الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7240 ) مسألة ; قال : ( ومن قذف أم النبي صلى الله عليه وسلم قتل ، مسلما كان أو كافرا ) يعني أن حده القتل ، ولا تقبل توبته . نص عليه . أحمد . وحكى أبو الخطاب رواية أخرى ، أن توبته تقبل ، وبه قال أبو حنيفة ، والشافعي ، مسلما كان أو كافرا ; لأن هذا منه ردة ، والمرتد يستتاب ، وتصح توبته .

                                                                                                                                            [ ص: 88 ] ولنا أن هذا حد قذف ، فلا يسقط بالتوبة ، كقذف غير أم النبي صلى الله عليه وسلم ; ولأنه لو قبلت توبته ، وسقط حده ، لكان أخف حكما من قذف آحاد الناس ; لأن قذف غيره لا يسقط بالتوبة ، ولا بد من إقامته . واختلفت الرواية عن أحمد ، فيما إذا كان القاذف كافرا فأسلم ، فروي أنه لا يسقط بإسلامه ; لأنه حد قذف ، فلم يسقط بالإسلام ، كقذف غيره . وروي أنه يسقط ; لأنه لو سب الله تعالى في كفره ، ثم أسلم ، سقط عنه القتل ، فسب نبيه أولى ; ولأن الإسلام يجب ما قبله ، والخلاف في سقوط القتل عنه ، فأما توبته فيما بينه وبين الله تعالى فمقبولة ، فإن الله تعالى يقبل التوبة من الذنوب كلها ، والحكم في قذف النبي صلى الله عليه وسلم كالحكم في قذف أمه ; لأن قذف أمه إنما أوجب القتل ; لكونه قذفا للنبي صلى الله عليه وسلم وقدحا في نسبه . ( 7241 ) فصل : وقذف النبي صلى الله عليه وسلم ، وقذف أمه ، ردة عن الإسلام ، وخروج عن الملة ، وكذلك سبه بغير القذف ، إلا أن سبه بغير القذف يسقط بالإسلام ; لأن سب الله تعالى يسقط بالإسلام ، فسب النبي صلى الله عليه وسلم أولى ، وقد جاء في الأثر { ، إن الله تعالى يقول : شتمني ابن آدم ، وما ينبغي له أن يشتمني ، أما شتمه إياي فقوله إني اتخذت ولدا ، وأنا الأحد الصمد لم ألد ولم أولد } . ولا خلاف في أن إسلام النصراني القائل لهذا القول يمحو ذنبه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية