القول في تأويل قوله تعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=27521_28723_29694_30523_30526_30558_34092_34298_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=116إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا [116]
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=116إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء قد مر الكلام على هذه الآية الكريمة في أوائل هذه السورة مطولا، قالوا: تكريرها إما تأكيدا وتشديدا أو لتكميل قصة طعمة، وقد مر موته كافرا.
أو: إن لها سببا آخر في النزول، على ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13968الثعلبي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال:
جاء شيخ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: إني شيخ منهمك في الذنوب، إلا أني لم أشرك بالله شيئا منذ عرفته وآمنت به، ولم أتخذ من دونه وليا، ولم أوقع المعاصي جراءة، وما توهمت طرفة عين أني أعجز الله هربا، وإني لنادم تائب، فما ترى حالي عند الله سبحانه وتعالى؟ فنزلت.
واستظهر بعضهم الوجه الأخير قال: لأن التأكيد - مع بعد عهده - لا يقتضي تخصص هذا الموضع، فلا بد له من مخصص.
وأغرب
المهايمي حيث جعلها مشيرة إلى شقي الآية الكريمة، حيث قال: ثم أشار إلى أن وعيد مشاقة الرسول جازم دون مخالفة الإجماع؛ لأن مشاقة الرسول دليل تكذيبه، وهو مستلزم للشرك بالله، إذ خلق المعجزات لا يكون إلا لكامل القدرة، ولا يكون إلا لإله، فإذا نفاها عن الله فقد أثبت له شريكا، وأن الله لا يغفر أن يشرك به. ومخالفة الإجماع يجوز أن تكون مغفورة؛ لأنه يغفر ما دون ذلك لمن يشاء، إذ لا تنتهي إلى الشرك. وكل هذه المناسبات دالة - دون ذلك قطعا - على دلالة هذه الآية، على أن
nindex.php?page=treesubj&link=28675ما سوى الشرك مغفور قطعا، سواء حصلت التوبة أو لم تحصل.
[ ص: 1564 ] وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي - رضي الله عنه - أنه قال: ما في القرآن آية أحب إلي من هذه الآية:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=116إن الله لا يغفر أن يشرك به الآية
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=116ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا أي: عن الحق، فإن الشرك أعظم أنواع الضلالة وأبعدها عن الصواب والاستقامة، وإنما ذكر في الآية الأولى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48فقد افترى لأنها متصلة بقصة أهل الكتاب، ومنشأ شركهم كان نوع افتراء، وهو دعوى التبني على الله تعالى بقولهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=18نحن أبناء الله وأحباؤه قاله
القاضي .
وفي (السمين): ختمت الآية المتقدمة بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48فقد افترى وهذه بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=116فقد ضل لأن الأولى في شأن أهل الكتاب وهم عندهم علم بصحة نبوته، وأن شريعته ناسخة لجميع الشرائع، ومع ذلك فقد كابروا في ذلك وافتروا على الله، وهذه في شأن قوم مشركين ليس لهم كتاب ولا عندهم علم، فناسب وصفهم بالضلال، وأيضا قد تقدم هنا ذكر الهدى وهو ضد الضلال. انتهى.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=treesubj&link=27521_28723_29694_30523_30526_30558_34092_34298_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=116إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيدًا [116]
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=116إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ قَدْ مَرَّ الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ فِي أَوَائِلِ هَذِهِ السُّورَةِ مُطَوَّلًا، قَالُوا: تَكْرِيرُهَا إِمَّا تَأْكِيدًا وَتَشْدِيدًا أَوْ لِتَكْمِيلِ قِصَّةَ طُعْمَةَ، وَقَدْ مَرَّ مَوْتُهُ كَافِرًا.
أَوْ: إِنَّ لَهَا سَبَبًا آخَرَ فِي النُّزُولِ، عَلَى مَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13968الثَّعْلَبِيُّ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
جَاءَ شَيْخٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ: إِنِّي شَيْخٌ مُنْهَمِكٌ فِي الذُّنُوبِ، إِلَّا أَنِّي لَمْ أُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا مُنْذُ عَرَفْتُهُ وَآمَنْتُ بِهِ، وَلَمْ أَتَّخِذْ مِنْ دُونِهِ وَلِيًّا، وَلَمْ أُوقِعِ الْمَعَاصِيَ جَرَاءَةً، وَمَا تَوَهَّمْتُ طَرْفَةَ عَيْنٍ أَنِّي أُعْجِزُ اللَّهَ هَرَبًا، وَإِنِّي لَنَادِمٌ تَائِبٌ، فَمَا تَرَى حَالِي عِنْدَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟ فَنَزَلَتْ.
وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمُ الْوَجْهَ الْأَخِيرَ قَالَ: لِأَنَّ التَّأْكِيدَ - مَعَ بُعْدِ عَهْدِهِ - لَا يَقْتَضِي تَخَصُّصَ هَذَا الْمَوْضِعِ، فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُخَصِّصٍ.
وَأَغْرَبَ
الْمَهَايِمِيُّ حَيْثُ جَعَلَهَا مُشِيرَةً إِلَى شِقَّيِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، حَيْثُ قَالَ: ثُمَّ أَشَارَ إِلَى أَنَّ وَعِيدَ مُشَاقَّةِ الرَّسُولِ جَازِمٌ دُونَ مُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ مُشَاقَّةَ الرَّسُولِ دَلِيلُ تَكْذِيبِهِ، وَهُوَ مُسْتَلْزِمٌ لِلشِّرْكِ بِاللَّهِ، إِذْ خَلْقُ الْمُعْجِزَاتِ لَا يَكُونُ إِلَّا لِكَامِلِ الْقُدْرَةِ، وَلَا يَكُونُ إِلَّا لِإِلَهٍ، فَإِذَا نَفَاهَا عَنِ اللَّهِ فَقَدْ أَثْبَتَ لَهُ شَرِيكًا، وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ. وَمُخَالَفَةُ الْإِجْمَاعِ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَغْفُورَةً؛ لِأَنَّهُ يَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ، إِذْ لَا تَنْتَهِي إِلَى الشِّرْكِ. وَكُلُّ هَذِهِ الْمُنَاسَبَاتِ دَالَّةٌ - دُونَ ذَلِكَ قَطْعًا - عَلَى دَلَالَةِ هَذِهِ الْآيَةِ، عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28675مَا سِوَى الشِّرْكِ مَغْفُورٌ قَطْعًا، سَوَاءٌ حَصَلَتِ التَّوْبَةُ أَوْ لَمْ تَحْصُلْ.
[ ص: 1564 ] وَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=13948التِّرْمِذِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: مَا فِي الْقُرْآنِ آيَةٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=116إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ الْآيَةَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=116وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيدًا أَيْ: عَنِ الْحَقِّ، فَإِنَّ الشِّرْكَ أَعْظَمُ أَنْوَاعِ الضَّلَالَةِ وَأَبْعَدُهَا عَنِ الصَّوَابِ وَالِاسْتِقَامَةِ، وَإِنَّمَا ذُكِرَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48فَقَدِ افْتَرَى لِأَنَّهَا مُتَّصِلَةٌ بِقِصَّةِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَمَنْشَأُ شِرْكِهِمْ كَانَ نَوْعَ افْتِرَاءٍ، وَهُوَ دَعْوَى التَّبَنِّي عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِقَوْلِهِمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=18نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قَالَهُ
الْقَاضِي .
وَفِي (السَّمِينِ): خُتِمَتِ الْآيَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48فَقَدِ افْتَرَى وَهَذِهِ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=116فَقَدْ ضَلَّ لِأَنَّ الْأُولَى فِي شَأْنِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَهُمْ عِنْدَهُمْ عِلْمٌ بِصِحَّةِ نُبُوَّتِهِ، وَأَنَّ شَرِيعَتَهُ نَاسِخَةٌ لِجَمِيعِ الشَّرَائِعِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ كَابَرُوا فِي ذَلِكَ وَافْتَرَوْا عَلَى اللَّهِ، وَهَذِهِ فِي شَأْنِ قَوْمٍ مُشْرِكِينَ لَيْسَ لَهُمْ كِتَابٌ وَلَا عِنْدَهُمْ عِلْمٌ، فَنَاسَبَ وَصْفَهُمْ بِالضَّلَالِ، وَأَيْضًا قَدْ تَقَدَّمَ هُنَا ذِكْرُ الْهُدَى وَهُوَ ضِدُّ الضَّلَالِ. انْتَهَى.