الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ فيل ]

                                                          فيل : الفيل : معروف ، والجمع أفيال وفيول وفيلة ; قال ابن السكيت : ولا تقل أفيلة ، والأنثى فيلة ، وصاحبها فيال ; قال سيبويه : يجوز أن يكون أصل فيل فعلا فكسر من أجل الياء ، كما قالوا أبيض وبيض ; قال الأخفش : هذا لا يكون في الواحد إنما يكون في الجمع ; وقال ابن سيده : قال سيبويه يجوز أن يكون فيل فعلا وفعلا ، فيكون أفيال إذا كان فعلا بمنزلة الأجناد والأجحار ، ويكون الفيول بمنزلة الخرجة ; يعني جمع خرج . وليلة مثل لون الفيل أي سوداء لا يهتدى لها ، وألوان الفيلة كذلك . واستفيل الجمل : صار كالفيل ; حكاه ابن جني في باب استحوذ وأخواته ; وأنشد لأبي النجم :


                                                          يريد عيني مصعب مستفيل



                                                          والتفيل : زيادة الشباب ومهكته ; قال الشاعر :


                                                          حتى إذا ما حان من تفيله



                                                          وقال العجاج :


                                                          كل جلال يملأ المحبلا     عجنس قرم إذا تفيلا



                                                          قال : تفيل إذا سمن كأنه فيل . ورجل فيل اللحم : كثيره ، وبعضهم يهمزه فيقول : فيئل على فيعل . وتفيل النبات : اكتهل ; عن ثعلب . وفال رأيه يفيل فيلولة : أخطأ وضعف . ويقال : ما كنت أحب أن يرى في رأيك فيالة . ورجل فيل الرأي أي ضعيف الرأي ; قال الكميت :


                                                          بني رب الجواد فلا تفيلوا     فما أنتم فنعذركم لفيل



                                                          وقال جرير :


                                                          رأيتك يا أخيطل إذ جرينا     وجربت الفراسة كنت فالا


                                                          وتفيل : كفال . وفيل رأيه : قبحه وخطأه ; وقال أمية بن أبي عائذ :


                                                          فلو غيرها من ولد كعب بن كاهل     مدحت بقول صادق لم تفيل



                                                          فإنه أراد : لم يفيل رأيك ، وفي هذا دليل على أن المضاف إذا حذف رفض حكمه وصارت المعاملة إلى ما صرت إليه وحصلت عليه ، ألا ترى أنه ترك حرف المضارعة المؤذن بالغيبة ، وهو الياء وعدل إلى الخطاب ألبتة فقال تفيل ، بالتاء أي لم تفيل أنت ؟ ومثله بيت الكتاب :


                                                          أولئك أولى من يهود بمدحة     إذا أنت يوما قلتها لم تفند



                                                          أي يفند رأيك . قال أبو عبيدة : الفائل من المتفرسين الذي يظن ويخطئ . قال : ولا يعد فائلا حتى ينظر إلى الفرس في حالاته كلها ، ويتفرس فيه ، فإن أخطأ بعد ذلك فهو فارس غير فائل . ورجل فيل الرأي والفراسة وفاله وفيله وفيله إذا كان ضعيفا ، والجمع أفيال . ورجل فال أي ضعيف الرأي مخطئ الفراسة ، وقد فال الرأي يفيل فيولة . وفيل رأيه تفييلا أي ضعفه فهو فيل الرأي . قال ابن بري : يقال فال الرجل يفيل فيولا وفيالة وفيالة ; قال أفنون التغلبي :


                                                          فالوا علي ولم أملك فيالتهم     حتى انتحيت على الأرساغ والقنن



                                                          وفي حديث علي يصف أبا بكر ، رضي الله عنهما : كنت للدين يعسوبا أولا حين نفر الناس عنه ، وآخرا حين فيلوا ، ويروى فشلوا أي حين فال رأيهم فلم يستبينوا الحق . يقال : فال الرجل في رأيه وفيل ، إذا لم يصب فيه ، ورجل فائل الرأي وفاله وفيله ; وفي حديثه الآخر : إن تمموا على فيالة هذا الرأي انقطع نظام المسلمين ; المحكم : وفي رأيه فيالة وفيالة وفيولة . والمفايلة والفيال والفيال : لعبة للصبيان ، وقيل : لعبة لفتيان الأعراب بالتراب يخبئون الشيء في التراب ، ثم يقسمونه بقسمين ثم يقول الخابئ لصاحبه : في أي القسمين هو ؟ فإذا أخطأ قال له : فال رأيك ; قال طرفة :


                                                          يشق حباب الماء حيزومها بها     كما قسم الترب المفايل باليد



                                                          قال الليث : يقال فيال وفيال ، فمن فتح الفاء جعله اسما ، ومن كسرها جعله مصدرا ، وقال غيره : يقال لهذه اللعبة الطبن والسدر ; وأنشد ابن الأعرابي :


                                                          يبتن يلعبن حوالي الطبن



                                                          قال ابن بري : والفئال من الفأل بالظفر ، ومن لم يهمز جعله من فال رأيه إذا لم يظفر ، قال : وذكره النحاس فقال الفيال من المفايلة ، ولم يقل من المفاءلة وقوله ; أنشده ابن الأعرابي :


                                                          من الناس أقوام إذا صادفوا الغنى     تولوا وفالوا للصديق وفخموا



                                                          يجوز أن يكون فالوا تعظموا وتفاخموا فصاروا كالفيلة ، أو تجهموا للصديق ، لأن الفيل جهم ، أو فالت آراؤهم في إكرامه وتقريبه ومعونته على الدهر فلم يكرموه ولا أعانوه . والفائل : اللحم الذي على خرب الورك ، وقيل : هو عرق ; قال الجوهري : وكان بعضهم يجعل الفائل عرقا في الفخذ ، قال هميان :


                                                          كأنما ييجع عرقا أبيضه     وملتقى فائله وأبضه



                                                          وقال الأصمعي في كتاب الفرس : في الورك الخربة ، وهي نقرة فيها لحم لا عظم فيها ، وفي تلك النقرة الفائل ، قال : وليس بين تلك النقرة وبين الجوف عظم ، إنما هو جلد ولحم ، وقيل : الفائلان مضيغتان من لحم أسفلهما على الصلوين من لدن أدنى الحجبتين إلى العجب ، مكتنفتا العصعص منحدرتان في جانبي الفخذين ، واحتجوا بقول الأعشى :


                                                          قد نخضب العير من مكنون فائله     وقد يشيط على أرماحنا البطل



                                                          قالوا : فلم يجعله مكنونا إلا وهو عرق ، قال الأولون : بل أغاب اللسان في أقصى اللحم ، ولو كان عرقا ما قال أشرفت الحجبتان [ ص: 254 ] عليه ، ويقال : المكنون هنا الدم ; قال الجوهري : مكنون الفائل دمه ، وأراد إنا حذاق بالطعن في الفائل ، وذلك أن الفارس إذا حذق الطعن قصد الخربة ، لأنه ليس دون الجوف عظم ، ومكنون فائله دمه الذي قد كن فيه . والفال : لغة في الفائل ; قال امرؤ القيس :


                                                          ولم أشهد الخيل المغيرة بالضحى     على هيكل نهد الجزارة جوال
                                                          سليم الشظى عبل الشوى شنج النسا     له حجبات مشرفات على الفال



                                                          أراد على الفائل فقلب ، وهو عرق في الفخذين يكون في خربة الورك ينحدر في الرجل ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية