الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 294 ] 640 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثواب من حفظ العشر الآيات الأول من سورة قد أفلح المؤمنون .

4100 - حدثنا جعفر بن محمد بن الحسن الفريابي ، قال : حدثنا إسحاق ابن راهويه ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : حدثنا يونس بن سليم قال أملى علي يونس بن يزيد وهو الأيلي ، عن ابن شهاب ، عن عروة بن الزبير ، عن عبد الرحمن بن عبد القاري قال : سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي يسمع عنده دوي كدوي النحل ، فمكثنا ساعة واستقبل القبلة ورفع يديه وقال : اللهم زدنا ولا تنقصنا ، وأكرمنا ولا تهنا ولا تحرمنا ، وآثرنا ولا تؤثر علينا ، وارض عنا وأرضنا ، ثم قال : لقد نزل علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة ، ثم قرأ قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون .

[ ص: 295 ]

4101 - وحدثنا أحمد بن شعيب ، قال : أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ، ثم ذكر بإسناده مثله غير أنه قال مكان ولا تحرمنا : ولا تخزنا .

4102 - وحدثناه أحمد مرة أخرى فقال فيه كما قال جعفر فيه : ولا تحرمنا .

[ ص: 296 ] قال أبو جعفر : ويونس بن سليم هذا رجل من أهل صنعاء لا نعلم أحدا حدث عنه غير عبد الرزاق ولا نعلمه حدث عنه إلا بهذا الحديث وقد حدث بهذا الحديث عن عبد الرزاق الجلة ممن أخذ العلم عنه منهم أحمد بن حنبل ومنهم إسحاق بن راهويه .

فقال قائل: هذا الحديث قد جاء بمعنى مستحيل لأنه لم يذكر في الآيات التي تليت فيها صوم رمضان ولا حج البيت ، ونحن نعلم أن من لقي الله عز وجل تاركا لصوم شهر رمضان وهو يطيقه وتاركا لحج البيت وهو يجد السبيل إليه لم يدخل الجنة .

فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه أنه قد يجوز أن يكون ما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم مما ذكر عنه في هذا الحديث كان قبل إنزال الله عز وجل فرض صوم شهر رمضان على من فرضه عليه وفرض الحج على من فرضه عليه ، فكان من جاء بما سواهما من فرائض الله عليه مستحقا لما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل أنه يفعل بمن عمل ذلك ، ثم فرض الله عز وجل على عباده صيام شهر رمضان وحج البيت على ما فرضه عليهم عليه ، فلحقا بالفرائض المفروضة على الناس قبلهما فعاد الذين وعدوا بما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث إلى أن كانوا هم الذين قد أدوا جميع الفرائض لله عز وجل عليهم التي فيها صوم شهر رمضان وحج البيت وسائر ما افترض الله عليهم سوى ذلك ، والله عز وجل نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية