الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ فلل ]

                                                          فلل : الفل : الثلم في السيف ، وفي المحكم : الثلم في أي شيء كان فله يفله فلا وفلله فتفلل وانفل وافتل ; قال بعض الأغفال :


                                                          لو تنطح الكنادر العضلا فضت شئون رأسه فافتلا



                                                          وفي حديث أم زرع : شجك أو فلك أو جمع كلا لك الفل : الكسر والضرب ، تقول : إنها معه بين شج رأس أو كسر عضو أو جمع بينهما ، وقيل : أرادت بالفل الخصومة . وسيف فليل مفلول وأفل أي منفل ; قال عنترة :


                                                          وسيفي كالعقيقة وهو كمعي     سلاحي لا أفل ولا فطارا


                                                          وفلوله : ثلمه ، واحدها فل ، وقد قيل : الفلول مصدر ، والأول أصح . والتفليل : تفلل في حد السكين وفي غروب الأسنان وفي السيف ; وأنشد :


                                                          بهن فلول من قراع الكتائب



                                                          وسيف أفل بين الفلل : ذو فلول . والفل ، بالفتح : واحد فلول السيف ، وهي كسور في حده . وفي حديث سيف الزبير : فيه فلة فلها يوم بدر ; الفلة : الثلمة في السيف ، وجمعها فلول ; ومنه حديث ابن عوف : ولا تفلوا المدى بالاختلاف بينكم ; المدى جمع مدية وهي السكين ، كنى بفلها عن النزاع والشقاق . وفي حديث عائشة تصف أباها ، رضي الله عنهما : ولا فلوا له صفاة أي كسروا له حجرا ، كنت به عن قوته في الدين . وفي حديث علي ، رضي الله عنه : يستزل لبك ويستفل غربك ; هو يستفعل من الفل الكسر ، والغرب الحد . ونصي مفلل إذا أصاب الحجارة فكسرته . وتفللت مضاربه أي تكسرت . والفليل : ناب البعير المتكسر ، وفي الصحاح : إذا انثلم . والفل : المنهزمون . وفل القوم يفلهم فلا : هزمهم فانفلوا وتفللوا . وهم قوم فل : منهزمون ، والجمع فلول وفلال ; قال أبو الحسن : لا يخلو من أن يكون اسم جمع أو مصدرا ، فإن كان اسم جمع فقياس واحده أن يكون فالا كشارب وشرب ، ويكون فال فاعلا بمعنى مفعول لأنه هو الذي فل ، ولا يلزم أن يكون فلول جمع فل بل هو جمع فال لأن جمع اسم الجمع نادر كجمع الجمع ، وأما فلال فجمع فال لا محالة ، لأن فعلا ليس مما يكسر على فعال ، وإن كان مصدرا فهو من باب نسج اليمين أي أنه في معنى مفعول ; قال ابن سيده : هذا تفسير ما أجمله أهل اللغة . والفل : الجماعة ، والجمع كالجمع ، وهو الفليل . والفل : القوم المنهزمون ، وأصله من الكسر ، وانفل سنه ; وأنشد :


                                                          عجيز عارضها منفل     طعامها اللهنة أو أقل



                                                          وثغر مفلل أي مؤشر . والفلى : الكتيبة المنهزمة ، وكذلك الفرى ، يقال : جاء فل القوم أي منهزموهم ، يستوي فيه الواحد ، والجمع ; قال [ ص: 223 ] ابن بري : ومنه قول الجعدي :


                                                          وأراه لم يغادر غير فل



                                                          أي المفلول . ويقال : رجل فل وقوم فل ، وربما قالوا فلول وفلال . وفللت الجيش : هزمته ، وفله يفله ، بالضم . يقال فله فانفل أي كسره فانكسر . يقال : من فل ذل ومن أمر فل . وفي حديث الحجاج بن علاط : لعلي أصيب من فل محمد وأصحابه ; الفل : القوم المنهزمون من الفل الكسر ، وهو مصدر سمي به ، أراد لعلي أشتري مما أصيب من غنائمهم عند الهزيمة . وفي حديث عاتكة : فل من القوم هارب ; وفي قصيد كعب :


                                                          أن يترك القرن إلا وهو مفلول



                                                          أي مهزوم . والفل : ما ندر من الشيء كسحالة الذهب وبرادة الحديد وشرر النار ، والجمع كالجمع . وأرض فل وفل : جدبة ، وقيل : هي التي أخطأها المطر أعواما ، وقيل : هي الأرض التي لم تمطر بين أرضين ممطورتين ; أبو عبيدة : هي الخطيطة ، فأما الفل فالتي تمطر ولا تنبت . قال أبو حنيفة : أفلت الأرض صارت فلا ; وأنشد :


                                                          وكم عسفت من منهل متخاطأ     أفل وأقوى فالجمام طوامي



                                                          غيره : الفل : الأرض التي لم يصبها مطر . وأرض فل : لا شيء به ، وفلاة منه ، وقيل : الفل الأرض القفرة ، والجمع كالواحد ، وقد تكسر على أفلال . وأفللنا أي صرنا في فل من الأرض . وأفللنا : وطئنا أرضا فلا ; وقال عبد الله بن رواحة يصف العزى وهي شجرة كانت تعبد :


                                                          شهدت ولم أكذب بأن محمدا رسول الذي فوق السماوات من عل     وأن التي بالجزع من بطن نخلة ومن دانها فل من الخير معزل



                                                          أي خال من الخير ، ويروى : ومن دونها أي الصنم المنصوب حول العزى ; وقال آخر يصف إبلا :


                                                          حرقها حمض بلاد فل وغتم نجم     غير مستقل فما تكاد نيبها تولي



                                                          الغتم : شدة الحر الذي يأخذ بالنفس . وقال ابن شميل : الفلالي واحدتها فلية ، وهي الأرض التي لم يصبها مطر عامها حتى يصيبها المطر من العام المقبل . ويقال : أرض أفلال ; قال الراجز :


                                                          مرت الصحاري ذو سهوب أفلال



                                                          وقال الفراء : أفل الرجل صار بأرض فل لم يصبه مطر ; قال الشاعر :


                                                          أفل وأقوى فهو طاو كأنما     يجاوب أعلى صوته صوت معول



                                                          وأفل الرجل : ذهب ماله ، مأخوذ من الأرض الفل . واستفل الشيء : أخذ منه أدنى جزء كعشره . والاستفلال : أن يصيب من الموضع العسر شيئا قليلا من موضع طلب حق أو صلة فلا يستفل إلا شيئا يسيرا . والفليلة : الشعر المجتمع . المحكم : الفليلة والفليل : الشعر المجتمع ، فإما أن يكون من باب سلة وسل ، وإما أن يكون من الجمع الذي لا يفارق واحده إلا بالهاء ; قال الكميت :

                                                          ومطرد الدماء وحيث يلقى من الشعر المضفر كالفليل

                                                          قال ابن بري : ومنه قول ابن مقبل :


                                                          تحدر رشحا ليته وفلائله



                                                          وقال ساعدة بن جؤية :


                                                          وغودر ثاويا وتأوبته مذرعة أميم لها فليل



                                                          وفي حديث معاوية : أنه صعد المنبر وفي يده فليلة وطريدة ; الفليلة : الكبة من الشعر . والفليل : الليف ، هذلية . وفل عنه عقله يفل : ذهب ثم عاد . والفلفل ، بالضم : معروف لا ينبت بأرض العرب ، وقد كثر مجيئه في كلامهم ، وأصل الكلمة فارسية ; قال أبو حنيفة : أخبرني من رأى شجره فقال : شجره مثل شجر الرمان سواء ، وبين الورقتين منه شمراخان منظومان ; والشمراخ في طول الأصبع ، وهو أخضر ، فيجتنى ثم يشر في الظل فيسود وينكمش ، وله شوك كشوك الرمان ، وإذا كان رطبا ربب بالماء والملح حتى يدرك ، ثم يؤكل كما تؤكل البقول المرببة على الموائد فيكون هاضوما ، واحدته فلفلة ، وقد فلفل الطعام والشراب ; قال :


                                                          كأن مكاكي الجواء غدية     صبحن سلافا من رحيق مفلفل



                                                          ذكر على إرادة الشراب . والمفلفل : ضرب من الوشي عليه كصعارير الفلفل . وثوب مفلفل إذا كانت دارات وشيه تحكي استدارة الفلفل وصغره . وخمر مفلفل ألقي فيه الفلفل فهو يحذي اللسان . وشراب مفلفل أي يلذع لذع الفلفل . وتفلفل قادمتا الضرع إذا اسودت حلمتاهما ; قال ابن مقبل :


                                                          فمرت على أظراب هر     عشية لها توأبانيان لم يتفلفلا



                                                          التوأبانيان : قادمتا الضرع . والفلفل : الخادم الكيس . وشعر مفلفل إذا اشتدت جعودته . المحكم : وتفلفل شعر الأسود اشتدت جعودته ، وربما سمي ثمر البروق فلفلا ، تشبيها بهذا الفلفل المتقدم ; قال :


                                                          وانتفض البروق سودا فلفله



                                                          ومن روى قلقله فقد أخطأ ، لأن القلقل ثمر شجر من العضاه ، وأهل اليمن يسمون ثمر الغاف فلفلا . وأديم مفلفل : نهكه الدباغ . وفي حديث علي : قال عبد خير : إنه خرج وقت السحر فأسرعت إليه لأسأله عن وقت الوتر فإذا هو يتفلفل ، وفي رواية السلمي : خرج علينا علي وهو يتفلفل ; قال ابن الأثير : قال الخطابي : يقال جاء فلان متفلفلا إذا جاء والمسواك في فيه يشوصه ; ويقال : جاء فلان يتفلفل إذا مشى مشية المتبختر ، وقيل : هو مقاربة الخطى ، وكلا التفسيرين محتمل للروايتين ; وقال القتيبي : لا أعرف يتفلفل بمعنى يستاك ، قال : ولعله يتتفل لأن من استاك تفل . وقال النضر : جاء فلان متفلفلا إذا جاء يشوص فاه بالسواك . وفلفل إذا استاك ، وفلفل إذا تبختر ، قال : ومن خفيف هذا الباب فل في قولهم للرجل يا فل ; قال الكميت :

                                                          وجاءت حوادث في مثلها يقال لمثلي ويها فل

                                                          وللمرأة : يا فلة . قال سيبويه : وأما قول العرب يا فل فإنهم لم يجعلوه اسما حذف منه شيء يثبت فيه في غير النداء ، ولكنهم بنوا [ ص: 224 ] الاسم على حرفين وجعلوه بمنزلة دم ; قال : والدليل على أنه ترخيم فلان أنه ليس أحد يقول يا فل ، وهذا اسم اختص به النداء ، وإنما بني على حرفين لأن النداء موضع حذف ولم يجز في غير النداء ، لأنه جعل اسما لا يكون إلا كناية لمنادى نحو يا هنة ، ومعناه يا رجل ، وقد اضطر الشاعر فاستعمله في غير النداء ; قال أبو النجم :


                                                          تدافع الشيب ولم تقتل في     لجة أمسك فلانا عن فل



                                                          فكسر اللام للقافية ; الجوهري : قولهم في النداء يا فل مخففا إنما هو محذوف من يا فلان لا على سبيل الترخيم ، قال : ولو كان ترخيما لقالوا يا فلا . وفي حديث القيامة : يقول الله تبارك وتعالى : أي فل ألم أكرمك وأسودك ، معناه يا فلان ; قال ابن الأثير : وليس ترخيما لأنه لا يقال إلا بسكون اللام ولو كان ترخيما لفتحوها أو ضموها ; قال سيبويه : ليست ترخيما وإنما هي صيغة ارتجلت في باب النداء ، وجاء أيضا في غير النداء ; وقال الجوهري : ليس بترخيم فلان ولكنها كلمة على حدة ، فبنو أسد يوقعونها على الواحد والاثنين والجمع والمؤنث بلفظ واحد ، وغيرهم يثني ويجمع ويؤنث ، وفلان وفلانة كناية عن الذكر والأنثى من الناس ، فإن كنيت بهما عن غير الناس قلت الفلان والفلانة ، قال : وقال قوم إنه ترخيم فلان ، فحذفت النون للترخيم والألف لسكونها ، وتفتح اللام وتضم على مذهبي الترخيم . وفي حديث أسامة في الوالي الجائر : يلقى في النار فتندلق أقتابه فيقال له : أي فل أين ما كنت تصف ؟ .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية