الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب فضل الوضوء والصلاة عقبه

                                                                                                                227 حدثنا قتيبة بن سعيد وعثمان بن محمد بن أبي شيبة وإسحق بن إبراهيم الحنظلي واللفظ لقتيبة قال إسحق أخبرنا وقال الآخران حدثنا جرير عن هشام بن عروة عن أبيه عن حمران مولى عثمان قال سمعت عثمان بن عفان وهو بفناء المسجد فجاءه المؤذن عند العصر فدعا بوضوء فتوضأ ثم قال والله لأحدثنكم حديثا لولا آية في كتاب الله ما حدثتكم إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يتوضأ رجل مسلم فيحسن الوضوء فيصلي صلاة إلا غفر الله له ما بينه وبين الصلاة التي تليها وحدثنا أبو كريب حدثنا أبو أسامة ح وحدثنا زهير بن حرب وأبو كريب قالا حدثنا وكيع ح حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان جميعا عن هشام بهذا الإسناد وفي حديث أبي أسامة فيحسن وضوءه ثم يصلي المكتوبة

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( وهو بفناء المسجد ) هو بكسر الفاء وبالمد ، أي بين يدي المسجد وفي جواره . والله أعلم .

                                                                                                                وقوله : ( والله لأحدثنكم حديثا ) فيه : جواز الحلف من غير ضرورة الاستحلاف .

                                                                                                                قوله : ( لولا آية في كتاب الله تعالى ما حدثتكم ) ثم قال عروة : الآية : إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات الآية ) معناه : لولا أن الله تعالى أوجب على من علم علما إبلاغه لما كنت حريصا على تحديثكم ولست متكثرا بتحديثكم ، وهذا كله على ما وقع في الأصول التي ببلادنا ، ولأكثر الناس من غيرهم ( لولا آية ) بالياء ومد الألف ، قال القاضي عياض : وقع للرواة في الحديثين ( لولا آية ) بالياء إلا الباجي فإنه رواه في الحديث الأول ( لولا أنه ) بالنون ، قال : واختلف رواة مالك في هذين اللفظين ، قال : واختلف العلماء في تأويل ذلك ، ففي مسلم قول عروة : إن الآية هي قوله تعالى : إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات وعلى هذا لا تصح رواية النون . وفي الموطأ قال مالك : أراه يريد هذه الآية وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل الآية وعلى هذا تصح الروايتان ويكون معنى رواية النون : لولا أن معنى ما أحدثكم به في كتاب الله تعالى ما حدثتكم به لئلا تتكلوا ، قال القاضي : والآية التي رآها عروة وإن كانت نزلت في أهل الكتاب ففيها تنبيه وتحذير لمن فعل فعلهم وسلك سبيلهم ، مع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد عم في الحديث المشهور من كتم علما ألجمه الله بلجام من نار هذا كلام القاضي . والصحيح تأويل عروة . والله أعلم .

                                                                                                                قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( فيحسن الوضوء ) أي : يأتي به تاما بكمال صفته وآدابه ، وفي هذا آداب الوضوء وشروطه والعمل بذلك والاحتياط فيه والحرص على أن يتوضأ على وجه يصح عند جميع [ ص: 465 ] العلماء ولا يترخص بالاختلاف ، فينبغي أن يحرص على التسمية والنية والمضمضة والاستنشاق والاستنثار واستيعاب مسح الرأس ومسح الأذنين ودلك الأعضاء والتتابع في الوضوء وترتيبه وغير ذلك من المختلف فيه وتحصيل ماء طهور بالإجماع . والله سبحانه وتعالى أعلم .

                                                                                                                قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( غفر له ما بينه وبين الصلاة التي تليها ) أي : التي بعدها ، فقد جاء في الموطأ ( التي تليها حتى يصليها ) .




                                                                                                                الخدمات العلمية