الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب النهي عن المسكر

                                                                      3679 حدثنا سليمان بن داود ومحمد بن عيسى في آخرين قالوا حدثنا حماد يعني ابن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل مسكر خمر وكل مسكر حرام ومن مات وهو يشرب الخمر يدمنها لم يشربها في الآخرة [ ص: 96 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 96 ] ( كل مسكر خمر ) قال الخطابي : يتأول على وجهين : أحدهما أن الخمر اسم لكل ما يوجد فيه السكر من الأشربة كلها . ومن ذهب إلى هذا زعم أن للشريعة أن تحدث الأسماء بعد أن لم تكن ، كما لها أن تضع الأحكام بعد أن لم تكن .

                                                                      والوجه الآخر : أن يكون معناه أنه يكون كالخمر في الحرمة ووجوب الحد على شاربه وإن لم يكن عين الخمر ، وإنما ألحق بالخمر حكما إذ كان في معناها ، وهذا كما جعلوا النباش في حكم السارق ، والمتلوط في حكم الزاني وإن كان كل واحد منهما في اللغة يخص باسم غير الزنا وغير السرقة ، انتهى . وفي لفظ : كل مسكر خمر ، وكل خمر حرام أخرجه مسلم والدارقطني . وأخرج الشيخان وأحمد عن أبي موسى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : كل مسكر حرام .

                                                                      وأخرج أحمد ومسلم والنسائي عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : كل مسكر حرام وأخرجه أحمد والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجه من حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : كل [ ص: 97 ] مسكر حرام وأخرجه ابن ماجه من حديث ابن مسعود ( يدمنها ) أي : يداوم على شربها بأن لم يتب عنها حتى مات على ذلك والجملة حالية ( لم يشربها في الآخرة ) قال الخطابي : معناه أنه لم يدخل الجنة ، لأن شراب أهل الجنة خمر إلا أنه لا غول فيها ولا نزف ، انتهى .

                                                                      وقال النووي : معناه أنه يحرم شربها في الجنة وإن دخلها ، فإنها من فاخر شراب الجنة فيمنعها هذا العاصي بشربها في الدنيا ، قيل إنه ينسى شهوتها لأن الجنة فيها كل ما يشتهي ، وقيل : لا يشتهيها وإن ذكرها ، ويكون هذا نقص نعيم في حقه تمييزا بينه وبين تارك شربها ، انتهى .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي مختصرا .




                                                                      الخدمات العلمية