الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      جيش أسامة بن زيد رضي الله عنهما

                                                                                      قال هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال : جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في مرضه : " أنفذوا جيش أسامة ، فسار حتى بلغ الجرف ، فأرسلت إليه امرأته فاطمة بن قيس تقول : لا تعجل فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثقيل ، فلم يبرح حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قبض رجع إلى أبي بكر ، فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني وأنا على غير حالكم هذه ، وأنا أتخوف أن تكفر العرب ، وإن كفرت كانوا أول من نقاتل ، وإن لم تكفر مضيت ، فإن معي سروات الناس وخيارهم ، قال : فخطب أبو بكر الناس ، ثم قال : والله لأن تخطفني الطير أحب إلي من أن أبدأ بشيء قبل أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فبعثه أبو بكر ، واستأذن لعمر أن يتركه عنده ، وأمر أن يجزر في القوم ، أن يقطع الأيدي ، والأرجل والأوساط في القتال ، قال : [ ص: 33 ] فمضى حتى أغار ، ثم رجعوا وقد غنموا وسلموا .

                                                                                      فكان عمر يقول : ما كنت لأحيي أحدا بالإمارة غير أسامة ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض وهو أمير ، قال : فسار ، فلما دنوا من الشام أصابتهم ضبابة شديدة فسترتهم ، حتى أغاروا وأصابوا حاجتهم ، قال : فقدم بنعي رسول الله صلى الله عليه وسلم على هرقل وإغارة أسامة في ناحية أرضه خبرا واحدا ، فقالت الروم : ما بال هؤلاء ، يموت صاحبهم وأغاروا على أرضنا ؟ !

                                                                                      وعن الزهري ، قال : سار أسامة في ربيع الأول حتى بلغ أرض الشام وانصرف ، فكان مسيره ذاهبا وقافلا أربعين يوما .

                                                                                      وقيل كان ابن عشرين سنة .

                                                                                      وقال ابن لهيعة ، عن أبي الأسود ، عن عروة ، قال : فلما فرغوا من البيعة ، واطمأن الناس قال أبو بكر لأسامة بن زيد : امض لوجهك . فكلمه رجال من المهاجرين والأنصار وقالوا : أمسك أسامة وبعثه ، فإنا نخشى أن تميل علينا العرب إذا سمعوا بوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أنا أحبس جيشا بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد اجترأت على أمر عظيم ! والذي نفسي بيده لأن تميل علي العرب أحب إلي من أن أحبس جيشا بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم امض يا أسامة في جيشك للوجه الذي أمرت به ، ثم اغز حيث أمرك رسول الله صلى الله عليه وسلم من ناحية فلسطين ، وعلى أهل مؤتة ، فإن الله سيكفي ما تركت ، ولكن إن رأيت أن تأذن لعمر فأستشيره وأستعين به فافعل ، ففعل أسامة . ورجع عامة العرب عن دينهم وعامة أهل المشرق وغطفان وأسد وعامة أشجع ، وتمسكت طيء بالإسلام .

                                                                                      [ ص: 34 ]

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية