الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                                                                                                        3341 حدثنا محمد بن سنان حدثنا سليم بن حيان حدثنا سعيد بن ميناء عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم مثلي ومثل الأنبياء كرجل بنى دارا فأكملها وأحسنها إلا موضع لبنة فجعل الناس يدخلونها ويتعجبون ويقولون لولا موضع اللبنة

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب خاتم النبيين ) أي أن المراد بالخاتم في أسمائه أنه خاتم النبيين ، ولمح بما وقع في القرآن ، [ ص: 646 ] وأشار إلى ما أخرجه في التاريخ من حديث العرباض بن سارية رفعه إني عبد الله وخاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته الحديث ، وأخرجه أيضا أحمد وصححه ابن حبان والحاكم فأورد فيه حديثي أبي هريرة وجابر ومعناهما واحد وسياق أبي هريرة أتم ، ووقع في آخر حديث جابر عند الإسماعيلي من طريق عفان عن سليم بن حيان فأنا موضع اللبنة جئت فختمت الأنبياء .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( مثلي ومثل الأنبياء كرجل بنى دارا ) قيل : المشبه به واحد والمشبه جماعة فكيف صح التشبيه وجوابه أنه جعل الأنبياء كرجل واحد ، لأنه لا يتم ما أراد من التشبيه إلا باعتبار الكل ، وكذلك الدار لا تتم إلا باجتماع البنيان ، ويحتمل أن يكون من التشبيه التمثيل وهو أن يوجد وصف من أوصاف المشبه ويشبه بمثله من أحوال المشبه به ، فكأنه شبه الأنبياء وما بعثوا به من إرشاد الناس ببيت أسست قواعده ورفع بنيانه وبقي منه موضع به يتم صلاح ذلك البيت ، وزعم ابن العربي أن اللبنة المشار إليها كانت في أس الدار المذكورة وأنها لولا وضعها لانقضت تلك الدار ، قال : وبهذا يتم المراد من التشبيه المذكور انتهى . وهذا إن كان منقولا فهو حسن وإلا فليس بلازم ، نعم ظاهر السياق أن تكون اللبنة في مكان يظهر عدم الكمال في الدار بفقدها وقد وقع في رواية همام عند مسلم إلا موضع لبنة من زاوية من زواياها فيظهر أن المراد أنها مكملة محسنة وإلا لاستلزم أن يكون الأمر بدونها كان ناقصا ، وليس كذلك فإن شريعة كل نبي بالنسبة إليه كاملة ، فالمراد هنا النظر إلى الأكمل بالنسبة إلى الشريعة المحمدية مع ما مضى من الشرائع الكاملة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لولا موضع اللبنة ) بفتح اللام وكسر الموحدة بعدها نون وبكسر اللام وسكون الموحدة أيضا هي القطعة من الطين تعجن وتجبل وتعد للبناء ويقال لها ما لم تحرق لبنة ، فإذا أحرقت فهي آجرة . وقوله : ( موضع اللبنة ) بالرفع على أنه مبتدأ وخبره محذوف أي لولا موضع اللبنة يوهم النقص لكان بناء الدار كاملا ، ويحتمل أن تكون " لولا " تحضيضية وفعلها محذوف تقديره لولا أكمل موضع اللبنة . ووقع في رواية همام عند أحمد " ألا وضعت هاهنا لبنة فيتم بنيانك " . وفي الحديث ضرب الأمثال للتقريب للأفهام وفضل النبي صلى الله عليه وسلم على سائر النبيين ، وأن الله ختم به المرسلين ، وأكمل به شرائع الدين .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية