الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              1078 [ ص: 450 ] (باب من أحق بالإمامة )

                                                                                                                              ومثله في النووي .

                                                                                                                              (حديث الباب )

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 172- 173 ج5 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن أوس بن ضمعج، ، عن أبي مسعود الأنصاري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله. فإن كانوا في القراءة سواء، فأعلمهم بالسنة. فإن كانوا في السنة سواء، فأقدمهم هجرة. فإن كانوا في الهجرة سواء، فأقدمهم سلما. ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه. ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه" .

                                                                                                                              قال الأشج في روايته (مكان : سلما ) : سنا].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن أبي مسعود الأنصاري ) ، رضي الله عنه: (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء؛ فأعلمهم بالسنة" ) .

                                                                                                                              "فيه" تقديم الأقرإ على الأفقه، وهو مذهب أبي حنيفة، وأحمد.

                                                                                                                              [ ص: 451 ] وقال مالك والشافعي: بعكس ذلك. وأجابا عن الحديث، بأن الأقرأ من الصحابة، كان هو الأفقه. لكن في لفظ الحديث، دليل على تقديم الأقرإ مطلقا.

                                                                                                                              وقيل: الأورع مقدم عليهما. لأن مقصود الإمامة يحصل من الأورع أكثر من غيره.

                                                                                                                              "فإن كانوا في السنة سواء. فأقدمهم هجرة". يدخل فيه طائفتان. إحداهما: الذين يهاجرون اليوم، من دار الكفر إلى دار الإسلام. فإن الهجرة باقية إلى يوم القيامة عند جمهور العلماء. وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا هجرة بعد الفتح" أي: لا هجرة من مكة. لأنها صارت دار الإسلام. ولا هجرة فضلها كفضل الهجرة قبل الفتح. والثانية: أولاد المهاجرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                              فإذا استوى اثنان في الفقه والقراءة؛ وأحدهما من أولاد من تقدمت هجرته، والآخر من أولاد من تأخرت هجرته، قدم الأول.

                                                                                                                              "فإن كانوا في الهجرة سواء. فأقدمهم سلما " وفي الرواية الأخرى: "سنا": وفي الأخرى. "فأكبرهم سنا ) .

                                                                                                                              [ ص: 452 ] معناه: إذا استويا في الفقه؛ والقراءة؛ والهجرة؛ ورجح أحدهما بتقديم إسلامه؛ أو بكبر سنه؛ قدم. لأنها فضيلة يرجح بها. هذا كلام النووي .

                                                                                                                              قال في "السيل الجرار": هذا الترتيب النبوي، هو الذي ينبغي اعتماده، والعمل عليه.

                                                                                                                              ولم يرد شيء في تقديم الراتب على غيره. وما قيل: إنه قد ثبت له سلطان، لكونه راتبا، فذلك مجرد دعوى. فإن السلطان أمر معروف لغة، وشرعا.

                                                                                                                              نعم: إذا كان الرجل في بيته، فقد ثبت في مسلم وغيره: "لا يؤم الرجل الرجل في أهله".

                                                                                                                              وهكذا، لم يرد في تقديم الأورع شيء يخصه.

                                                                                                                              وأما حديث ابن عباس، الذي رواه الدارقطني مرفوعا: "اجعلوا أئمتكم خياركم" فلا تقوم به حجة، لضعف إسناده. انتهى.

                                                                                                                              "ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه.

                                                                                                                              قال النووي : معناه: أن صاحب البيت، والمجلس، وإمام المسجد، أحق من غيره، وإن كان ذلك الغير أفقه، وأقرأ، وأورع، وأفضل منه.

                                                                                                                              وصاحب المكان أحق. فإن شاء تقدم. وإن شاء قدم من يريده. وإن كان الذي يقدمه مفضولا بالنسبة إلى باقي الحاضرين؛ [ ص: 453 ] لأنه سلطانه. فيتصرف فيه كيف شاء. قال: قال أصحابنا: فإن حضر السلطان، أو نائبه، قدم على صاحب البيت، وإمام المسجد، وغيرهما.

                                                                                                                              لأن ولايته وسلطانه عامة. قال في "السيل": ولا دليل على تقديم الأشرف نسبا.

                                                                                                                              والاستدلال له بمثل حديث: "الناس تبع لقريش" ونحوه. وضع الدليل في غير موضعه. انتهى.

                                                                                                                              "ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه". وفي الرواية الأخرى: "ولا تجلس على تكرمته في بيته، إلا أن يأذن لك" قال أهل العلم: التكرمة، الفراش؛ ونحوه، مما يبسط لصاحب المنزل ويخص به. وهي بفتح التاء وكسر الراء.




                                                                                                                              الخدمات العلمية