الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار .

                                                                                                                                                                                                                                      بين تعالى في هذه الآية الكريمة : أن السر والجهر عنده سواء ، وأن الاختفاء والظهور عنده أيضا سواء ; لأنه يسمع السر كما يسمع الجهر ، ويعلم الخفي كما يعلم الظاهر ، وقد أوضح هذا المعنى في آيات أخر كقوله : وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير وقوله : وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى ، وقوله : ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور ، وقوله : ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ، إلى غير ذلك من الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      وأظهر القولين في المستخفي بالليل والسارب بالنهار : أن المستخفي هو المختفي المستتر عن الأعين ، والسارب هو الظاهر البارز الذاهب حيث يشاء ، ومنه قول الأخنس بن شهاب التغلبي :


                                                                                                                                                                                                                                      وكل أناس قاربوا قيد فحلهم ونحن خلعنا قيده فهو سارب

                                                                                                                                                                                                                                      أي : ذاهب حيث يشاء ظاهر غير خاف .

                                                                                                                                                                                                                                      وقول قيس بن الخطيم :


                                                                                                                                                                                                                                      أني سربت وكنت غير سروب     وتقرب الأحلام غير قريب

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : السارب : الداخل في السرب ليتوارى فيه ، والمستخفي : الظاهر ، من : خفاه يخفيه : إذا أظهره ، ومنه قول امرئ القيس :

                                                                                                                                                                                                                                      خفاهن من أنفاقهن كأنما     خفاهن ودق من عشي مجلب



                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية