الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ فكه ]

                                                          فكه : الفاكهة : معروفة ، وأجناسها الفواكه ، وقد اختلف فيها فقال بعض العلماء : كل شيء قد سمي من الثمار في القرآن نحو العنب والرمان ، فإنا لا نسميه فاكهة ، قال : ولو حلف أن لا يأكل فاكهة فأكل عنبا ورمانا لم يحنث ولم يكن حانثا . وقال آخرون : كل الثمار فاكهة ، وإنما كرر في القرآن في قوله تعالى : فيهما فاكهة ونخل ورمان لتفضيل النخل والرمان على سائر الفواكه دونهما ، ومثله قوله تعالى : وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم فكرر هؤلاء للتفضيل على النبيين ولم يخرجوا منهم . قال الأزهري : وما علمت أحدا من العرب قال إن النخيل والكروم ثمارها ليست من الفاكهة ، وإنما شذ قول النعمان بن ثابت في هذه المسألة عن أقاويل جماعة فقهاء الأمصار ، لقلة علمه بكلام العرب وعلم اللغة وتأويل القرآن العربي المبين ، والعرب تذكر الأشياء جملة ثم تخص منها شيئا بالتسمية تنبيها على فضل فيه . قال الله تعالى : من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فمن قال إن جبريل وميكال ليسا من الملائكة لإفراد الله عز وجل إياهما بالتسمية بعد ذكر الملائكة جملة ، فهو كافر ، لأن الله تعالى نص على ذلك وبينه ، وكذلك من قال إن ثمر النخل والرمان ليس فاكهة لإفراد الله تعالى إياهما بالتسمية بعد ذكر الفاكهة جملة ، فهو جاهل ، وهو خلاف المعقول وخلاف لغة العرب . ورجل فكه : يأكل الفاكهة ، وفاكه : عنده فاكهة ، وكلاهما على النسب . أبو معاذ النحوي : الفاكه الذي كثرت فاكهته ، والفكه : الذي ينال من أعراض الناس ، والفاكهاني : الذي يبيع الفاكهة . قال سيبويه : ولا يقال لبائع الفاكهة فكاه ، كما قالوا لبان ونبال ، لأن هذا الضرب إنما هو سماعي لا اطرادي . وفكه القوم بالفاكهة : أتاهم بها . والفاكهة أيضا : الحلواء على التشبيه . وفكههم بملح الكلام : أطرفهم ، والاسم الفكيهة والفكاهة ، بالضم ، والمصدر المتوهم فيه الفعل الفكاهة .

                                                          [ ص: 213 ] الجوهري : الفكاهة ، بالفتح مصدر فكه الرجل ، بالكسر ، فهو فكه إذا كان طيب النفس مزاحا ، والفاكه المزاح . وفي حديث أنس : كان النبي ، صلى الله عليه وسلم ، من أفكه الناس مع صبي ; الفاكه : المازح . وفي حديث زيد بن ثابت : أنه كان من أفكه الناس إذا خلا مع أهله ; ومنه الحديث : أربع ليس غيبتهن بغيبة ، منهم المتفكهون بالأمهات ; هم الذين يشتمونهن ممازحين . والفكاهة ، بالضم : المزاح ، وقيل : الفاكه ذو الفكاهة كالتامر واللابن . والتفاكه : التمازح . وفاكهت القوم مفاكهة بملح الكلام والمزاح ، والمفاكهة : الممازحة . وفي المثل : لا تفاكه أمه ولا تبل على أكمه . والفكه : الطيب النفس ، وقد فكه فكها . أبو زيد : رجل فكه وفاكه وفيكهان ، وهو الطيب النفس المزاح ; وأنشد :


                                                          إذا فيكهان ذو ملاء ولمة قليل الأذى فيما يرى الناس مسلم



                                                          وفاكهت : مازحت . ويقال للمرأة : فكهة ، وللنساء فكهات . وتفكهت بالشيء : تمتعت به . ويقال : تركت القوم يتفكهون بفلان أي يغتابونه ويتناولون منه . والفكه : الذي يحدث أصحابه ويضحكهم . وفكه من كذا وكذا وتفكه : عجب . تقول : تفكهنا من كذا وكذا أي تعجبنا ; ومنه قوله عز وجل : فظلتم تفكهون أي تتعجبون مما نزل بكم في زرعكم . وقوله عز وجل : فاكهين بما آتاهم ربهم أي ناعمين معجبين بما هم فيه ، ومن قرأ فكهين يقول فرحين . والفاكه : الناعم في قوله تعالى : في شغل فاكهون . والفكه : المعجب . وحكى ابن الأعرابي : لو سمعت حديث فلان لما فكهت له أي لما أعجبك . وقوله تعالى : في شغل فاكهون أي متعجبون ناعمون بما هم فيه . الفراء في قوله تعالى في صفة أهل الجنة : في شغل فاكهون ، بالألف ، ويقرأ فكهون ، وهي بمنزلة حذرون وحاذرون ; قال أبو منصور : لما قرئ بالحرفين في صفة أهل الجنة علم أن معناهما واحد . أبو عبيد : تقول العرب للرجل إذا كان يتفكه بالطعام أو بالفاكهة أو بأعراض الناس : إن فلانا لفكه بكذا وكذا ; وأنشد :


                                                          فكه إلى جنب الخوان إذا     غدت نكباء تقطع ثابت الأطناب



                                                          والفكه : الأشر البطر . والفاكه : من التفكه . وقرئ : ونعمة كانوا فيها فاكهين أي أشرين وفاكهين أي ناعمين . التهذيب : أهل التفسير يختارون ما كان في وصف أهل الجنة فاكهين ، وما في وصف أهل النار فكهين أي أشرين بطرين . قال الفراء في قوله تعالى : إن المتقين في جنات ونعيم فاكهين قال : معجبين بما آتاهم ربهم ; وقال الزجاج : قرئ فكهين وفاكهين جميعا ، والنصب على الحال ، ومعنى فاكهين بما آتاهم ربهم أي معجبين . والتفكه : التندم . وفي التنزيل : فظلتم تفكهون معناه تندمون ، وكذلك تفكنون ، وهي لغة لعكل . اللحياني : أزد شنوءة يقولون يتفكهون ، وتميم تقول يتفكنون أي يتندمون . ابن الأعرابي : تفكهت وتفكنت أي تندمت . وأفكهت الناقة إذا رأيت في لبنها خثورة شبه اللبأ . والمفكه من الإبل : التي يهراق لبنها عند النتاج قبل أن تضع ، والفعل كالفعل . وأفكهت الناقة إذا درت عند أكل الربيع قبل أن تضع ، فهي مفكه . قال شمر : ناقة مفكهة ومفكه ، وذلك إذا أقربت فاسترخى صلواها وعظم ضرعها ودنا نتاجها ; قال الأحوص :


                                                          بني عمنا لا تبعثوا الحرب إنني     أرى الحرب أمست مفكها قد أصنت



                                                          قال شمر : أصنت استرخى صلواها ودنا نتاجها ; وأنشد :


                                                          مفكهة أدنت على رأس الولد     قد أقربت نتجا وحان أن تلد



                                                          أي حان ولادها . قال : وقوم يجعلون المفكهة مقربا من الإبل والخيل والحمر والشاء ، وبعضهم يجعلها حين استبان حملها ، وقوم يجعلون المفكهة والدافع سواء . وفاكه : اسم . والفاكه : ابن المغيرة المخزومي عم خالد بن الوليد . وفكيهة : اسم امرأة ، يجوز أن يكون تصغير فكهة ، التي هي الطيبة النفس الضحوك ، وأن يكون تصغير فاكهة مرخما ; أنشد سيبويه :


                                                          تقول إذا استهلكت مالا للذة     فكيهة هشيء بكفيك لائق



                                                          يريد : هل شيء .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية