الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
[ ص: 2 ] ( باب الإقرار بالعارية )

( قال رحمه الله : وإذا أقر الرجل أن هذا الثوب أو هذه الدار عنده عارية بملك فلان أو بميراثه أو بحق فلان هذا كله إقرار ) ; لأن الباء في الأصل للإلصاق ، فقد جعل المقر به ملصقا بملك فلان وميراثه وحقه ، ولم يتحقق هذا الإلصاق إلا بعد أن يكون مما له وكالة ، وقد تكون الباء صلة كما في قوله تعالى { تنبت بالدهن } ، وإن حملناه على معنى الصلة هنا كان إقرارا أيضا ; لأنه يصير تقدير كلامه أنه ملك فلان أو ميراث فلان أو حق فلان ، وقد تكون الباء للتبعيض أيضا عند بعضهم كما في قوله تعالى { وامسحوا برءوسكم } اقتضى المسح ببعض الرأس ، وإذا حمل على هذا كان إقرارا أيضا ; لأنه جعل المقر به بعض ملكه وميراثه وحقه . وكذلك لو قال عارية عندي من ملك فلان أو من ميراثه أو من حقه ; لأن " من " في الأصل للتبعيض فذلك إقرار يكون المقر به بعض ملكه ، وقد تكون من صلة كما في قوله تعالى { يغفر لكم من ذنوبكم } وقوله تعالى { فاجتنبوا الرجس من الأوثان } ، وإذا كانت بمعنى الصلة فهو إقرار أيضا ، وقد تكون بمعنى الباء ، قال الله تعالى { يحفظونه من أمر الله } يعني بأمر الله فعلى هذا المعنى هذا والأول سواء ، وقد تكون " من " للتمييز كما يقال سيف من حديد وخاتم من فضة ، وعلى هذا يكون إقرارا أيضا ; لأنه ميز المقر به عن سائر ما في يده بإقراره أنه للمقر .

التالي السابق


الخدمات العلمية