الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قبض ]

                                                          قبض : القبض : خلاف البسط قبضه يقبضه قبضا وقبضه الأخيرة عن ابن الأعرابي ، وأنشد :


                                                          تركت ابن ذي الجدين فيه مرشة يقبض أحشاء الجبان شهيقها



                                                          والانقباض : خلاف الانبساط وقد انقبض وتقبض . وانقبض الشيء : صار مقبوضا . وتقبضت الجلدة في النار ، أي : انزوت . وفي أسماء الله تعالى : القابض هو الذي يمسك الرزق وغيره من الأشياء عن العباد بلطفه وحكمته ، ويقبض الأرواح عند الممات . وفي الحديث : يقبض الله الأرض ، ويقبض السماء ، أي : يجمعهما . وقبض المريض إذا توفي وإذا أشرف على الموت . وفي الحديث : فأرسلت إليه أن ابنا لي قبض أرادت أنه في حال القبض ومعالجة النزع . الليث : إنه ليقبضني ما قبضك قال الأزهري . معناه أنه يحشمني ما أحشمك ، ونقيضه من الكلام : إنه ليبسطني ما بسطك . ويقال : الخير يبسطه والشر يقبضه . وفي الحديث : فاطمة بضعة مني يقبضني ما قبضها ، أي : أكره ما تكرهه وأنجمع مما تنجمع منه . والتقبض : التشنج . والملك قابض الأرواح . والقبض : مصدر قبضت قبضا يقال : قبضت مالي قبضا . والقبض : الانقباض وأصله في جناح الطائر قال الله تعالى : ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمن . وقبض الطائر جناحه : جمعه . وتقبضت الجلدة في النار ، أي : انزوت . وقوله تعالى : ويقبضون أيديهم ؛ أي : عن النفقة ، وقيل : لا يؤتون الزكاة . والله يقبض ويبسط ؛ أي : يضيق على قوم ويوسع على قوم . وقبض ما بين عينيه فتقبض : زواه . وقبضت الشيء تقبيضا : جمعته وزويته . ويوم يقبض ما بين العينين : يكنى بذلك عن شدة خوف أو حرب ، وكذلك يوم يقبض الحشى . والقبضة بالضم : ما قبضت عليه من شيء ، يقال : أعطاه قبضة من سويق أو تمر ، أو كفا منه وربما جاء بالفتح . الليث : القبض جمع الكف على الشيء . وقبضت الشيء قبضا : أخذته . والقبضة : ما أخذت بجمع كفك كله ، فإذا كان بأصابعك ، فهي القبصة بالصاد . ابن الأعرابي : القبض قبولك المتاع ، وإن لم تحوله . والقبض : تحويلك المتاع إلى حيزك . والقبض : التناول للشيء بيدك ملامسة . وقبض على الشيء وبه يقبض قبضا : انحنى عليه بجميع كفه . وفي التنزيل : فقبضت قبضة من أثر الرسول قال ابن جني : أراد من تراب أثر حافر فرس الرسول ، ومثله مسألة لكتاب : أنت مني فرسخان ، أي : أنت مني ذو مسافة فرسخين . وصار الشيء في قبضي وقبضتي ، أي : في ملكي . وهذا قبضة كفي ، أي : قدر ما تقبض عليه . وقوله عز وجل : والأرض جميعا قبضته يوم القيامة قال ثعلب : هذا كما تقول : هذه الدار في قبضتي ، ويدي ، أي : في ملكي ، قال : وليس بقوي قال : وأجاز بعض النحويين : ( قبضته يوم القيامة ) بنصب قبضته قال : وهذا ليس بجائز عند أحد من النحويين البصريين ؛ لأنه مختص ، لا يقولون : زيد قبضتك ، ولا زيد دارك ، وفي التهذيب : المعنى ، والأرض في حال اجتماعها قبضته يوم القيامة . وفي حديث حنين : فأخذ قبضة من التراب هو بمعنى المقبوض كالغرفة بمعنى المغروف ، وهي بالضم الاسم وبالفتح المرة . ومقبض السكين ، والقوس والسيف ومقبضتها : ما قبضت عليه منها بجمع الكف ، وكذلك مقبض كل شيء . التهذيب : ويقولون مقبضة السكين ومقبض السيف كل ذلك حيث يقبض عليه بجمع الكف . ابن شميل : المقبضة موضع اليد من القناة . وأقبض السيف والسكين : جعل لهما مقبضا . ورجل قبضة رفضة : للذي يتمسك بالشيء ثم لا يلبث أن يدعه ، ويرفضه وهو من الرعاء الذي يقبض إبله فيسوقها ، ويطردها حتى ينهيها حيث شاء ، وراع قبضة إذا كان منقبضا لا يتفسح في رعي غنمه . وقبض الشيء قبضا : أخذه . وقبضه المال : أعطاه إياه . والقبض : ما قبض من الأموال . وتقبيض المال : إعطاؤه لمن يأخذه . والقبض : الأخذ بجميع الكف . وفي حديث بلال رضي الله عنه والتمر : فجعل يجيء به قبضا قبضا . وفي حديث مجاهد : هي القبض التي تعطى عند الحصاد وقد روي بالصاد المهملة . ودخل مال فلان في القبض بالتحريك يعني ما [ ص: 11 ] قبض من أموال الناس . الليث : القبض ما جمع من الغنائم فألقي في قبضه ، أي : في مجتمعه . وفي الحديث : أن سعدا قتل يوم بدر قتيلا وأخذ سيفه ، فقال له : ألقه في القبض ، والقبض بالتحريك بمعنى المقبوض ، وهو ما جمع من الغنيمة قبل أن تقسم . ، ومنه الحديث : كان سلمان على قبض من قبض المهاجرين . ويقال : صار الشيء في قبضك وفي قبضتك ، أي : في ملكك . والمقبض : المكان الذي يقبض فيه ، نادر . والقبض في زحاف الشعر : حذف الحرف الخامس الساكن من الجزء ، نحو النون من فعولن أينما تصرفت ، ونحو الياء من مفاعيلن وكل ما حذف خامسه فهو مقبوض ، وإنما سمي مقبوضا ليفصل بين ما حذف أوله وآخره ووسطه .

                                                          وقبض الرجل : مات فهو مقبوض . وتقبض على الأمر : توقف عليه . وتقبض عنه : اشمأز . والانقباض ، والقباضة ، والقبض إذا كان منكمشا سريعا ، قال الراجز :


                                                          أتتك عيس تحمل المشيا     ماء من الطثرة أحوذيا
                                                          يعجل ذا القباضة الوحيا     أن يرفع المئزر عنه شيا



                                                          ، والقبيض من الدواب : السريع نقل القوائم ، قال الطرماح :


                                                          سدت بقباضة وثنت بلين



                                                          ، والقابض : السائق السريع السوق ، قال الأزهري : وإنما سمي السوق قبضا ; لأن السائق للإبل يقبضها ، أي : يجمعها إذا أراد سوقها ، فإذا انتشرت عليه تعذر سوقها ، قال : وقبض الإبل يقبضها قبضا ساقها سوقا عنيفا . وفرس قبيض الشد ، أي : سريع نقل القوائم . والقبض : السوق السريع ، يقال : هذا حاد قابض قال الراجز :


                                                          كيف تراها ، والحداة تقبض     بالغمل ليلا والرحال تنغض



                                                          تقبض ، أي : تسوق سوقا سريعا ، وأنشد ابن بري لأبي محمد الفقعسي :


                                                          هل لك والعارض منك عائض     في هجمة يغدر منها القابض ؟



                                                          ويقال : انقبض ، أي : أسرع في السوق ، قال الراجز :


                                                          ولو رأت بنت أبي الفضاض     وسرعتي بالقوم وانقباضي



                                                          ، والعير يقبض عانته : يشلها . وعير قباضة : شلال ، وكذلك حاد قباضة وقباض قال رؤبة :


                                                          قباضة بين العنيف واللبق



                                                          قال ابن سيده : دخلت الهاء في قباضة للمبالغة ، وقد انقبض بها . والقبض : الإسراع . وانقبض القوم : ساروا وأسرعوا ، قال :


                                                          آذن جيرانك بانقباض



                                                          قال : ومنه قوله تعالى : أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن . والقنبضة من النساء : القصيرة ، والنون زائدة ، قال الفرزدق :


                                                          إذا القنبضات السود طوفن بالضحى     رقدن عليهن الحجال المسجف



                                                          والرجل قنبض ، والضمير في رقدن يعود إلى نسوة وصفهن بالنعمة والترف ، إذا كانت القنبضات السود في خدمة وتعب . قال الأزهري : قول الليث : القبيضة من النساء القصيرة تصحيف والصواب القنبضة بضم القاف والباء وجمعها قنبضات وأورد بيت الفرزدق .

                                                          ، والقباضة : الحمار السريع الذي يقبض العانة ، أي : يعجلها وأنشد لرؤبة :


                                                          ألف شتى ليس بالراعي الحمق     قباضة بين العنيف واللبق

                                                          الأصمعي : ما أدري ، أي القبيض هو كقولك : ما أدري ، أي الطمش هو وربما تكلموا به بغير حرف النفي قال الراعي :


                                                          أمست أمية للإسلام حائطة     وللقبيض رعاة أمرها الرشد



                                                          ويقال للراعي الحسن التدبير الرفيق برعيته : إنه لقبضة رفضة ، ومعناه : أنه يقبضها فيسوقها إذا أجدب لها المرتع ، فإذا وقعت في لمعة من الكلأ رفضها حتى تنتشر فترتع . والقبض : ضرب من السير . والقبضى : العدو الشديد وروى الأزهري عن المنذري عن أبي طالب أنه أنشده قول الشماخ :


                                                          وتعدو القبضى قبل عير وما جرى     ولم تدر ما بالي ولم أدر ما لها



                                                          قال : والقبضى ، والقمصى ضرب من العدو فيه نزو . وقال غيره : يقال قبص بالصاد المهملة يقبص إذا نزا فهما لغتان ، قال : وأحسب بيت الشماخ يروى : وتعدو القبصى بالصاد المهملة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية