الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
8- العطف :

وهو ثلاثة أقسام :

1- عطف على اللفظ : وهو الأصل .

2- وعطف على المحل : وجعل منه الكسائي قوله تعالى : إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون ، فجعل " الصابئون " عطفا على محل " إن " واسمها ، ومحلها الرفع بالابتداء .

3- وعطف على المعنى : ومنه قوله تعالى : لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن ، في قراءة غير أبي عمرو بجزم " أكن " وخرجه في قراءة غير الخليل وسيبويه على أنه عطف على التوهم ، لأن معنى " لولا أخرتني فأصدق " ومعنى " أخرني أصدق " واحد ، كأنه قيل : إن أخرتني أصدق وأكن ، كما خرج الفارسي عليه قراءة قنبل : " إنه من يتق ويصبر " ، بسكون الراء ; لأن " من " الموصولة فيها معنى الشرط .

واختلف في جواز عطف الخبر على الإنشاء وعكسه ، فمنعه الأكثرون ، وأجازه [ ص: 198 ] جماعة مستدلين بقوله تعالى : وبشر المؤمنين ، عطف على " تؤمنون " في الآية : يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله ، وخرجه الآخرون على أن " تؤمنون " بمعنى آمنوا ، فهو خبر بمعنى الإنشاء ، فصح عطف الإنشاء عليه ، و " بشر " كأنه قيل : آمنوا وجاهدوا يثبتكم الله وينصركم ، وبشر يا رسول الله المؤمنين بذلك ، وفائدة التعبير بالخبر في موضع الأمر الإيذان بوجوب الامتثال ، أي كأنه امتثل فهو يخبر عن إيمان وجهاد موجودين .

واختلف أيضا في جواز العطف على معمولي عاملين ، واستدل المجيزون بقوله تعالى : إن في السماوات والأرض لآيات للمؤمنين وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون ، فقوله : واختلاف الليل والنهار ، آيات لقوم يعقلون من العطف على معمولي عاملين سواء نصبت أو رفعت ، فالعاملان إذا نصبت " إن " و " في " أقيمت الواو مقامهما ، فعملت الواو الجر في : واختلاف الليل والنهار والنصب في " آيات " وإذا رفعت فالعاملان " الابتداء " و " في " عملت الواو الرفع في " آيات " والجر في " اختلاف " ذكر هذا الزمخشري .

واختلف أيضا في جواز العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار ، وخرج عليه المجيزون قراءة حمزة : " واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام " ، بجر الأرحام عطفا على الضمير ، وجعلوا منه قوله تعالى : " وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام " ، على أن " المسجد " معطوف على ضمير " به " .

"

التالي السابق


الخدمات العلمية