الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            2683 - قصة إسلام سلمان الفارسي مفصلا ، وذكر عيسى عليه الصلاة والسلام ، وتعلم سلمان من الراهب الكبير

                                                                                            6602 - حدثنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب بن يوسف العدل ، من أصل كتابه ، [ ص: 784 ] ثنا أبو بكر يحيى بن أبي طالب ببغداد ، ثنا علي بن عاصم ، ثنا حاتم بن أبي صغيرة ، عن سماك بن حرب ، عن زيد بن صوحان ، أن رجلين من أهل الكوفة كانا صديقين لزيد بن صوحان أتياه ليكلم لهما سلمان أن يحدثهما حديثه كيف كان إسلامه ، فأقبلا معه حتى لقوا سلمان ، وهو بالمدائن أميرا عليها ، وإذا هو على كرسي قاعد ، وإذا خوص بين يديه وهو يسفه ، قالا : فسلمنا وقعدنا ، فقال له زيد : يا أبا عبد الله ، إن هذين لي صديقان ولهما أخ ، وقد أحبا أن يسمعا حديثك كيف كان بدء إسلامك ؟

                                                                                            قال : فقال سلمان : كنت يتيما من رام هرمز ، وكان ابن دهقان رام هرمز يختلف إلى معلم يعلمه ، فلزمته لأكون في كنفه ، وكان لي أخ أكبر مني وكان مستغنيا بنفسه ، وكنت غلاما قصيرا ، وكان إذا قام من مجلسه تفرق من يحفظهم ، فإذا تفرقوا خرج فيضع بثوبه ، ثم صعد الجبل ، وكان يفعل ذلك غير مرة متنكرا قال : فقلت له : إنك تفعل كذا وكذا ، فلم لا تذهب بي معك ؟ قال : أنت غلام ، وأخاف أن يظهر منك شيء . قال : قلت : لا تخف . قال : فإن في هذا الجبل قوما في برطيلهم لهم عبادة ، ولهم صلاح يذكرون الله تعالى ، ويذكرون الآخرة ، ويزعموننا عبدة النيران ، وعبدة الأوثان ، وأنا على دينهم قال : قلت فاذهب بي معك إليهم قال : لا أقدر على ذلك حتى أستأمرهم ، وأنا أخاف أن يظهر منك شيء ، فيعلم أبي فيقتل القوم فيكون هلاكهم على يدي قال : قلت : لن يظهر مني ذلك ، فاستأمرهم ، فأتاهم ، فقال : غلام عندي يتيم فأحب أن يأتيكم ويسمع كلامكم ، قالوا : إن كنت تثق به . قال : أرجو أن لا يجيء منه إلا ما أحب ، قالوا : فجيء به ، فقال لي : قد استأذنت في أن تجيء معي ، فإذا كانت الساعة التي رأيتني أخرج فيها فأتني ولا يعلم بك أحد ، فإن أبي إن علم بهم قتلهم .

                                                                                            قال : فلما كانت الساعة التي يخرج تبعته فصعدنا الجبل ، فانتهينا إليهم ، فإذا هم في برطيلهم . قال : [ ص: 785 ] علي : وأراه قال : وهم ستة أو سبعة . قال : وكأن الروح قد خرج منهم من العبادة يصومون النهار ويقومون الليل ويأكلون عند السحر ما وجدوا ، فقعدنا إليهم ، فأثنى الدهقان على حبر ، فتكلموا ، فحمدوا الله ، وأثنوا عليه ، وذكروا من مضى من الرسل والأنبياء حتى خلصوا إلى ذكر عيسى ابن مريم عليهما السلام ، فقالوا : بعث الله تعالى عيسى عليه السلام رسولا وسخر له ما كان يفعل من إحياء الموتى ، وخلق الطير ، وإبراء الأكمه والأبرص والأعمى ، فكفر به قوم وتبعه قوم ، وإنما كان عبد الله ورسوله ابتلى به خلقه قال : وقالوا قبل ذلك : يا غلام ، إن لك لربا ، وإن لك معادا ، وإن بين يديك جنة ونارا ، إليهما تصيرون ، وإن هؤلاء القوم الذين يعبدون النيران أهل كفر وضلالة لا يرضى الله ما يصنعون وليسوا على دين .

                                                                                            فلما حضرت الساعة التي ينصرف فيها الغلام انصرف وانصرفت معه ، ثم غدونا إليهم فقالوا مثل ذلك وأحسن ، ولزمتهم فقالوا لي يا سلمان : إنك غلام ، وإنك لا تستطيع أن تصنع كما نصنع فصل ونم وكل واشرب . قال : فاطلع الملك على صنيع ابنه فركب في الخيل حتى أتاهم في برطيلهم ، فقال : يا هؤلاء ، قد جاورتموني فأحسنت جواركم ، ولم تروا مني سوءا فعمدتم إلى ابني فأفسدتموه علي قد أجلتكم ثلاثا ، فإن قدرت عليكم بعد ثلاث أحرقت عليكم برطيلكم هذا ، فالحقوا ببلادكم ، فإني أكره أن يكون مني إليكم سوء ، قالوا : نعم ، ما تعمدنا مساءتك ولا أردنا إلا الخير ، فكف ابنه عن إتيانهم فقلت له : اتق الله ، فإنك تعرف أن هذا الدين دين الله ، وأن أباك ونحن على غير دين إنما هم عبدة النار لا يعبدون الله ، فلا تبع آخرتك بدنيا غيرك . قال : يا سلمان ، هو كما تقول ، وإنما أتخلف عن القوم بغيا عليهم إن تبعت القوم طلبني أبي في الجبل وقد خرج في إتياني إياهم حتى طردهم ، وقد أعرف أن الحق في أيديهم . فأتيتهم في اليوم الذي أرادوا أن يرتحلوا فيه ، فقالوا : يا سلمان : قد كنا نحذر مكان ما رأيت فاتق الله تعالى واعلم أن الدين ما أوصيناك به ، وإن هؤلاء عبدة النيران لا يعرفون الله تعالى ولا يذكرونه ، فلا يخدعنك أحد عن دينك . قلت : ما أنا بمفارقكم ، قالوا : أنت لا تقدر أن تكون معنا نحن نصوم النهار ونقوم الليل ونأكل عند السحر ما أصبنا وأنت لا تستطيع ذلك . قال : فقلت : لا أفارقكم ، قالوا : أنت أعلم وقد أعلمناك حالنا ، فإذا أتيت خذ مقدار حمل يكون معك شيء تأكله ، فإنك لا تستطيع ما نستطيع بحق . قال : ففعلت ولقينا أخي فعرضت عليه ، ثم أتيتهم يمشون وأمشي معهم ، فرزق الله السلامة حتى قدمنا الموصل فأتينا بيعة بالموصل ، فلما دخلوا احتفوا بهم [ ص: 786 ] وقالوا : أين كنتم ؟ قالوا : كنا في بلاد لا يذكرون الله تعالى فيها عبدة النيران ، وكنا نعبد الله فطردونا ، فقالوا : ما هذا الغلام ؟ فطفقوا يثنون علي ، وقالوا : صحبنا من تلك البلاد فلم نر منه إلا خيرا . قال سلمان فوالله : إنهم لكذلك إذ طلع عليهم رجل من كهف جبل . قال : فجاء حتى سلم وجلس فحفوا به وعظموه أصحابي الذين كنت معهم وأحدقوا به ، فقال : أين كنتم ؟ فأخبروه ، فقال : ما هذا الغلام معكم ؟ فأثنوا علي خيرا وأخبروه باتباعي إياهم ، ولم أر مثل إعظامهم إياه ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم ذكر من أرسل من رسله وأنبيائه وما لقوا وما صنع بهم وذكر مولد عيسى ابن مريم عليه السلام ، وأنه ولد بغير ذكر فبعثه الله عز وجل رسولا ، وأحيا على يديه الموتى ، وأنه يخلق من الطين كهيئة الطير ، فينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله ، وأنزل عليه الإنجيل وعلمه التوراة ، وبعثه رسولا إلى بني إسرائيل فكفر به قوم وآمن به قوم ، وذكر بعض ما لقي عيسى ابن مريم ، وأنه كان عبد الله أنعم الله عليه فشكر ذلك له ورضي الله عنه . حتى قبضه الله عز وجل وهو يعظهم ، ويقول : اتقوا الله والزموا ما جاء به عيسى عليه الصلاة والسلام ، ولا تخالفوا فيخالف بكم ، ثم قال : من أراد أن يأخذ من هذا شيئا فليأخذ . فجعل الرجل يقوم فيأخذ الجرة من الماء والطعام فقام أصحابي الذين جئت معهم فسلموا عليه وعظموه وقال لهم : الزموا هذا الدين وإياكم أن تفرقوا واستوصوا بهذا الغلام خيرا ، وقال لي : يا غلام هذا دين الله الذي تسمعني أقوله وما سواه الكفر . قال : قلت : ما أنا بمفارقك . قال : إنك لا تستطيع أن تكون معي إني لا أخرج من كهفي هذا إلا كل يوم أحد ، ولا تقدر على الكينونة معي . قال : وأقبل على أصحابه ، فقالوا : يا غلام ، إنك لا تستطيع أن تكون معه ، قلت : ما أنا بمفارقك . قال له أصحابه : يا فلان ، إن هذا غلام ويخاف عليه ، فقال لي : أنت أعلم ، قلت : فإني لا أفارقك ، فبكى أصحابي الأولون الذين كنت معهم عند فراقهم إياي ، فقال : يا غلام ، خذ من هذا الطعام ما ترى أنه يكفيك إلى الأحد الآخر ، وخذ من الماء ما تكتفي به ، ففعلت فما رأيته نائما ولا طاعما إلا راكعا وساجدا إلى الأحد الآخر ، فلما أصبحنا قال لي : خذ جرتك هذه وانطلق . فخرجت معه أتبعه حتى انتهينا إلى الصخرة ، وإذا هم قد خرجوا من تلك الجبال ينتظرون خروجه فقعدوا وعاد في حديثه نحو المرة الأولى ، فقال : الزموا هذا الدين ولا تفرقوا ، واذكروا الله واعلموا أن عيسى ابن مريم عليهما الصلاة والسلام كان عبد الله تعالى أنعم الله عليه ، ثم ذكرني فقالوا له : يا فلان كيف وجدت هذا الغلام ؟ فأثنى [ ص: 787 ] علي ، وقال خيرا : فحمدوا الله تعالى ، وإذا خبز كثير ، وماء كثير فأخذوا وجعل الرجل يأخذ ما يكتفي به ، وفعلت فتفرقوا في تلك الجبال ورجع إلى كهفه ورجعت معه ، فلبثنا ما شاء الله يخرج في كل يوم أحد ، ويخرجون معه ويحفون به ويوصيهم بما كان يوصيهم به ، فخرج في أحد ، فلما اجتمعوا حمد الله تعالى ووعظهم وقال مثل ما كان يقول لهم ، ثم قال لهم آخر ذلك : يا هؤلاء إنه قد كبر سني ورق عظمي وقرب أجلي ، وإنه لا عهد لي بهذا البيت منذ كذا وكذا ، ولا بد من إتيانه فاستوصوا بهذا الغلام خيرا ، فإني رأيته لا بأس به . قال : فجزع القوم فما رأيت مثل جزعهم ، وقالوا : يا فلان ، أنت كبير فأنت وحدك ، ولا نأمن من أن يصيبك شيء يساعدك أحوج ما كنا إليك . قال : لا تراجعوني ، لا بد من اتباعه ، ولكن استوصوا بهذا الغلام خيرا وافعلوا وافعلوا . قال : فقلت : ما أنا بمفارقك قال : يا سلمان قد رأيت حالي وما كنت عليه وليس هذا كذلك أنا أمشي أصوم النهار وأقوم الليل ، ولا أستطيع أن أحمل معي زادا ولا غيره وأنت لا تقدر على هذا ، قلت : ما أنا بمفارقك قال : أنت أعلم قال : فقالوا : يا فلان ، فإنا نخاف على هذا الغلام . قال : فهو أعلم قد أعلمته الحال وقد رأى ما كان قبل هذا . قلت : لا أفارقك . قال : فبكوا وودعوه ، وقال لهم : اتقوا الله وكونوا على ما أوصيتكم به ، فإن أعش فعلي أرجع إليكم ، وإن مت فإن الله حي لا يموت ، فسلم عليهم وخرج وخرجت معه ، وقال لي : احمل معك من هذا الخبز شيئا تأكله فخرج وخرجت معه يمشي واتبعته يذكر الله تعالى ولا يلتفت ولا يقف على شيء حتى إذا أمسينا قال : يا سلمان ، صل أنت ونم وكل واشرب . ثم قام وهو يصلي حتى انتهينا إلى بيت المقدس ، وكان لا يرفع طرفه إلى السماء حتى أتينا إلى باب المسجد ، وإذا على الباب مقعد ، فقال : يا عبد الله ، قد ترى حالي فتصدق علي بشيء ، فلم يلتفت إليه ودخل المسجد ودخلت معه فجعل يتبع أمكنة من المسجد فصلى فيها ، فقال : يا سلمان إني لم أنم منذ كذا وكذا ولم أجد طعم النوم ، فإن فعلت أن توقظني إذا بلغ الظل مكان كذا وكذا نمت ، فإني أحب أن أنام في هذا المسجد وإلا لم أنم . قال : قلت فإني أفعل . قال : فإذا بلغ الظل مكان كذا وكذا فأيقظني إذا غلبتني عيني . فنام ، فقلت في نفسي : هذا لم ينم مذ كذا وكذا وقد رأيت بعض ذلك لأدعنه ينام حتى يشتفي من النوم قال : وكان فيما يمشي وأنا معه يقبل علي فيعظني ويخبرني أن لي ربا وأن بين يدي جنة ونارا وحسابا ، ويعلمني ويذكرني نحو ما يذكر القوم يوم الأحد حتى قال فيما يقول : يا سلمان [ ص: 788 ] إن الله عز وجل سوف يبعث رسولا اسمه أحمد يخرج بتهمة - وكان رجلا عجميا لا يحسن القول - علامته أنه يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة بين كتفيه خاتم ، وهذا زمانه الذي يخرج فيه قد تقارب فأما أنا فإني شيخ كبير ولا أحسبني أدركه ، فإن أدركته أنت فصدقه واتبعه . قال : قلت وإن أمرني بترك دينك وما أنت عليه ؟ قال : اتركه فإن الحق فيما يأمر به ورضا الرحمن فيما قال ، فلم يمض إلا يسيرا حتى استيقظ فزعا يذكر الله تعالى ، فقال لي : يا سلمان ، مضى الفيء من هذا المكان ولم أذكر أين ما كنت جعلت على نفسك ؟ قال : أخبرتني أنك لم تنم منذ كذا وكذا وقد رأيت بعض ذلك فأحببت أن تشتفي من النوم ، فحمد الله تعالى وقام فخرج وتبعته فمر بالمقعد ، فقال المقعد : يا عبد الله دخلت فسألتك فلم تعطني وخرجت فسألتك فلم تعطني . فقام ينظر هل يرى أحدا فلم يره فدنا منه ، فقال له : ناولني يدك فناوله ، فقال : بسم الله . فقام كأنه أنشط من عقال صحيحا لا عيب به فخلا عن بعده ، فانطلق ذاهبا فكان لا يلوي على أحد ولا يقوم عليه ، فقال لي المقعد : يا غلام احمل علي ثيابي حتى أنطلق فأسير إلى أهلي فحملت عليه ثيابه وانطلق لا يلوي علي ، فخرجت في إثره أطلبه ، فكلما سألت عنه قالوا : أمامك حتى لقيني ركب من كلب ، فسألتهم فلما سمعوا الفتى أناخ رجل منهم لي بعيره فحملني خلفه حتى أتوا بلادهم ، فباعوني فاشترتني امرأة من الأنصار فجعلتني في حائط بها وقدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فأخبرت به فأخذت شيئا من تمر حائطي فجعلته على شيء ، ثم أتيته فوجدت عنده ناسا ، وإذا أبو بكر أقرب الناس إليه فوضعته بين يديه ، وقال : ما هذا ؟ قلت : صدقة . قال للقوم : " كلوا " ، ولم يأكل ، ثم لبثت ما شاء الله ، ثم أخذت مثل ذلك فجعلت على شيء ، ثم أتيته فوجدت عنده ناسا ، وإذا أبو بكر أقرب القوم منه فوضعته بين يديه ، فقال لي : " ما هذا ؟ " قلت : هدية . قال : " بسم الله " ، وأكل وأكل القوم قلت في نفسي : هذه من آياته كان صاحبي رجلا أعجميا لم يحسن أن يقول : تهامة ، فقال : تهمة وقال : اسمه أحمد . فدرت خلفه ففطن بي فأرخى ثوبا ، فإذا الخاتم في ناحية كتفه الأيسر فتبينته ، ثم درت حتى جلست بين يديه ، فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله ، فقال : " من أنت ؟ " قلت : مملوك . قال : فحدثته حديثي وحديث الرجل الذي كنت معه وما أمرني به . قال : لمن أنت ؟ قلت : لامرأة من الأنصار جعلتني في حائط لها . قال : يا أبا بكر . قال : لبيك . قال : " اشتره " فاشتراني أبو بكر رضي الله عنه ، فأعتقني فلبثت ما شاء الله أن ألبث [ ص: 789 ] فسلمت عليه وقعدت بين يديه فقلت : يا رسول الله ما تقول في دين النصارى ؟ قال : " لا خير فيهم ولا في دينهم " ، فدخلني أمر عظيم ، فقلت في نفسي : هذا الذي كنت معه ورأيت ما رأيته . ثم رأيته أخذ بيد المقعد فأقامه الله على يديه ، وقال : " لا خير في هؤلاء ، ولا في دينهم " ، فانصرفت وفي نفسي ما شاء الله ، فأنزل الله عز وجل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون ) إلى آخر الآية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " علي بسلمان " ، فأتى الرسول وأنا خائف فجئت حتى قعدت بين يديه فقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم : ( ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون ) إلى آخر الآية " يا سلمان إن أولئك الذين كنت معهم وصاحبك لم يكونوا نصارى ، إنما كانوا مسلمين " ، فقلت : يا رسول الله ، والذي بعثك بالحق لهو الذي أمرني باتباعك ، فقلت له : وإن أمرني بترك دينك وما أنت عليه ؟ قال : فاتركه ، فإن الحق وما يجب فيما يأمرك به .

                                                                                            قال الحاكم رحمه الله تعالى : هذا حديث صحيح عال في ذكر إسلام سلمان الفارسي رضي الله عنه ، ولم يخرجاه . وقد روي عن أبي الطفيل عامر بن واثلة ، عن سلمان من وجه صحيح بغير هذه السياقة ، فلم أجد من إخراجه بدا لما في الروايتين من الخلاف في المتن والزيادة والنقصان .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية