدثنا معن بن عيسى ، قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير الحضرمي ، عن أبيه .

عن أبي ثعلبة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الذي يدرك صيده بعد ثلاث : ليأكله إلا أن ينتن .

4025 - حدثنا علي بن عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة ، قال : حدثنا يحيى بن معين ، قال : حدثنا حماد بن خالد الخياط ، عن معاوية بن صالح ، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير ، عن أبيه .

عن أبي ثعلبة الخشني ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا رميت الصيد فأدركته بعد ثلاث وسهمك فكله ما لم ينتن .

[ ص: 196 ] قال أبو جعفر : ففي هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منعه من أكل لحم الصيد إذا أنتن ، فقال قائل : فقد رويتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يخالف هذا وذكر .

ما قد حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا أبو معمر ، قال : حدثنا عبد الوارث بن سعيد ، قال : حدثنا عبد العزيز بن صهيب .

عن أنس رضي الله عنه قال : جعل المهاجرون والأنصار يحفرون الخندق ، ثم يؤتون بملء كف من الشعير فيصنع لهم بإهالة سنخة ، فيوضع بين يدي القوم ، والقوم جياع ، وهي بشعة في الحلق ، ولها ريح منكر .

فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه أن الذي في [ ص: 197 ] هذا الحديث غير الذي في الحديث الأول ; لأن الذي في الحديث الأول في لحم المذكى الذي قد عاد بالنتن الذي حدث فيه حتى أعاده إلى الجيف من الميتات وأعاده بها إلى الخبائث التي حرمها بقوله عز وجل في صفة نبيه وهو قوله ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ، وهذا من الخبائث وأما الإهالة فليس من الأشياء التي حلت في بدنها بالذكاة وإنما هي مما سوى ذلك كالسمن واللبن وكما أشبههما وكان حدوث السنخ فيه إنما هو تغير طعمه لا فساده في نفسه كفساد اللحم الذي ذكرناه قبله وإنما حدوث ذلك فيه كحدوث السنخ في الأدهان التي يدهن الناس بها وفي الزيت الذي يأتدمون به فليس ذلك مما يحرم واحدا منهما عليهم كما لا يحرم حدوث مثل ذلك في الماء الذي يشربونه ويتطهرون به ذلك الماء عليهم ; لأن ذلك عارض فيه لا انقلاب له إلى نوع آخر كانقلاب اللحم إلى الفساد الذي ينقلب إليه فيصير به كالأشياء المذمومة من الجيف ، ومما سواها والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية