الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( باب ميراث الحمل ) بفتح الحاء ، ويطلق على كل ما في بطن كل حبلى والمراد به هنا ما في بطن الآدمية من ولد ، ويقال : امرأة حامل وحاملة إذا كانت حبلى فإذا حملت شيئا على ظهرها أو رأسها فهي حاملة لا غير وحمل الشجر ثمره بالفتح والكسر ( يرث الحمل ) بلا نزاع في الجملة ( ويثبت له الملك بمجرد موت موروثه بشرط خروجه حيا ) قال في القواعد الفقهية : الذي يقتضيه نص أحمد في الإنفاق على أمه من نصيبه أنه يثبت له الملك بالإرث من حين موت أبيه .

                                                                                                                      وصرح بذلك ابن عقيل وغيره من الأصحاب ونقل عن أحمد ما يدل على خلافه وأنه لا يثبت له الملك إلا بالوضع ، قال قبل ذلك : وهذا تحقيق قول من قال : هل الحمل له حكم أم لا ؟ ( فإذا مات إنسان عن حمل يرثه ) ومع الحمل من يرث أيضا رضي بأن يوقف الأمر إلى الوضع .

                                                                                                                      ( وقف الأمر ) إليه وهو أولى لتكون القسمة مرة واحدة .

                                                                                                                      ( وإن طلب بقية الورثة ) قلت : أو بعضهم ( القسمة لم ) يجبروا عليه ولم ( يعطوا كل المال ، ووقف للحمل الأكثر من إرث ذكرين [ ص: 462 ] أو أنثيين ) لأن ولادة التوأمين كثيرة معتادة فلا يجوز قسم نصيبهما كالواحد وما زاد عليهما نادر فلم يوقف له شيء كالخامس والسادس .

                                                                                                                      ( مثال كون الذكرين نصيبهما أكثر : لو خلف زوجة حاملا وابنا ) فيدفع للزوجة ثمنها ويوقف للحمل نصيب ذكرين ; لأنه أكثر من نصيب أنثيين وتصح من أربعة وعشرين ، للزوجة الثمن ثلاثة ، وللابن سبعة .

                                                                                                                      ويوقف للحمل أربعة عشر وبعد الوضع لا يخفى الحال ( ومثاله في الأنثيين كزوجة حامل مع أبوين ) فالمسألة من أربعة وعشرين وتعول إلى سبعة وعشرين إن كان الحمل أنثيين ، فيوقف منها للحمل ستة عشر ، ويعطى كل واحد من الأبوين أربعة والزوجة ثلاثة ( ومتى زادت الفروض على الثلث فميراث الإناث أكثر ; لأنه يفرض لهن الثلثان ) ويدخل النقص على الكل بالمحاصة وإن نقصت كان ميراث الذكرين أكثر .

                                                                                                                      وإن استوت كأبوين وحمل استوى ميراث الذكرين والأنثيين ( ومن لا يحجبه ) الحمل ( يأخذ إرثه كاملا ) كزوج أو زوجة مع أم حامل ( و ) يعطى ( من ينقصه ) الحمل ( شيئا اليقين ) كأم في المثال تعطى السدس لاحتمال أن يكون حملها عددا فيحجبها عن الثلث إلى السدس وكذا من مات عن زوجة حامل تعطى الثمن ; لأنه اليقين .

                                                                                                                      ( ومن سقط به ) أي الحمل ( لم يعط شيئا ) ، فمن مات عن حمل منه وعن أخ أو أخت أو عم لم يعط شيئا ، ( فإذا ولد ) الحمل .

                                                                                                                      ( وورث الموقوف كله دفع إليه ) لأنه ميراثه والمراد إلى وليه ( وإن زاد ) ما وقف له عن ميراثه ( رد الباقي لمستحقه وإن أعوز شيئا ) بأن وقف له نصيب ذكرين فولدت ثلاثة ( رجع على من هو في يده ) بباقي ميراثه وربما لا يرث الحمل إلا إذا كان أنثى كزوج وأخت لأبوين وامرأة أب حامل يوقف له سهم من سبعة فإن ولدته أنثى فأكثر من الإناث أخذته .

                                                                                                                      وإن ولدته ذكرا أو ذكرا وأنثى فأكثر ، اقتسمه الزوج والأخت وربما لا يرث إلا إذا كان ذكرا كبنت وعم وامرأة أخ حامل فإنه يوقف له ما فضل عن إرث البنت وهو نصف فإن ظهر ذكرا أخذه ، وأنثى أخذه العم .

                                                                                                                      ( ولو مات كافر ) بدارنا ( عن حمل منه لم يرثه للحكم بإسلامه قبل وضعه ) نص عليه قاله في المحرر وهذا هو الذي أشار إليه ابن رجب فيما سبق بقوله : ونقل عن أحمد ما يدل على خلافه ; لأن هذا يقتضي أنه إنما يحكم بإرثه بالوضع ، وإن الإسلام سبق ، فيكون مخالفا لدين مورثه ، فلا يرثه .

                                                                                                                      وأما إذا قلنا : يرث بالموت فلا يمنع الإسلام الطارئ بعد ; لأنه [ ص: 463 ] متأخر عن الحكم بالإرث ، ولذلك قال في الفروع وقيل : يرثه وهو أظهر وهو مقتضى ما قدمه المصنف أول الباب ( وكذا لو كان ) الحمل ( من كافر غيره ) أي الميت ( فأسلمت أمه قبل وضعه مثل أن يخلف ) كافر ( أمه ) الكافرة ( حاملا من غير أبيه ) ثم تسلم فيتبعها حملها ولا يرث للحكم بإسلامه قبل الوضع وعلى مقتضى القول بأنه يرثه بالموت يرث هنا أيضا لتأخر الإسلام عنه .

                                                                                                                      ( ويرث طفل حكم بإسلامه بموت أحد أبويه منه ) أي من الذي حكم بإسلامه بموته ; لأن المانع لم يتقدم الحكم بالإرث ، وإنما قارنه وهذا يرجع إلى ثبوت الحكم مع مقارنة المانع له ; لأن الإسلام سبب المنع والمنع ترتب عليه ، والحكم بالتوريث سابق على المنع لاقترانه بسببه .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية