الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 247 ] وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قال الزجاج : المعنى: وما منهم أحد إلا ليؤمنن به ، ومثله وإن منكم إلا واردها [مريم: 71]

                                                                                                                                                                                                                                      وفي أهل الكتاب قولان .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: أنهم اليهود ، قاله ابن عباس . والثاني: اليهود والنصارى ، قاله الحسن ، وعكرمة . وفي هاء "به" قولان .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: أنها راجعة إلى عيسى ، قاله ابن عباس ، والجمهور . والثاني: أنها راجعة إلى محمد صلى الله عليه وسلم ، قاله عكرمة . وفي هاء "موته" قولان .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: أنها ترجع إلى المؤمن . روى سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال: ليس يهودي يموت أبدا حتى يؤمن بعيسى ، فقيل لابن عباس: إن خر من فوق بيت؟ قال: يتكلم به في الهوي ، قال: وهي في قراءة أبي: "قبل موتهم"

                                                                                                                                                                                                                                      وهذا قول مجاهد ، وسعيد بن جبير . وروى الضحاك ، عن ابن عباس قال: يؤمن اليهودي قبل أن يموت ، ولا تخرج روح النصراني حتى يشهد أن عيسى عبد . وقال عكرمة: لا تخرج روح اليهودي والنصراني حتى يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم . [ ص: 248 ] والثاني: أنها تعود إلى عيسى . روى عطاء عن ابن عباس قال: إذا نزل إلى الأرض لا يبقى يهودي ولا نصراني ، ولا أحد يعبد غير الله إلا اتبعه ، وصدقه ، وشهد أنه روح الله ، وكلمته ، وعبده ، ونبيه . وهذا قول قتادة ، وابن زيد ، وابن قتيبة ، واختاره ابن جرير ، وعن الحسن كالقولين . وقال الزجاج : [ ص: 249 ] هذا بعيد ، لعموم قوله: وإن من أهل الكتاب ، والذين يبقون حينئذ شرذمة منهم ، إلا أن يكون المعنى: أنهم كلهم يقولون: إن عيسى الذي ينزل لقتل الدجال نؤمن به .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 250 ] قوله تعالى: ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا قال قتادة: يكون عليهم شهيدا أنه قد بلغ رسالات ربه ، وأقر بالعبودية على نفسه .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية