الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7213 ) مسألة : قال : ( إذا طالب المقذوف ، ولم يكن للقاذف بينة . ) وجملته أن يعتبر لإقامة الحد بعد تمام القذف بشروطه شرطان ; أحدهما : مطالبة المقذوف ; لأنه حق له ، فلا يستوفى قبل طلبه ، كسائر حقوقه . الثاني : أن لا يأتي ببينة ; لقول الله تعالى : { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم } . فيشترط في جلدهم عدم البينة ، وكذلك يشترط عدم الإقرار من المقذوف ; لأنه في معنى البينة . إن كان القاذف زوجا ، اعتبر شرط ثالث ، وهو امتناعه من اللعان . ولا نعلم خلافا في هذا كله . وتعتبر استدامة الطلب إلى إقامة الحد ، فلو طلب ثم عفا عن الحد ، سقط . وبهذا قال الشافعي ، وأبو ثور .

                                                                                                                                            وقال الحسن ، وأصحاب الرأي : لا يسقط بعفوه ; لأنه حد فلم يسقط بالعفو ، كسائر الحدود . ولنا أنه حق لا يستوفى إلا بعد مطالبة الآدمي باستيفائه ، فسقط بعفوه ، كالقصاص ، وفارق سائر الحدود ، فإنه لا يعتبر في إقامتها الطلب باستيفائها ، وحد السرقة إنما تعتبر فيه المطالبة بالمسروق ، لا باستيفاء الحد ; ولأنهم قالوا [ ص: 78 ] تصح دعواه ، ويستحلف فيه ، ويحكم الحاكم فيه بعلمه ، ولا يقبل رجوعه عنه بعد الاعتراف . فدل على أنه حق لآدمي .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية